10-يوليو-2019

تحافظ الجزائر على علاقاتها الجيّدة مع الجارة الشرقية تونس (موقع وطن)

غصّت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين، بتساؤلات جزائريين وتونسيين، حول حقيقة ما يجري على الحدود الشرقية للبلاد، بعد تداول خبر منع الجزائريين الملتحين من دخول الأراضي التونسية، فهل كان هذا القرار حقيقة تراجعت عنه حكومة يوسف الشاهد؟ أم أنه حملة تستهدف الزبون رقم واحد، لاقتصاد تشكّل فيه مداخيل السياحة أهمّ مصدر للعملة الصعبة.

منظمة الضمير العالمي لحقوق الانسان في الجزائر اعتبرت القرار خرقًا لحقّ الأشخاص في التنقل

مع بداية كل موسم صيف، تشهد الحدود بين البلدين يوميًا تدفق أعداد كبيرة من الجزائريين الراغبين في قضاء العطلة في تونس، بالنظر إلى تنافسية الأسعار الخاصّة بالفندقة والإطعام، والخدمات السياحية المميّزة مقارنة بالجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يتدفّق الجزائريون إلى تونس؟

بداية الحكاية

عادت إجراءات منع الجزائريين الملتحين من دخول تونس إلى الواجهة من جديد، بعد نشر ملتح جزائري فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه على المركز الحدودي الشرقي أم الطبول، وهو يقول إنّه مُنع من دخول تونس بسبب لحيته.

من جهته، تحدّث الأمين العام لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان شوقي مسعود في تصريح لقناة النهار الجزائرية، عن وجود تضييق في الحرّيات وحركة تنقّل الأشخاص إلى تونس، يشجبه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مواده 8 و9 و30.

وحسب شوقي مسعود، الذي أصدرت منظمته بيانًا، تحتجّ فيه على إجراءات وزارة الداخلية التونسية، فإن قرار منع دخول الملتحين الجزائريين "لا يستند إلى أيّ سند قانوني في الفقه والتشريع التونسي، ويعدّ حكمًا مسبقًا على الأفراد، ومن غير المعقول تصنيف الناس على ملابسهم وهيئتهم واتخاذ قرارات تعتبر مصيرية بالنسبة إليهم".

 وأكّد شوقي، أن  منظمته رصدت منع دخول جزائريين إلى تونس بسبب لحاهم دون وجود شبهة أو اتهامات حقيقية ضدّ الممنوعين، ما يعد خرقًا واضحًا لحقوق التنقل للأشخاص، معتبرًا أن الإجراء الأمني "أس 17" قرارٌ تعسّفي، ينافي علاقات الجيرة التي تربط البلدين ومبدأ المعاملة بالمثل الواجب تنفيذه على حدّ تعبيره.

في هذا السياق، يوضّح الصحفي التونسي عائد عميرة في حديث إلى "الترا جزائر"، أنّ الإجراء الحدودي المعروف باسم "أس 17"، إجراءٌ أمنيٌّ معمول به على الحدود لمنع سفر أشخاص مشتبهٍ بهم أو مطلوبين أمنيًا وقضائيًا، ويخصّ التونسيين فقط حدّ قوله.

ويؤكّد عميرة أن هذا الإجراء "لا يشمل الأجانب؛ ما يعني أن الحديث عن منع ملتحين جزائريين من دخول تونس استنادًا إلى هذا الإجراء غير صحيح".

تكذيب تونسي

في مقابل ذلك، سارعت السلطات التونسية إلى تفنيد ما يتمّ تداوله حول المعاملة التي يتلقّاها الجزائريون على المعابر الحدودية، فقد نقلت وسائل إعلامية، تأكيد قنصل تونس بولاية تبسة الجزائرية الحدودية، على أن بلاده لم تُصدر أيّ قرارات لتفعيل هذه الإجراءات على الجزائريين.

ولفت القنصل إلى أن مصالحه لم تخطر رسميًا بأيّة تعليمات تخصّ قضيّة منع الملتحين الجزائريين من دخول التراب التونسي، مستبعدًا أن تتبنّى السلطات التونسية ما يعكّر صفو العلاقات بين الشعبين الشقيقين، على حدّ قوله.

لا تعدّ هذه الحادثة الأولى من نوعها، ففي سنة 2013، تم تداول أخبار مماثلة تحدّثت عن منع جزائريين ملتحين من دخول التراب التونسي، لكن سرعان ما نفت السلطات التونسية ذلك.

في مقابل ذلك، إذاعة "موزاييك" المحلية وقتها أن الإجراء جاء باتفاق بين البلدين، ونقلت الإذاعة عن مصادر أمنية قولها، إن تونس والجزائر اتفقتا على تشديد المراقبة على رعايا البلدين عبر مختلف مراكز حرس الحدود والجمارك، خاصّة على الشباب الملتحين والمحسوبين على من أسمتهم "التيار الإسلامي"، ومنع عبورهم إن اقتضت الضرورة.

ووفق الإذاعة ذاتها، فإن الإجراء يندرج في إطار التضييق على محاولات التحاق بعض المشتبه بهم بالجماعات الإرهابية الناشطة في تونس والجزائر، ويخصّ الأشخاص أقل من 35 سنة.

هذه الرواية، تتطابق مع مواصفات الشاب الملتحي الذي ظهر في الفيديو، وادعى منعه من السفر إلى تونس، إذ يبدو أنه لا يتجاوز الثلاثين من العمر.

من جهته، ينفي شوقي مسعود الأمين العام لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في الجزائر، أن تكون السلطات الجزائرية على علم بهذا الإجراء، وأن تكون وافقت عليه، بحسب الردّ الذي تلقاه من السلطات الجزائرية.

غضب جزائري

أحدث هذا الخبر موجة غضب لدى الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تباينت آراؤهم بين المطالبين بتدخّل السلطات الرسمية لطلب توضيحات من نظيرتها التونسية، وبين من اعتبر أن الجزائريين ذهبوا ضحيّة صراعات بين السلطة الحاكمة في تونس، وتخوّفها من شعبية حركة النهضة في الانتخابات المقبلة.

لكن الصحفي عائد عميرة لا يستغرب تداول أخبار كهذه بغرض توظيفها سياسيًا، موضّحًا لـ"ّالترا جزائر" أن الغاية من هذه الشائعات، "هو ضرب العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، ومحاولة بثّ الفتنة بينهما، بعد فشل هذه الأطراف المصدّرة لهذه الإشاعات أن توقع بين الجزائريين والتونسيين بأساليبهم التقليدية، إذ لجأوا إلى الشائعات المغرضة".

 يستبعد متابعون أن تؤثّر هذه الأحداث على توجّه الجزائريين نحو الجارة الشرقية

وإلى أن يصدر بيان رسمي من البلدين، تبقى هذه الشائعات أو الأخبار تفعل فعلتها وسط الجزائريين، لكن يستبعد متابعون أن تؤثّر هذه الأحداث على توجّه الجزائريين نحو الجارة الشرقية، التي تبقى الوجهة الأولى المفضلّة لهم، في ظلّ غياب المنافسة المحليّة والوضع السياسي الذي فرض غلق الحدود مع المغرب، إذ أن الإحصاءات الرسمية التونسية، تُشير إلى دخول أكثر من 1.5 مليون جزائري تونس سنويًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائريون يحجون إلى تونس بحثًا عن وصفة الشفاء!

الجزائريون يتحدون الإرهاب في تونس