22-مارس-2020

المركز التجاري بباب الزوار (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

 منذ بدء تفشي فيروس كورونا في الجزائر، وتسارع وتيرة انتقال العدوى، وارتفاع عدد المصابين والوفيات، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات تطوّعية تعمل على الحدّ من انتشار الوباء، وسرعان ما انتقلت هذه المبادرات من العالم الافتراضي إلى الواقع، ليُظهر الجزائريون من جديد حسّهم التضامني في أصعب الظروف.

استبقت تلك المبادرات المجتمعية، الإجراءات الوقائية التي أتى بها خطاب الرئيس

استبقت تلك المبادرات المجتمعية، الإجراءات الوقائية التي أتى بها خطاب الرئيس، حيث أخذ المجتمع المدني أفرادًا وجمعيات ومؤسّسات خاصّة على عاتقه مهمة التنظيم والتوعية ضدّ وباء كورونا، بل وسبقت حتّى إعلان وزارة الاتصال الجزائرية، عن فتح حسابين بنكيين، لدى بريد الجزائر والخزينة العمومية، لتلقي مساهمات المواطنين، لدعم جهود السلطات لمنع تفشي فيروس كورونا.

اقرأ/ي أيضًا: لجنة متابعة كورونا.. احذروا تناول "كلوروكين" تلقائيًا

مواطنون متطّوعون

لا يخفى على أحد الروح التضامنية العالية التي يمتلكها الجزائريون، والتي تظهر أساسًا في مثل هذه الظروف، حين تمسّ البلاد كوارث طبيعية أو وضعا قاهرًا، حيث يتأقلم الجزائريون سريعا مع الوضع، ويبدؤون في التكيف والتنظّم لإطلاق مبادرات مجتمعية.

في مدن عديدة، قام شباب متطوّع بتكوين مجموعات من أجل تطهير وتعقيم المدن، حيث يجمعون المال والمساعدات من طرف المواطنين أو أصحاب المحلّات، كما يقوم المواطنون والسلطات المحليّة بتوفير الوسائل اللازمة من شاحنات وجرارات وخزانات الماء المتنقلة، لتملأ بالمواد المعقمة وتبدأ عملية تطهير المحلّات والمقاهي والساحات العمومية.

يقود زكي مجموعة من الشباب المتطوّع، للقيام بعملية تحسيسية وتوزيع ملصقات والتحضير لعملية تعقيم المدينة، يقول زكي في حديث إلى "الترا جزائر"، إنّه في مدينة الأسنام بالبويرة شرقي العاصمة، "حامت حالة من الذعر والفزع، بعد أن ظهرت فيها أوّل حالة مؤكدة لفيروس كورونا لشيخ عائد من العمرة، قمت رفقة شباب من جمعية محلية بالتحضير لعملية تعقيم وتطهير دون انتظار السلطات المحلية"، ويضيف محدث "الترا جزائر"، إنّه "كان من الواجب أيضًا طمأنة الناس من جهة، ومحاولة إقناعهم بضرورة البقاء في منازلهم قيد المستطاع، وعدم الخروج إلا في حالة الضرورة، لا تهاون أمام الموت". 

مخابر جامعية تتطّوع

في هذا السياق، انتشرت منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي، صور وفيديوهات لمخابر علمية يشرف عليها أساتذة جامعيون وطلبة، يقومون بصنع مراهم التعقيم  والمطهرات الكحولية، بعد أن تبيّنت ندرتها في الصيدليات بسبب نقص المخزون أو بسبب المضاربة، ما جعل المواطنين لا يجدون هذه المطهرات التي توصي بها الجهات الوصية من أجل الوقاية من الإصابة بالعدوى بفيروس كورونا.

وأمام هذا الأمر، تجنّدت مخابر كل من جامعة باجي مختار بعنّابة، ومولود معمري بتيزي وزو، وكذا مخبر العلوم الطبيعية التابع لجامعة محند أكلي ولحاج بالبويرة، بإنتاج مطهرات ومعقّمات وتوزيعها مجانًا على المواطنين أو على المصالح الإستشفائية، هنا، يرى عميد جامعة البويرة البروفيسور لطفي موني، في اتصال مع "الترا جزائر"، أنّ الهدف وراء هذه المبادرة، هو سدّ العجز الحاصل في المحاليل المطّهرة في الصيدليات والمستشفيات من جهة، وكسر المضاربة من جهة أخرى، كما أنّ الأمر يعتبر واجبًا وطنيًا في مثل هذه الظروف، ويضيف البروفيسور موني: "نقوم بتوزيع المحلول المصنوع لدى مختبرنا نحو مستشفى محمد بوضياف، وكذا وحدات الحماية المدنية"، ويُبرز المتحدّث أن المحلول المطّهر والمعقّم المصنوع من طرفهم، يستجيب للمعايير الصحيّة العالمية، على حدّ قوله.

كمامات للجميع

في مدينة البويرة، حوّل الشاب فاتح زيرڨ محلّ الخياطة التي يمتلكه، إلى ورشة صغيرة لصنع الكمامات بعد أن نفذت في الصيدليات وبات المواطنون يعيشون يوميا هاجس العثور على كمامة قد تقيهم من لحظة عابرة قد تكون سببا في انتقال عدوى كورونا إليهم. 

 داخل تلك الورشة الصغيرة، يعكف خياطان على خياطة كمامات قماشية لتوزيعها مجانًا على المواطنين، أو منحها لبعض الجمعيات الناشطة لتقوم بعملية توزيعها على مستحقيها. كانت هذه هي الطريقة التي اختارها هذا الخياط ليقوم بواجبه الاجتماعي في مثل هذه الظروف، والمساعدة بطريقته الخاصة في توفير الكمامات التي أصبحت نادرة، وعلى شاكلة فاتح، غزت صور خياطين أو عائلات تصنع الكمامات القماشية في منازلها لتقوم بتوزيعها، هي طبعًا لا تحلّ محلّ الكمامات الطبية، لكن من يصنعونها يطلبون من مستخدميها تعقيمها بكحول طبّي.  

صحوة المسؤولية الاجتماعية

من جهتها، انخرطت بعض الشركات الخاصة والهيئات العمومية أيضًا في خطّ المتطوعين والمتبرعّين، بعرض خدماتها أو منتوجاتها مجانًا لفائدة الدولة أو المواطنين، ما يعني صحوة في الوعي ويقينًا بالمسؤولية الاجتماعية، التي تمتلكها كلّ شركة سواءً تجاه موظفيها أو غيرهم.

عمدت عديد الشركات المصنّعة لمواد التنظيف، أو صابون اليدين الموصى به من طرف وزارة الصحّة بتوزيع منتجاتها مجانًا للمواطنين أو المؤسّسات الاستشفائية، وسط ظهور حالات كثيرة من الاحتكار والمضاربة والزيادة في الأسعار، حيث انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات من تلك الشركات للجمعيات والمتطوعين لتزويدهم بالمواد المطهرة ومواد التنظيف.

في السياق ذاته ، أعلنت شركة خاصّة تختص في  تطبيقات سيارات الأجرة، عن توفيرها للنقل المجاني لفائدة مستخدمي قطاع الصحّة العاملين في المستشفيات والمصّحات لمجابهة خطر هذا الوباء القاتل، وقالت الشركة في بيان لها على صفحتها الرسمية على فيسبوك: "إنه لواجبنا الأخلاقي و الحضري والإنساني للتجند لمحاربة هذا الوباء، كل بإمكانياته، وهذا بتسهيل مهمّة العاملين بقطاع الصحّة ومساعدتهم بما نستطيع، لأنهم طوق نجاتنا في هذه المحنة".

من جهته، قام المسرح الوطني الجزائري، بتوفير المسرحيات التي قام بإنتاجها، أو التي أنتجتها المسارح الجهوية على موقع يوتيوب أو على صفحته بموقع التواصل فيسبوك، والهدف من وراء ذلك هو توفير مادّة للمواطنين الذين اختاروا  البقاء في منازلهم.

سطّر المركز الوطني للسينما والسمعي البصري برنامجًا افتراضيًا يتماشى مع أزمة كورونا

وعلى النهج نفسه، مضى المركز الوطني للسينما والسمعي البصري، الذي سطّر برنامجًا افتراضيًا تناغمًا مع أزمة كورونا،  فرغم أن المسارح مغلقة تماشيًا مع إجراءات الوقاية، إلا أن هذه المبادرات، ترمي إلى فك العزلة ورفع معنويات المواطنين في هذا الظرف، الذي لا يحتاج فقط إلى التبرّعات المادية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر في المرحلة الثالثة من تفشي كورونا.. ماذا بعد؟

فيروس كورونا.. اهتمام إعلامي بالبيئة والصحّة في الجزائر