25-أكتوبر-2024
هدية بن ساحلي

هدية بن ساحلي (صورة: فيسبوك)

في خضم الضجة الواسعة التي أحدثتها، تحدثت الكاتبة هدية بن ساحلي عن كتابها "الجزائر اليهودية"، في حوار مع صحيفة "لوسوار دالجيري"، موضحة الدوافع والظروف التي أدت إلى تأليفه وتزامن نشره مع العدوان على فلسطين.

 الكاتبة استغربت الهجوم على الكتاب قبل قراءته

وذكرت بن ساحلي عن عنوان الكتاب الذي رآه كثيرون مستفزا، أن اختيارها "الجزائر اليهودية" يهدف لإبراز التعقيد التاريخي للجزائر، وهو ما يتطلب حسبها النظر في كل جوانب التاريخ بما فيها الوجود اليهودي. وأوضحت أن العديد من الحضارات التي مرت على الجزائر، بما في ذلك اليهود، ساهمت في تكوين تاريخها المتنوع والمعقد.

وأضافت الكاتبة أن العنوان لا يعني بالضرورة أن الجزائر كانت "يهودية" في أي مرحلة من تاريخها، ولكنه يشير إلى أهمية الاعتراف بجميع المكونات التي ساهمت في تكوين المجتمع الجزائري على مر العصور. 

Peut être une image de texte

ولفتت إلى أن الوجود اليهودي في الجزائر، رغم أنه كان يمثل أقلية، كان جزءًا من هذا النسيج المتنوع، تمامًا مثل الأقليات الأخرى.

وأبرزت أن تاريخ الجزائر متعدد الأوجه ولا يمكن حصره في سردية واحدة أو هوية واحدة، مشيرة إلى أن استكشاف الجوانب المختلفة لهذا التاريخ يساعد على فهم أعمق للبلاد ويمنع تكرار الأخطاء أو الوقوع في فخ التعصب الأيديولوجي.

تزامن الكتاب مع حرب الإبادة

وعن توقيت كتابها المتزامن مع حرب الإبادة في غزة، قالت بن ساحلي إن مؤلفها يتناول التاريخ الطويل للجزائر بشكل مستقل عن الأحداث الجارية في مناطق أخرى من العالم.

وأكدت أن توقيت صدور الكتاب، الذي تزامن مع الحرب الأخيرة في فلسطين، كان محض صدفة ولا علاقة له بالوضع هناك.  وأضافت أن الكتاب كان بالفعل في السوق قبل اندلاع الحرب شهر آب/أوت 2023، ما يدل حسبها أن لا علاقة بين كتابها وتلك الأحداث.

وترى بن ساحلي أن موضوع كتابها يقتصر على الجزائر وسكانها من مسلمين، يهود، وغيرهم، وأنه ليس هناك أي مجال لربط موضوع الكتاب بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 وأعربت عن استغرابها من الانتقادات التي وجهت إليها فور الإعلان عن الكتاب، حيث ربط البعض بين تاريخ الجزائر وحاضر فلسطين قبل حتى أن يقرأوا الكتاب. 

ولفتت إلى أن العديد من تلك الانتقادات اعتمدت فقط على عنوان الكتاب "الجزائر اليهودية" دون النظر في محتواه.

التواصل مع الفلسطينيين

ونظراً لحساسية الموضوع، تحدث الكاتبة تواصلها مع أصدقاء الفلسطينيين لأخذ آرائهم حول الكتاب. 

وتابعت بأن أصدقاءها في غزة والضفة الغربية أجمعوا على أن الكتاب لا يشكل أي تهديد للقضية الفلسطينية، وأنه لا ينبغي ربط التاريخ الطويل للجزائر بالتوترات السياسية الحالية في المنطقة.

ونقلت عما وصفتهم بأصدقائها الفلسطينيين قولهم إنه من غير المنطقي دمج الصراع في الشرق الأوسط مع سرد التاريخ الجزائري، مؤكدين أن الاهتمام بالتاريخ اليهودي في الجزائر ليس خيانة للقضية الفلسطينية. وأضافوا أن الفلسطينيين يميزون بين اليهود كأشخاص والسياسات التي تتبعها "إسرائيل".

وفي سياق دفاعها عن موضوع الكتاب، ذكرت بن ساحلي أن بعض أصدقائها الفلسطينيين شددوا على أن كفاحهم ليس كفاحًا إسلاميًا بحتًا، بل يتعلق بالحق في إقامة دولة وتحقيق العدالة والكرامة. وقالت إن الفلسطينيين يدركون أن هناك يهودًا في إسرائيل وفي العالم يدعمون القضية الفلسطينية، وأن ربط  الكتاب بالقضية الفلسطينية يعد خلطًا غير مبرر، على حد قولها.

أسباب تأليف الكتاب

وعن فكرة تأليف الكتاب، قالت بن ساحلي إنه ليس نتيجة تكليف من جهة سياسية أو نتيجة ضغط أيديولوجي، بل هو نتيجة بحث أكاديمي استمر لمدة عامين. 

وأكدت أنها لا تنتمي إلى أي جهة سياسية ولا تقبل أي نوع من التأثير أو التوجيه السياسي في عملها، حيث وصفت نفسها بأنها "مواطنة حرة" تحب التاريخ وتسعى لتقديم الحقائق بشكل موضوعي. وأردفت أنها لا تقدم سوى الحقائق وتترك للقراء حرية استخلاص نتائجهم الشخصية.

والهدف من الكتاب وفق بن ساحلي، هو تسليط الضوء على أحد الجوانب المغفلة في تاريخ الجزائر، وهو الوجود اليهودي في البلاد. وحسبها، فإن هذا الموضوع لم يتم التطرق إليه بشكل كافٍ في الجزائر، وأن الكتب التي تناولته قليلة ونادرة. 

وجود اليهود في الجزائر

وقالت إنها فوجئت بأن البعض وصف كتابها بالجريء، لكنها لا ترى في ما فعلته أي جرأة، وإنما هو مجرد تسليط الضوء على واقع تاريخي يتعين على الجميع فهمه في سياقه التاريخي، بعيدًا عن النزاعات الراهنة أو الأيديولوجيات التي تروج للكراهية.

وفي حديثها عن التحليل التاريخي، ذكرت بن ساحلي أن الفترات التاريخية التي تناولتها، مثل الفترات الرومانية والمسيحية والإسلامية، شهدت تعايشًا بين مختلف الديانات والأعراق، بما في ذلك اليهود. 

وأشارت إلى أن وجود اليهود في الجزائر ليس استثناءً، بل هو جزء من تاريخ طويل ومعقد للبلاد. وانتهت إلى أن الجزائر شهدت تداخلات حضارية متعددة، بما في ذلك التأثيرات الرومانية والفينيقية والبيزنطية، ما جعل من الصعب وضع حدود واضحة لتحديد ما هو "جزائري" وما هو ليس كذلك.