16-مارس-2022

الحكومة تدرس ميكانيزمات تقليص استيراد القمح خلال السنوات المقبلة (الصورة: algerianexpress)

في ظلّ مخاوف  متزايدة من أزمة غذائية دولية، ونقص الإمدادات العالمية في مجال القمح والذرة والشعير والمواد الاستهلاكية، بسبب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، قَرّرت الجزائر حظر تصدير سلع غذائية على رأسها القمح والزيت والسميد والعجائن وكل مشتقات القمح.

تُركز الحكومة على توسيع الاستثمار في الصحراء خاصّة في مجال الزراعات الاستراتيجية كالقمح والذرة والحبوب والبقوليات والزارعات الزيتية والأعلاف

وفي اجتماع وزاري كلَف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وزير العدل بإعداد قانون مشروع يُجرم تصدير المواد غير منتجة محليًا، واعتباره عملًا تخريبيًا يمسّ بالاقتصاد الوطني.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق الأمن الغذائي من الحبوب.. معركة خفض الواردات مستمرّة؟

المخزون الاستراتيجي

في السياق، جاء قرار الجزائر بحظر صادرات سلع واسعة الاستهلاك، نظرًا إلى التوترات الجيوسياسية والصراع العسكري القائم بين روسيا وأوكرانيا، وعملية استباقية في حال نقص المعروض في مادة القمح والذرة والشعير، وارتفاع الطلب العالمي حول القمح.

ويأتي قرار الحظر، حفاظًا على مخزون من السلع الاستراتيجية، وقدرة الحكومة على إدارة الأزمة.

في سياق الموضوع، طمأن وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحفيظ هني، أن الجزائر لديها مخزون كاف من الحبوب إلى غاية نهاية السنة الحالية، مؤكّدًا أن الجزائر لن تتأثر بالمتغيرات الحاصلة على مستوى العالمي، رغم اعترافه بوجود ضغوطات عالمية على مادة القمح.

وأشارت وكالة رويتر، أن الجزائر في 17 فبراير/شباط الفارط اشترت نحو 700 ألف طن من القمح اللين، بأسعار تراوحت 345.50 إلى 346.50 دولار للطن شاملًا تكاليف الشحن.

وتُشكل هذه الكمية أعلى طلبية  بـ 500 ألف طن، وذكرت مصادر إعلامية أن مصدر استيراد شحنات القمح متنوعة كرومانيا، إلا أن القمح الفرنسي يمثل الحصة الكبيرة.

التبعية الغذائية

في سياق متصل، تستورد الجزائر نحو 7 ملايين طن من القمح اللين، وتبلغ فاتورة استيراد مادة القمح بـ 1.5 مليار دولار سنويًا.

واستطاعت الجزائر تحقيق اكتفاء ذاتيا في انتاج القمح الصلب، بإنتاج مليوني طن سنويا، غير أن انتاج القمح اللين لا يزال ضعيفا، وهي المادة المستهلكة الأكثر في الجزائر، وتشكل مادتي الخبز المصنع من القمح اللين، ومادة الفرنية المدعمة، من المواد الأكثر استهلاكا، غير أن مادة الخبز تَشهد تبذيرا كبيرا، ما يعادل 10 ملايين خبزة يوميا، أي مقدار مليون طن من القمح اللين، بخسارة مالية تتراوح 340 مليون دولار، بحسب تصريحات مصطفى زبدي رئيس منظمة حماية المستهلك.

منظمة الفاو تحذر

في ذات السياق، حذر برنامج الأغذية العالمي "الفاو" من تداعيات الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا على توقف إنتاج وتصدير القمح، كما أبدت المنظمة مخاوف من تفاقم سوء التغذية، وانتشار المجاعة في انحاء العالم.

وتؤمن روسيا وأوكرانيا أكثر من 29 في المائة من صادرات القمح العالمية، وتظهر بيانات أسعار المواد الغذائية والفلاحية والمواد الأولية ارتفاعًا محسوسًا وصلت إلى مستويات عليا، وأضافت المنظمة أن أسعار الأغذية والأعلاف سترتفع ما بين 8 إلى 20 بالمائة.

انكماش الاقتصاد العالمي.

في هذا السياق، ونتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يتوقع خبراء انكماشًا في نمو الاقتصاد العالمي، وبسبب العقوبات الهائلة على روسيا، وعدم تعافي الدول العالم من تداعيات السلبية مرتبطة بالأزمة الصحية، فإن الاقتصاد العالمي سيواجه ركودًا كبيرًا، خاصّة بعد المخاوف من أن تشمل العقوبات الشركات الصينية، بسبب ارتباطها بروسيا، أو الهند بعد تحفظها من العقوبات ضد روسيا.

خيارات الجزائر

وفي هذا الإطار، تسعى الجزائر إلى تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وتلبية احتياجاتها الغذائية، وتسعى الحكومة إلى تطوير الزراعة عبر توسيع المساحات الزراعية، واسترجاع العقار الفلاحي غير المستغل، إضافة إلى تشجيع الفلاحين الممونين للمخزون الاستراتيجي للدولة، عبر الدعم بالقروض والأسمدة، والامتيازات الجبائية والتحفيزات في مجال استيراد العتاد الفلاحي.

وتُركز الحكومة على توسيع الاستثمار في الصحراء خاصّة في مجال الزراعات الاستراتيجية كالقمح والذرة والحبوب والبقوليات والزارعات الزيتية والأعلاف.

فعلى مستوى ولايتي ورقلة وإليزي وأدرار وغرداية تم وضع قرابة 170 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية تحت تصرف المستثمرين في مجال الفلاحة.

وتبلغ المساحة القابلة للاستصلاح في الجزائر 1.4 مليون هكتار، تتوزع على 10 مقاطعات وهي ولاية بسكرة، واد سوف، المنيعة، ورقلة، أدرار إليزي، بشار، عين صالح وعين قزام، وتتميز الزراعة الصحراوية بتطوير شعب إنتاج المواد غير الموسمية. زيادة على توفرها لثروة مائية ضخمة تقدر بـ 61 مليار متر مكعب، أما الطاقات المتجددة فتتمثل في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية.

كما تمتلك الجزائر إمكانيات ضخمة غير مستغلة في المناطق الجبلية، والتي تشمل 28 ولاية شمالية تشغل مساحة فلاحية 2.53 مليون هكتار، تتوفر فقط على 1.7 مليون هكتار مساحة زراعية مفيدة، أي ما يعادل 20 بالمائة من مساحة الزراعية المستغلة.

 وتقدر مساحة الجزائر الزراعية حوالي 9 مليون هكتار، و4 ملايين من الغابات، و32 مليون هكتار من المراعي، ومليون و260 ألف مزرعة، وأكثر من مليون وألف مزارع.

ويبلغ الناتج المحلي الخام 13.5 بالمائة، ونسبة نمو بـ 2 بالمائة، ويوظف القطاع الفلاحي 2.6 مليون عامل، أي 20 بالمائة من اليد العاملة، ويبلغ الإنتاج الزراعي 25.6 مليار دولار سنويًا، ويغطي الإنتاج الوطني 73 بالمائة من احتياجات السكان.

وتبلغ المساحة المخصصة للحبوب 3.3 مليون هكتار، وتصل الغلة إلى 45 إلى 50 قنطار للهكتار الواحد، منها 200 ألف هكتار في الزراعة الصحراوية وقد يصل الإنتاج إلى 100 قنطار للهكتار. وتعسى الجزائر إلى حصاد ما بين 27 إلى 30 مليون قنطار من الحبوب خلال سنة 2021-2022.

يعاني قطاع الفلاحة جملة من النقائص والاختلالات، منها الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية

 في المقابل، يعاني قطاع الفلاحة جملة من النقائص والاختلالات، منها الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، وشح الأمطار، وضعف استعمال الأسمدة بسبب غلاء أسعارها، زيادة على نقص المؤهلات في اليد العاملة، وعدم عصرنة القطاع، كعدم مرافقة المجال الفلاحي للدراسات والبحوث العلمية، إضافة إلى التوجه نحو الزراعة التجارية كالخضراوات والفواكه بدل الزراعات الاستراتيجية.