سيجارة مفخّخة
لم تعد قطط القمامة تهرب، عند مرور أحدهم قربها. ولم يعد أطفال الحومة يردّون السّلام. وهو ما كان جدّي يضربني عليه في صغري.
(2)
كانوا ثلاثةً. وكانت أعمارهم لا تتجاوز الثّالثة عشر.
(3)
سلّمت عليهم، فلم يردّوا التحيّة. لأكتشف فيما بعد أنّها كانت حيلة منهم حتّى لا يكون ردّهم مقدّمةً لأن أنخرط معهم في الحديث، وأكتشف ما تخفيه أصابعهم وراء ظهورهم. متى ننتبه إلى أنّ غياب برنامج حضاري عامّ، يجعل ذكاء الأفراد والجماعات يصبّ في حماية الأخطاء والانزلاقات؟
(4)
فضح أنفي الكبير ما تخفي أصابعهم الصّغيرة، فحملتني شفقتي عليهم، على أن أقتحم مجلسهم، وأفتح أمامهم صفحة في "غوغل". عن مخاطر الحشيش على صحّة الإنسان.
(5)
كانوا يستمعون إلى القراءة في خشوع لذيذ، ممّا أعطاني انطباعًا بأنّني سأجني الثّمرة.
(6)
قالوا لي وأنا أنصرف متمنّيًا لهم ليلة مريحة:
ـ عمّو.. هذه آخر مرّة نحشّش فيها. ومن الصّعب أن ندخل بيوتنا الآن. فهل نجد عندك بعض الدّراهم نأكل بها.
(7)
لم يتعوّد بابي على طرق وقح مثل هذا. وهو ما أثار الرّعب داخل البيت. فتحت الباب، فوجدت والد أحد الأطفال الثلاثة:
ـ بأيّ حقٍّ تعطي المال لولدي كي يشتري الحشيش؟
(8)
ذهب نظري إلى الجرذ السّمين، الذّي كان يعبر في طمأنينة تامّة، مشتركًا مع القطط في الجرأة على الإنسان الجزائري.
زجاجة مفخّخة
ما بال الفتى "ع" أطال لحيتَه وقصّر سروالَه، وبات يُسابق العصافير إلى صلاة الفجر؟ وقد كان قبل أيّامٍ قليلاتٍ، يغرق في زجاجة نبيذ. وكان نادرًا ما يشرب الماء؟
(2)
"كل واحد حر فحياتو"، والحياة نفسُها بنتُ التقلّبات.
(3)
لكنّ الحرية لا تعني أن تزعج قيلولتي يا "ع"، بأن ترفع صوت المسجّلة، وهي ترسل القرآن العظيم.
ـ ها أنت قلتَ إنّه قرآن عظيم، فلماذا ترفض أن تسمعه؟
ـ أرفض أن أسمعه بهذه الطّريقة. ثمّ إنّ الصّغيرة مريم تحتاج إلى الهدوء كي تنام.
(4)
ما بال بعض شباب الحومة باتوا يتجنّبون لقائي، وقد كانوا يعترضون طريقي بالأحاديث؟
(5)
سألت الفتى "ز"، فاحمرّ وجهُه. ثم واجهني بهذا السّؤال: "هل فعلًا لا تحبّ القرآن؟".
(6)
التمستُ الفتى "ع" في مضاربه الجديدة، لأقول له إنّك فهمت كلام الله وكلامي على غير وجهيهما، فلم أعثر له على أثر. يا ربي.. ما يكونش راح لداعش؟
(7)
خرجت إلى الغابة لأمارس الرّكض، وإذا بنخبة من الكلاب الصّعلوكة تمارس شهوة النّباح في وجهي، وتذكّرني بكلّ رصيدي من مواجهة الكلاب.
(8)
طلع فتى حليق من بين الأشجار، وهو يحمل زجاجة نبيذ بيدٍ، ويهشّ على الكلاب بأخرى: ر
و
ح
ي
خلّي الشّششيخ نتاعنا يريّض.
(9)
ماذا تفعل هنا يا "ع"؟
اقرأ/ي أيضًا: