22-أبريل-2020

مغتربون جزائريون أطلقوا حملات تضامنية لمساعدة المحتجاين في رمضان (تصوير: عمار هافانا/Getty)

"أسبوعان بدون أي خبر، أو أن نعرف مصيرنا، نرسل الإيمايلات، نتّصل بالقنصلية، وردّوا في بعض الأحيان يقولون لنا: "أعطونا أسماءكم سنعاود الاتصال بكم، ولا أحد يتصل حتى من أجل الطمأنة علينا".

المهاجرون السرّيون الذين لا يملكون منصب عملٍ قارٍ ولا وثائق إقامة وجدوا أنفسهم في مأزق بفرنسا

"بالي مع من لم يبق معه نقود، مع من لم يجد مأوى، بالي مع الأهل وخوفهم فنيويورك لم تعد منطقة آمنة، بالي مع من لا يستطيع الخروج حتّى لشراء الحاجيات الأساسية أو الدواء خوفًا من العدوى، بالي في رمضان بعيدًا عن الأحبة، بالي مع الأخوة العالقين في جميع أنحاء العالم". 

اقرأ/ي أيضًا: عروضٌ افتراضية.. هل يملك الفنّ القدرة على كسر الحجر؟

هذا منشور لمحمد وأمينة، الزوجان الجزائريان الذي جابا كلّ بقاع العالم، منشور يحكي قصة واحدة، لكنه يُخفي وراءه مئات القصص لجزائريين شاءت الأقدار أن يعيشوا الجائحة دون عائلة، دون رفيق حتى، ودون مالٍ وبعضهم دون وثائق.

معاناة مضاعفة

 كانت فرنسا من بين الدول السبّاقة لاتخاذ تدابير الحجر المنزلي، خاصّة بعد أن تفشى المرض بشكلٍ رهيب في جارتيها إيطاليا وإسبانيا، فأغلقت المدارس وتم إلغاء التظاهرات وتقرّر تقليص عدد الموظفين في المؤسّسات العمومية والخاصّة، في قرارات أعلن عليها الرئيس إيمانويل ماكرون، حيث بات مفروضًا على المواطنين إمضاء تصريح شرفي قبل الخروج من المنزل، مع تبيان سبب الخروج، فإن لم يكن لأسباب ضرورية فيتمّ رفضه ويتم معاقبة المخالفين لهذه القرارات.

هذا الظرف الخاص، جعل كثيرًا من العاملين في مؤسسات خاصة، أو الذين يزاولون نشاطًا مستقلًا يتركون وظائفهم ويبقون دون عائدات، فيما تتضاعف الآثار عند الطلبة الجامعيين الأجانب الذي لا يملكون منحة، أمّا الفئة التي وجدت نفسها في مأزق هم المهاجرون غير النظاميين الذين لا يملكون منصب عملٍ قارٍ ولا وثائق، ويعملون دون حماية اجتماعية، مما جعلهم لا يستطيعون العمل من جهة، ولا يستطيعون الخروج لقضاء حوائجهم مخافة الوقوع في ورطة في أوّل حاجز أمني من جهة أخرى.

حنان ومحمد أمين، جزائريان قاطنان في باريس، انخرطا منذ بداية تفشي فيروس كورونا في فرنسا، في التفكير حول وضعية العائلات الجزائرية التي ستعاني من تداعيات توقف أفرادها عن العمل، وكذلك الأفراد والطلبة الجامعيين الذين يعملون بدوام غير كامل، والذين توقفوا عن العمل بعد توقف الشركات والمؤسّسات التي كانوا يتعاملون معها، كما يحرصون أيضًا على مساعدة المهاجرين غير النظاميين الذين ازدادت وضعيتهم سوءًا بعد الجائحة.

نجدة المهاجرين

تعارف محمد أمين وحنان وشبّان آخرون، في مسيرات الحراك الشعبي التي كانوا يحضرونها كل يوم أحد في باريس، فاختاروا مواصلو الحراك بطريقتهم الخاصّة، مساعدة الجزائريين العالقين والمتواجدين في وضعية مادية صعبة، يقول محمد أمين أمقران، في حديث إلى "الترا جزائر"، نحن نحاول إحصاء الجزائريين المتواجدين في باريس وضواحيها من أجل مدّ يد المساعدة لهم، نُحاول في أوّل الأمر جمع مواد غذائية من المحسنين الجزائريين الذين يبدون رغبة في التبرّع، خاصّة التجار وميسوري الحال، بعد ذلك نقوم بتوزيع أكياس تحتوي على أهمّ الحاجيات ونوزّعها على العائلات في أماكن سكناها".

يشرح محمد أمين العملية " نتواصل مع المتبرّعين والمحتاجين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا عبر أرقام هواتف خصصناها للعملية، العائق الأكبر الذي نلاقيه هو تباعد المسافات، والذي يستوجب منّا التنقل بإمكاناتنا الخاصّة، وخاصة لما تكون التبرّعات موجّهة للمهاجرين غير الشرعيين الذين لا يستطيعون القدوم إلينا، أو الخروج لمكان بعيد عن أماكن تواجدهم، كنّا نودّ أيضًا مساعدتهم على دفع الإيجارات الشهرية، لكنّنا لاعتبارات كثيرة قرّرنا المساعدة بجمع المواد الغذائية فقط، وبفضل الله ومساعدة المحسنين قمنا بتوزيع 300 قفة، وأطلقنا عملية أخرى وهي قفة رمضان للعائلات الجزائرية والمغتربة في فرنسا".

وينهي محمد أمين حديثه "وضعنا رابطًا من أجل من يودّ التبرّع بالمال عبر تطبيق بايبال، نلتمس الخير في الجزائريين ونثق في روحهم التضامنية، فشعار هذه العملية هو أنّ البذور المزروعة بحبّ هي من تعطي أفضل الثمار". 

يدّ واحدة

غير بعيد عن فرنسا، تعيش الإعلامية نادية درّاجي، في إقليم كاتالونيا في إسبانيا منذ سنوات، لكنها تعيش كباقي المغتربين تجربة خاصّة جدًا في هذا الظرف. الجسد في أرض بعيدة، والقلب مع العائلة في الجزائر، تجربة تمرّ فيها الأيام على وقع تضارب في الأنباء والأرقام.

لم تتأخّر الجالية الجزائرية في إسبانيا أيضًا عن تقديم المساعدة، خاصّة للعائلات التي ستعاني ماليًا خلال هذه الفترة، عن ذلك تقول نادية درّاجي لـ "الترا جزائر"، إنهّم يعملون مع عمدة مدينة ليريدا وهو رئيس المقاطعة من أجل مساعدة العائلات والأفراد. فالعائلات التي ليس لها دخلٌ بسبب توقّف العمل، سيتمّ مساعدتها وإعفاؤها من دفع فواتير الكهرباء والغاز".

لم تتأخّر الجالية الجزائرية في إسبانيا أيضًا عن تقديم المساعدة، خاصّة للعائلات التي ستعاني ماليًا خلال هذه الفترة

وتواصل الإعلامية الجزائرية حديثها "هناك أيضًا تضامن من خلال الهلال الأحمر، يتم الاتصال بالعائلات المعوزة. وهنا أيضًا وبالتعاون مع البلدية نقوم بترجمة كل القرارات والإجراءات وتوزيعها عبر تطبيق الوات ساب، وبما أنني عضو في جمعية محليّة تضمّ الكثير من الجزائريين، اتصل دوريًا، بمسؤول في السفارة الجزائرية لمعرفة كل جديد. نتصل أيضًا بالسيد عمر نومري، وهو رئيس بلدية هنا جزائري الأصل، يعمل على تسوية عمليات الدفن حسب تعاليم ديننا الحنيف، لقد تمكّن فعلًا من الظفر بقطعة أرضية لا قدر الله لدفن الجزائريين خاصّة والمسلمين عامة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشاب مامي يفتح قلبه: اكتشفت الحياة أثناء محنتي

الكاميرا الخفية في الجزائر.. برامج "الرعب" تستثمر في وباء كورونا