24-يناير-2023
إطعام الطيور

متطوعون ينثرون الحبوب في الجبال لإعام الطيور (فيسبوك/الترا جزائر)

تزامنًا مع موجة البرد التي شهدتها عدّة ولايات في الجزائر، والتساقط الكثيف للثلوج بعد طول انتظار، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورٌ وفيديوهات لمواطنين وجمعيات ينثرون الحبوب في الجبال والمناطق التي غطّتها الثلوج لإطعام الطيور في فصل الشتاء.

عادة إطعام الطيور في فصل الشتاء، معروفة في عدة مناطق جزائرية خاصة في منطقة القبائل

يرى كثيرون أن نثر القمح على قمم الجبال من أجل تغذية الطيور في زمن الشتاء، ليس ظاهرة طفت إلى السطح بالصدفة، وليست موضة بل هي تقليد عريق أذهبه الزمن، حيث كان الأجداد يقصدون الجبال والأماكن الوعرة ويضعون فيها قمحًا وشعيرًا كي تأكله الطيور ولا تهلك من برد الشتاء القاسي.

في ذلك، قام أعضاء جمعية "أث يعلى للصيد"، وهي جمعية صيادين في ولاية البويرة بالصعود إلى مرتفعات تيكجدة التي شهدت تساقطًا كثيفًا للثلوج، من أجل توزيع الأكل في أماكن تواجد الحيوانات البرية، وكذا نثر الحبوب كي تقتات عليها الطيور التي لن تجد ما تأكله في مثل هذه الأجواء الطبيعية القاسية.

من جهته، لم يُنسي الدفء الذي كان ينعم به الفلاح محمد عقون من بلدية الأسنام بالبويرة في منزله، أنه يملك رفقة أصدقائه أبقارًا في الحظيرة الوطنية لجرجرة، قد لا تجد ما تأكله بعد أن أخفت الثلوج المراعي التي كانت ترعى بها، فما كان عليه إلا أن أخذ أكياسًا من الخبز اليابس وقصد أماكن معلومة تتواجد بها الأبقار ووضع فيها ذلك الخبز، كاتبًا على فيسبوك "الحيوانات والأبقار تتذكّر الفضل ربما أفضل من بعض الناس".

من جانبه كتب بلهواري جيلالي "انثروا القمح فوق رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير فى بلاد المسلمين، عادة جزائرية قديمة وهي الصعود إلى الجبال والمرتفعات بعد سقوط الثلوج و نثر الحبوب والقمح عليها حتى تجد الطيور ما تأكله و لا تموت من الجوع".

ودوّن محمد أمين بلقصير على حسابه "من العادات النبيلة التي تجدها في الجزائر وتحديدًا في منطقة القبائل هو إطعام الطيور أثناء العواصف الثلجية".

وقالت صفحة "كل شيء عن الفلاحة في الجزائر" إن "من عادات الجزائريين وجمعيات الصيد وكذا أعوان الغابات نثر القمح في الجبال للطيور أيام تساقط الثلج".

وفي سياق حديثه قال لوني سعيد " من القيم والعادات الموروثة عن أجدادنا نشر القمح على قمم الجبال وترك بضع حبات من الزيتون في الأغصان حتى لا تجوع الطيور في موسم الثلج".

من جهته، اعتبر واعلي بودية في منشور له أن " نثر الحبوب في موسم الثلوج يُثبت أن أسلافنا كانوا من أوائل حماة الطبيعة، وهو تقليد مستمر اليوم ، ولا سيما الأكثر انتشارًا هو ترك الزيتون في كل شجرة للطيور، نحن نسميه "لحق ن وفروخ" أي حق الطير".

وقال أيت سعدي إبراهيم في السياق نفسه: "يغطي الثلج قمم الجبال والتلال، يجب أن يستمر التنوع البيولوجي، ويجب أن تتغذى الحيوانات والطيور حتى لو كانت الأرض مغطاة".

وتابع "في تقاليدنا التي تعود إلى قرون، في الشتاء عندما ترتدي جبالنا عباءتها البيضاء، يفرغ السكان أكياس القمح والطعام للسماح للحيوانات والطيور بالبقاء على قيد الحياة. خلال هذه الفترة، تقترب الحيوانات من المنازل بحثًا عن الطعام".

عادة إطعام الطيور في فصل الشتاء أصبحت تلقى اهتمامًا ومتابعة واسعين من الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي

يُشار أن عادة إطعام الطيور في فصل الشتاء، معروفة في عدة مناطق جزائرية خاصة في منطقة القبائل، حيث حافظ سكان هذه المنطقة على هذه العادات وتمسكوا بها إلى يومنا الحاضر، وأصبحت مؤخرًا تلقى اهتمامًا ومتابعة واسعين من الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي.