23-أكتوبر-2019

يُحال على التقاعد 200 ألف شخص سنويًا في الجزائر (ألجيري باتريوتيك)

تسعى الحكومة الجزائرية، إلى التخفيف من العجز الذي يعرفه الصندوق الوطني للتقاعد، فمنذ تراجع أسعار المحروقات سنة 2014، تراجعت أهمّ آليات تمويل الصندوق، وهي ما نسبته 2 في المائة تُقتطع من الجباية البترولية، وتصبّ في حسابات صندوق المتقاعدين، قصد الحفاظ على التوازن المالي لصندوق المعاشات.

يبلغ عدد العمال غير المؤمّنين 5 مليون عامل في الجزائر حسب الديوان الوطني للإحصائيات 

وبحسب المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد، سليمان ملوكة، يصل العجز المالي إلى 700 مليار دينار (حوالي 6 مليار دولار) نهاية 2019، مقابل 560 مليار دينار لسنة 2018.

اقرأ/ي أيضًا: جدلٌ جديد حول قانون التقاعد وصندوق إطارات الدولة

3 ملايين متقاعد

إلى غاية 31 كانون الأوّل/ ديسمبر 2018، بلغ عدد المستفيدين الإجمالي من نظام التقاعد بـ 3.225 مليون متقاعد، منها مليون متقاعد أقلّ من 60 سنة، وبتكلفة مالية تقدّر للسنة الجارية بـ 1300 مليار دينار.

وتقدّر مداخيل صندوق التقاعد بـ 600 مليار دينار، غير أنّه يسجّل نفقات تصل سنويًا إلى 1300 مليار دينار، أيّ أنّ هناك عجزًا ماليًا يُقدّر بـ700 مليار دينار سنويًا. وارتفاعًا سنويًا يقدّر بـ150 مليار دينار.

في سياق مرتبط، يبلغ عدد المشتركين في صندوق الضمان الاجتماعي، حوالي 5.5 مليون مشترك، وبحسب الديوان الوطني للإحصائيات، يبلغ عدد العمّال غير المؤمّنين 5 مليون عامل، وبحسب بعض المهتمّين بشأن التأمينات الاجتماعية، تقدّر الخسارة المالية للصندوق بـ 600 مليار دينار.

 من جانبه يحتاج التوازن المالي لصندوق التقاعد بحسب خبراء، إلى معدّل 5 مشتركين مقابل متقاعد واحد، بينما الوضع الحالي، هو مشتركيْن مقابل متقاعد واحد؛ إذ يؤدّي ارتفاع معدّل البقاء على قيد الحياة في الجزائر إلى 77 سنة (2016)، إلى اختلال في التوازن بين سنوات الاشتراك للمؤمّن، وتكاليف التكفّل بالمعاشات، والخدمات الاجتماعية والصحيّة.

تجدر الإشارة، أن معدّل من يُحالون على التقاعد سنويًا يبلغ عددهم 200 ألف شخص، غالبيتها من قطاع التربية والتعليم.

أموال الإستثمار للمتقاعدين

وفي سنة 2019، اضطرت حكومة أحمد أويحيى، قصد الحفاظ على توازنات المالية للصندوق الوطني للتقاعد، تمويله عبر قرض بـ500 مليار دينار، من الصندوق الوطني للاستثمار، بنسبة فائدة رمزية، وعلى المدى الطويل، تتحمّلها الخزينة العمومية.

وتضمّن قانون المالية لسنة 2020 بعض الاقتطاعات من الجباية العادية، لتمويل الصندوق كالضريبة حول التلوّث وحماية البيئة، ونسبة من الضريبة الجمركية على استيراد السلع، والضريبة حول التبغ، واقتطاع رسوم من رقم أعمال مستوردي الأدوية والتجهيزات الطبيّة.

في السياق نفسه، وقصد تغطية العجز المالي لصندوق التقاعد الوطني وإصلاح المنظومة، أكّد المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد، سليمان ملوكة في تصريح صحافي، أن جملة من المقترحات والإصلاحات، ستُرفع إلى وزارة العمل، تتعلّق بالرفع في السنّ القانونية للتقاعد، من ستين عامًا إلى خمس وستين سنة، كما تمّ اقترح احتساب قيمة المعاش بمعدّل 10 سنوات الأخيرة، بدل 5 سنوات المعمول بها، علمًا أنّ قانون احتساب معدل المعاش لـ 10 سنوات، كان ضمن القانون القديم، وتمّ تعديله من طرف نوّاب البرلمان إلى 5 سنوات، كي يتوافق مع العهدة النيابية. إضافة إلى تخفيض في النسبة المئوية المعتمدة في تحديد معاش التقاعد من 80 إلى 60 في المائة.

مخاوف الأوساط النقابية

في مقابل ذلك، دعت النقابات الوطنية، إلى العدول عن رفع السنّ القانونية للتقاعد، إلى خمس وستين سنة بدلا من ستين سنة المعتمدة سابقًا، وعدم المساس بنظام التقاعد.

في هذا السياق، يؤكّد جيلالي حجاج، نقابي ومختصّ في مجال الضمان الاجتماعي، أنّ التحجّج برفع سنّ التقاعد، قصد الحفاظ على التوازن المالي لصندوق التقاعد، حجّة غير قائمة، باعتبار وجود 800 مليار دينار، كديون تقع على عائق المؤسّسات والإدارات العمومية، تجاه صندوق الضمان الاجتماعي، نصف المبلغ يصبّ في الصندوق الوطني للتقاعد، وأوضح المتحدّث، أن مليوني طالب، وعامل في إطار الشبكات الاجتماعية، تتكفّل بهما صناديق الضمان الاجتماعي، دون وفاء الدولة بالتزاماتها، بدفع تلك الاشتراكات التي تتحمّلها.

يُشغّل القطاع الخاص في الجزائر، حوالي 5 ملايين عامل. 70 في المائة منهم غير مؤمّن اجتماعيًا، حيث أن فئة العمّال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-25 سنة، يبلغ نسبة 88 في المائة غير مصرّح بها لدى الضمان الاجتماعي، زيادة على ضعف سوق العمل والشغل، والتهرّيب الضريبي، وإعفاء بعض المؤسّسات من دفع الاشتراك لفترة ثلاث سنوات، وبالتالي فالرهان الحقيقي، حسب خبراء، هو رفع عدد الاشتراكات لدى الضمان الاجتماعي، ومحاربة سوق العمل الموازية.

في السياق ذاته، حذر المكلف بالإعلام لدى المجلس الوطني المستقلّ لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار، مسعود بوديبة، من المساس بملف التقاعد من طرف حكومة "مرفوضة شعبيًا"، ومشكوك في شرعيتها، وأضاف في حديث إلى"الترا جزائر"، أن السلطة الحالية تتلاعب بملفّات حساسة، سواءً تعلّق الأمر بقانون المالية لسنة 2020، أو قانون المحروقات.

 وأشار المتحدّث، أن النقابات العمالية، تعتبر المساس بالملف التقاعد، دون استشارة موسّعة، تشمل الاقطاب والنقابات العمالية التمثيلية، هو مساسٌ بالمكتسبات العمّالية.

مسعود بوديبة: العجز المالي لصندوق التقاعد سببه سوء التسيير والاستشراف

وبخصوص العجز المالي للصندوق الوطني للتقاعد، أكّد الناشط النقابي، أن المقترحات التي تداولتها الصحف، ما هي إلا تبريرات كاذبة، المقصود منها، تمرير قوانين غير اجتماعية وغير عادلة، معتبرًا أنها الحجّة نفسها التي كانت وراء إلغاء التقاعد النسبي دون شروط سنة 2016، من طرف حكومة عبد المالك سلال، وبحسب بوديبة، فإنّ عجز صندوق التقاعد، يعود إلى عوامل كثيرة منها سوء الإدارة والاستشراف، وقد رفعت النقابات، توصيات ومقترحات عملية وموضوعية، للحفاظ على التوازن المالي للصندوق دون المساس بالحقوق العمّالية، على حدّ قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الرئيس الجزائري يفصل في قانون التقاعد

بسبب قانون التقاعد..نقابات جزائرية تصعد بالإضراب