20-فبراير-2022

(فيسبوك/الترا جزائر/ صورة أرشيفية/)

بعث رفض غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء الجزائر قبل أيام طلب الإفراج عن "المؤثرين" الموقوفين في قضية شبكة النصب والاحتيال على الطلبة النقاش من جديد حول ضرورة تنظيم عمل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسد الثغرات القانونية التي يعرفها هذا القطاع في الجزائر.

يرى مهتمون بالمجال الرقمي والتكنولوجيات الحديثة أن وقوع "ريفكا" وزملائه في هذا الملف، قد يكون من بين أسبابه الفوضى التي تعيشها الجزائر في هذا المجال

وإذا كان النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد أخذ طابعًا تنظيما ورسميًا في عدة دول، بالنظر إلى ما أصبح يمثله هذا القطاع من أهمية في عمليات التسويق، والإعلانات، كونه صار سوقًا تجارية يتم فيها تداول مبالغ مالية ضخمة في الدول التي تطور فيها العمل الرقمي بشكلٍ سريع.

اقرأ/ي أيضًا: قضية "فيوتشر غايت".. الحبسُ لـ" ريفكا" ونوميديا لزول

حادثة عابرة

في الـ 12 من شهر كانون الأول/جانفي الماضي، صدم بيان للمديرية العامة للأمن الوطني الرأي العام في الجزائر لما تضمنه من معطيات حول تعرض أزيد من 75 طالبًا جزائريًا للنصب والاحتيال من طرف شركة وهمية، قام بالترويج لها نجوم مواقع التواصل الاجتماعي.

وتضمن بيان الشرطة الجزائرية أن هذه الشبكة قدمت عروضًا مغرية للطلبة عبر منصات التواصل الاجتماعي، موهمة ضحاياها بالتسجيل ومزاولة الدراسة على مستوى جامعات أجنبية بكل من أوكرانيا وتركيا وروسيا.

وأشار بيان الشرطة إلى إلقاء القبض على المدبّرين الرئيسيين الثلاثة لعملية النصب الذين كانوا ينسقون عملياتهم الاحتيالية مع أطراف أجنبية، وذلك بالاستعانة ببعض الوجوه الجزائرية المؤثرة عبر منصات التواصل الاجتماعي "للترويج لهذه الخدعة".

وبينما كان البعض ينتظر أن يمنح إخلاء سبيل للمؤثرين اللذين روجوا لشبكة الاحتيال بالنظر لنفيهم و التهم الموجهة إليهم، جاءت قرارات قاضي التحقيق لدى محكمة الدار البيضاء بالعاصمة الجزائر مغايرة لذلك، بعد أن أمر بوضع ثلاثة من نجوم مواقع التواصل الاجتماعي رهن الحبس المؤقت، وهم فاروق بوجملي المعروف بـ" ريفكا"، والممثلة والمغنية نوميديا لزول وأبركان محمد المعروف باسم "ستانلي".

دون صفة

يرى مهتمون بالمجال الرقمي والتكنولوجيات الحديثة أن وقوع "ريفكا" وزملائه في هذا الملف، قد يكون من بين أسبابه الفوضى التي تعيشها الجزائر في هذا المجال، وبالخصوص في غياب قانون إشهار بصفة عامة، ويهتم بالمجال الإلكتروني والافتراضي بشكل خاص.

وبالنظر إلى التشريعات المنظمة في الجزائر، يتضح أن القانون الجزائري لا يقدم صفة تعريفية فحتى اليوم للناشطين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم ممارستهم نشاطات فنية وتجارية وإعلانية أمام مسمع الكل سواء وزارة التجارة أو الاتصال أو البريد.

وإذا كانت مشاركتهم في الأعمال الفنية، خاصّة في الأعمال التلفزيونية قد أثيرت أكثر من مرة بشأن علاقتهم بالتمثيل والفن الذي  اقتحمه أغلبهم برصيد عدد المعجبين والمشاهدات التي يحوزونها، فإن العائدات المالية التي يحققونها ظلت في الغالب في الجزائر بعيدة عن النقاش الدائر، بل إن كثيرين لا يزالون لا يؤمنون حتى اليوم أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منصات للعمل وكسب المال  من داخل البلاد وخارجها.

وأشار خبير تكنولوجيات الإعلام والاتصال الدكتور يونس قرار في تصريح لقناة "الحرة"، إلى أن المؤثرين الجزائريين رغم أنهم يجنون أموالًا عبر نشاطاتهم يظلون "دون أية صفة قانونية"، بالنظر إلى أن نشاطهم التجاري ليس له وجود صريح متعارف عليه في الجزائر.

وأشار قرار إلى أن الضبابية التي تطبع القانون المنظم لهذا النوع من القضايا، تجعلنا نطرح تساؤلات حول مدى تحميل المسؤولية للمؤثرين على "مشاركتهم" في جريمة قام بها طرف آخر.

وقال قرار إن السؤال الأساسي الذي يطرح في هذه القضية يتمثل في "هل يجب اعتبار الشركة المتهمة بالاحتيال مسؤولة وحدها أم أنه يمكن اعتبار المؤثرين مشاركين في الجريمة؟".

ليست حجة

هنا، لا ينكر محمد حليس الذي يملك مؤسسة ناشئة مختصة في الاستشارات القانونية والرقمنة وتنشط تحت رعاية الوكالة الوطنية للتطوير الحظائر التكنولوجية بسيدي عبد الله بالعاصمة، في حديثه مع "الترا جزائر" وجود فوضى وضبابية في المجال الرقمي وعمل المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أنه يشير إلى أن هذه الفوضى هي نتاج عدم اطلاع الأشخاص والمؤسسة الناشئة حديثًا بقوانين التبادلات الاقتصادية بين المتعاملين المعمول بها، لذلك نلاحظ أن "الضحايا والمتهمين يستعملون في تصريحاتهم مصطلحات قانونية دون معرفة تطبيقها".

وبالرغم من قلة التشريعات الجزائرية في هذا المجال، إلا أن حليس يؤكد أنه "لا يوجد أي فراغ قانوني" يسمح للمؤثرين في الوقوع في جرائم احتيال دون علمهم، مبينًا أن  "المادة 106 من القانون المدني تقول إن العقد هو شريعة المتعاقدين شرط أن يتحقق رضا الطرفين ولا يخالف القانون المعمول به".

وأضاف "أما بالنسبة للمؤسسة، فإن قانوني التجارة والعمل قد ألما بجميع الحالات التي تعتبر مخالفة للقانون والتي تمس بالاقتصاد البلاد، وعند عدم وجود حالة غير مقننة في القوانين السابقة تقنن في عقد حسب المادة 106 من القانون المدني".

وبناء على ذلك، يشير حليس إلى أنه في الوقت الحالي  "يمكن التعامل مع المؤثرين عن طريق عقد يحدد التزام كل الأطراف، ويبين كيفية تنفيذ هذا الالتزام والضمانات المقدمة في حال عدم احترامه".

ويلفت محمد حليس إلى أن الاحتكام لهذا العقد يجعل المؤثّرين ملزمين بعقد إشهار قانوني، يمكنهم من حقوق ويلزمهم بواجبات منها دفع الضرائب.

 على السلطات التعجيل بإصدار تشريعات منظمة تحمي الناشطين في هذا المجال وتضمن حقوق الزبائن حتى لا يستيقظ الجزائريون على جريمة أخرى

وفي انتظار أن تكشف التحقيقات مدى علاقة مؤثري التواصل الاجتماعي شبكة الاحتيال على الطلبة، إن كانوا طرفًا في الجريمة أم لا، يطالب متابعون السلطات بالتعجيل بإصدار تشريعات منظمة تحمي الناشطين في هذا المجال وتضمن حقوق الزبائن حتى لا يستيقظ الجزائريون على جريمة أخرى، بما أن هذا النشاط لا يزال مستمرًا حتى ولو يتابع اليوم بعض نجومه بتهمة النصب والاحتيال.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تتقدمهم نوميديا.. 4 "مؤثرين" متورطين في قضية احتيال كبرى أمام المحكمة

قضيّة المُؤثرين.. الأمن يصدر بيانًا حول شبكة الاحتيال على طلبة جزائريين