12-أبريل-2020

نورالدين بوكروح (الصورة: الجزائر اليوم)

فريق التحرير - الترا جزائر

وجّه السياسي والمفكر الجزائري، نور الدين بوكروح، انتقادًا لاذعًا للمنظومة الفكرية والعقدية التي يمثلها علماء الدين في المذاهب السنية والشيعية، بسبب ابتعادها عن الروح العلمية التي حرمت المسلمين، حسبه، من إنتاج علماء يواجهون فيروس كورونا.

قال بوكروح إنّ المسلمين اليوم يجنون ثمار اختفاء أطروحات التيّار العقلاني

وقال بوكروح الذي يقدّم نفسه تلميذًا للمفكّر مالك بن نبي، في مساهمة مطوّله له، إنّ المسلمين اليوم يجنون ثمار اختفاء أطروحات التيّار العقلاني، الذي عُرف في بدايات تاريخ الإسلام باسم "القدريين"، ولاحقًا باسم "المعتزلة".

وأوضح بوكروح، أن نواة هذا التيار قد تشكّلت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما بدأت النقاشات الأولى تُثار في صفوف المسلمين، مشيرا إلى أن  أنصار هذا التيار يؤمنون بالإرادة الحرّة للإنسان، عكس أولئك الذين، من تأثرهم العاطفي بتنزيل الوحي، كانوا يعتقدون أن الله يسير كل شيء حتى في أدق تفاصيل الحياة البشرية، وهم التيار الآخر الذي كان يسمى "الجبريين"، و كانوا يفضلون تفسيرًا حرفيًا للقرآن

وذكر رئيس حزب التجديد الجزائري سابقًا، أن الصراع بين التيارين توزّع على عدة جولات واستمر لعدة قرون، قبل أن ينتهي بانتصار التيار الحرفي الشكلي والاستسلامي، الذي تدعمه كتلة المؤمنين الذين جرى تأطيرهم، حسبه، دون هوادة عبر الوعظ في المساجد والدعوة في الشوارع.

وتابع في تحليله: "لقد فرضت أفكار هذا التيّار نفسها على مدارس المذهبين السني والشيعي على حدٍّ سواء، مع بعض الفوارق الضئيلة بينهما، وعبرت الزمن لغاية يومنا هذا عبر ثلاث مراحل، هي الأشعرية في القرن العاشر، السلفية مع ابن تيمية في القرن الرابع عشر، ثم الوهابية مع محمد ابن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، ما جعل أفكار هؤلاء الرجال الثلاثة، الذين يعتبرون المراجع الحقيقية للمذهب السني، هي التي تهيمن اليوم تحت لواء الإسلاموية".

واعتبر بوكروح أن حرّية الفكر التي منحها القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم، للمسلمين انتزعتها منهم في نهاية المطاف الذهنية التقليدية، فلم يعد لدينا منذ ذلك الحين، حسب رأيه، مخترعون ولا فلاسفة، بل آلاف الدعاة و الأئمة الذين لا يفكّرون ولا يكتبون، بل يكتفون بالوعظ في المساجد و الشوارع بالأمس، و على بلاطوهات التلفزيون و منصات التواصل الاجتماعي اليوم، أي أنه كما يقول، "لم يعد لدينا صلاح الدين و ابن سينا، و أصبح عندنا بن لادن والبغدادي".

واليوم في اعتقاد بوكروح، إذا لم يتمكّن أتباع الحضارات-الأديان الأربعة الأخرى، من القضاء على فيروس كوفيد 19 في غضون خمسة عشر يومًا، فإن العلم الديني القديم "الصالح لكل زمان و مكان" سيواجه إحراجًا خطيرًا: إما الاضطرار إلى تعليق صيام هذا العام، لأن خواء الجسم يزيد من قابليته لفتك الفيروس و يحفّز إذًا انتشاره، و إما تثبيت الصيام وبالتالي تحدي خطر تفشّيه في صفوف المسلمين وغيرهم على حدٍ سواء، لأن هؤلاء يعيشون جنبًا إلى جنب في كل مكان تقريبًا. وهنا يُطرح السؤال –يضيف- ما الذي يجب أن يمثل الأولوية؟ حياة عدد غير محدّد من البشر أم فريضة دينية؟

 

اقرأ/ي أيضًا: