باشرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قبل أيّام عملية توظيف الحاصلين على شهادة الدكتوراه والماجستير المسجلين في المنصة الرقمية التابعة لها، وتوظيفهم بعد مسابقة وطنية على مستوى مختلف الجامعات وحسب المناصب الشاغرة، بناءً على قرارات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
اعتبر عدد من المقصيين من التوظيف أن فتح منصة إلكترونية لتسجيل الدكاترة يعتبر "خطأ" تتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية الوزارة الوصية
في مرحلة أولى، تعتزم الوزارة إيجاد حل لملف لأكثر من 25 ألف دكتور بطال على المستوى الوطني، غير أن العملية عرفت العديد من التجاوزات بعضها تقني والبعض الآخر يتعلق بحرمان الدكاترة الأُجراء من التوظيف في الجامعات، وهو ما دفع الآلاف إلى الاحتجاج والاعتصامات التي تدعو لها التنسيقية الوطنية لحاملي الماجيستير والدكتوراه خلال الشهر الحالي.
بعملية حسابية، أشرفت الوزارة على توزيع ما يقارب 7400 منصب عبر الجامعات، وبحسب المتطلبات البيداغوجية والاحتياجات كأساتذة مساعدين صنف "ب"، وهي المناصب التي ستكون حليفة البطالين من الدكاترة وحاملي الماجستير، بناء على إحصائيات أجرتها الوزارة قبل شهرين من خلال منصة التعاقد المباشر معهم، شرط أن يكون ملف المعنيين لا يتعلق بالأجراء أو الموظفين في أي مؤسسة كانت.
هذا الإجراء من شأنه أن يُعطي الحق لتوظيف البطالين كأولوية وعلى رأس القائمة، بحسب وزارة التعليم العالي، إذ اعتبرت الوصاية هذه العملية لن تكون دفعة واحدة بل ستتم على مراحل، تبدأ بالتوظيف للبطالين، موضّحة أنه من حق أي حائز على شهادة دكتوراه أو ماجستير علوم أن يحصل على منصب في الجامعة سواءً في سلك التعليم أو في مخابر البحوث المنضوية تحت وصاية وزارة التعليم العالي.
وفي مرحلة أخرى، من المنتظر أن تمتص هذه العملية مختلف الدكاترة الأجراء، عبر منصة إلكترونية خاصة بالتعاقد معهم، مع الأخذ بالاعتبار أقدمية الشهادة بعد تسوية وضعتهم القانونية والتزامهم مع الجامعة، إذ تمنح الفرصة للجميع عبر مسابقات التوظيف حسب احتياجات الجامعات التي ستتم بشكل عادي في الموسم الجامعي 2023-2024.
جدل الملفات
مسار التوظيف الذي اتخذته الوزارة، أحدث جدلًا واسًعا بين بين حاملي شهادة الدكتوراه، إذ يشدد الدكتور محمد كريم لعلاوي، وهو أحد أعضاء التنسيقية الوطنية لحاملي وطلبة الدكتوراه والماجستير بـ" لاعدالة في تصنيف الملفات"، فضلًا عن " إقصاء الأجراء من التوظيف في الجامعة، وحرمانهم من تكافؤ فرصة المسابقة الروتينية والتوظيف على أساس ملف بيداغوجي وسيرة أكاديمية ومنصب متاح".
وأضاف لعلاوي في تصريح لـ" الترا جزائر" أن الدكاترة يطالبون بالتوظيف المباشر وليس إجراءات "معقدة جدًا" في مقابل وجود تلاعبات بالملفات، متسائلًا عن مسائل تتعلق بالمستوى الأكاديمي، والملف الخاص بالبحث، قائلًا كيف يمكن أن يتم توظيف حاصل على دكتوراه في سن 29 سنة بينما يرفض ملف حاصل على دكتوراه في سن الـ45؟
وعليه، تحضر التنسيقية لتنظيم وقفة احتجاجية يوم السابع من شهر أغسطس الجاري وتسليم رسالة للرئيس عبد المجيد تبون، عبر وزارة التعليم العالي، داعية إلى التوظيف المباشر لكل حملة الشهادات العليا من الدكتوراه والماجستير دون تمييز.
نقص التأطير
اعتبرت النائب عن حركة مجتمع السلم خديجة بلقاضي أن قضية الدكاترة تبقى "شوكة" في حلق المنظومة التعليمية الجامعية، داعية إلى حل هذا الإشكال سواءً بالنسبة لحاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه الأجراء وكل من لم يستطع التسجيل لسبب ما من التسجيل في التوظيف في المنصّة الإلكترونية الخاصة بتعداد ووضع ملفات التوظيف.
وذكرت بلقاضي العضوة في لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحرّيات على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني)، بأنه إطار المتابعة المستمرة لوضعية حاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه، تم رفع حالة العجز في التأطير الذي تعاني منه الجامعة، حيث أن العجز قدر بـ30 ألف أستاذ، ولترقية التعليم في الجامعة والسير بها نحو التطور وتزامنًا مع وجود حوالي 10 آلاف بين دكتور أجير ودكتور بطال لم يتمكن من التسجيل في المنصة.
وفي ظلّ هذه الاحتياجات في الجامعة، طالبت بلقاضي بفتح عدد كاف من المناصب لاستيعاب حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير الذين لم يسجلوا في قانون المالية لسنة 2024 والذي أصبح أكثر من ضرورة.
تظل مسألة التأطير البيداغوجي في الجامعات أحد المطبّات بالنظر إلى عدد الطلبة الجدد سنويًا، وتراكمية التأطير بالنسبة للمقبلين على التخرج.
هنا، يتحدث النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، حسين حبشي، عن "رقم مهم" وجب الالتفات إليه، ففي مراسلة منه لوزير المالية لتوظيف حملة الدكتوراه والماجستير الأجراء، قال إن التوظيف في الجامعة هو المكان الطبيعي للباحثين، ودعمًا للجامعة الجزائرية التي تعاني عجزًا فادحًا في التأطير، الذي قدر حسبه في جامعة واحدة بأكثر من 1750 أستاذًا.
وفي إطار مبدأ تكافؤ الفرص بحسب الدستور والقوانين الجمهورية، أكد النائب حبشي في مراسلته التي حصلت "الترا جزائر" على نسخة منها، أن العجز في الجامعات يقدر بـ 30 ألف أستاذ إذا علمنا بأن الجامعة تضم أكثر من مليون و800 ألف طالب يؤطرهم 65 ألف أستاذ، وهذا بحسب المعايير الدولية التي تحدد أستاذا واحدا لكل 18 طالب، لذا فإن فتح المناصب للبطالين فقط لن تحقق التوازن والكفاءة للتكوين.
ولرفع الظلم عن " نخبة الجامعة الجزائرية"، دعا النائب الرئيس عبد المجيد تبون إلى إنصاف حملة الماجستير والدكتوراه الأجراء وذلك بـ" توفير وفتح مناصب مالية كما ونوعًا مع عدد الأجراء الذين تم إقصاؤهم من المسابقة الأخيرة التي خصصت للبطالين فقط".
من جهتهم اعتبر عدد من المقصيين من التوظيف، أن فتح منصة إلكترونية لتسجيل الدكاترة يعتبر "خطأ" تتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية الوزارة الوصية، وطالب الحاصل على الدكتوراه – تخصص علم اجتماع تنظيمي- في عام 2019، يزيد بوعاتي إلى "التوقف الفوري" عن توظيف البطالين فقط دون فتح منصة للأجراء أيضًا، مع اتخاذ إجراءات ومعايير لاختيار الدكاترة من بين البطالين والأجراء على حد سواء في حدود المناصب المعلن عنها في الجامعات والمراكز الجامعية.
كما دعا بوعاتي إلى احترام القانون والدستور وعدم التمييز بين الدكاترة البطالين والأجراء، واقترح فتح مناصب جديدة ووضع مقاييس لانتقاء الدكاترة حتى الانتهاء من التوظيف المباشر للجميع على حدٍّ سواء.