كشف موقع "ميديابارت" الاستقصائي، أن الرئيس الفرنسي شارل ديغول، "كان على علم بتفاصيل مجزرة 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961 في باريس، التي راح ضحيتها عشرات الجزائريين، لكنه أبقى المحافظ موريس بابون والوزراء المسؤولين في مناصبهم".
تقرير استقصائي فرنسي: ديغول علم بقتل عشرات الجزائريين في باريس سنة 1961 لكنه أبقى المسؤولين عنها في مناصبهم
وأظهرت وثائق الأرشيف التي رُفعت عنها السرية واطلع عليها موقع "ميديابارت" أن مذكرة صدرت بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 1961 موجهة لرئيس الجمهورية كتبها مستشار الجنرال ديغول للشؤون الجزائرية، برنار تريكو، تحدّثت عن "احتمال وجود 54 قتيلًا".
وأوضح مستشار ديغول حسب ذات الوثيقة أن "بعضهم أُغرقوا، وآخرين خنقوا، وآخرين قُتلوا بالرصاص. وقد فتحت تحقيقات قضائية، ومن المحتمل أن تفضي هذه التحقيقات إلى اتهام بعض ضباط الشرطة".
وفي مذكرة ثانية بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر1961، كشف تريكو لشارل ديغول مسألة إدارية ذات علاقة بالمجزرة وهي "معرفة ما إذا كنا سنترك الأمور تسير من دون تدخل، وفي هذه الحالة من المحتمل أن المسألة ستتعقّد، أو إذا كان على وزير العدل (برنارد شينو حينها) وكذلك وزير الداخلية (روجي فري) إبلاغ القضاة وضباط الشرطة القضائية المختصة أن الحكومة تريد معرفة حقيقة ما حدث".
وظهرت في الوثيقة التي تم رفع السرّية عنها ، إجابة ديغول بخط يده "طالب فيها بمعاقبة الجناة، وطلب من وزير داخليته روجي فراي، التدخل لمواجهة الخطر الشديد المتمثل في تجاوزات قوى النظام."
لكن الحقيقة أنه لم يتم ملاحقة أي شرطي في إطار هذه المجزرة، كما تم تثبيت وزيري الداخلية والعدل في منصبيهما، وكذلك بقي موريس بابون محافظا لباريس، وهو لطالما نفى أن تكون الشرطة ضالعة في أعمال عنف على الإطلاق.
واعتبر مُنجز التحقيق، الصحفي فابريس عرفي أن "غموضًا كبيرًا أحاط بقصة مجزرة 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961، وهي جريمة دولة لا تزال تطارد الذاكرة الفرنسية الخاصة بالجزائر حتى يومنا هذا، مع أن الوقائع معروفة، وهي أن مظاهرة للجزائريين، الذين احتجوا سلميًا في باريس على حظر التجول العنصري الذي فرضته عليهم السلطات، قمعتها الشرطة بوحشية غير مسبوقة، مما أسفر عن مقتل العشرات، وإلقاء بعضهم في نهر السين".
وقال الكاتب إن موقع "ميديابارت" قدم الوثائق المذكورة في تحقيقه إلى مؤرخين متخصصين في "تاريخ حرب الجزائر"، مثل ، فابريس ريسيبوتي، مؤلف كتاب "هنا أغرقنا الجزائريين، وجيل مانسيرون مؤلف "المسافر السري"، ليقول ريسيبوتي إن هذه الوثائق "تشكل حلقة مفقودة في تأريخ هذا الحدث المأساوي."
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، ندّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمجازر السابع عشر من تشرين الأوّل/أكتوبر، بعد أن وضع إكليلًا من الزهور على ضفاف نهر السين بالقرب من المكان الذي شهد مجازر 17 تشرين الأول/أكتوبر1961.
وقال بيان للرئاسة الفرنسية إن ماكرون "أقر بالوقائع واعتبر أن الجرائم التي ارتكبت تلك الليلة تحت سلطة موريس بابون لا تُغتفر بالنسبة إلى الجمهورية الفرنسية".
ويعتبر إيمانويل ماكرون أول رئيس فرنسي يشارك في مراسم إحياء ذكرى الضحايا الجزائريين الذين سقطوا خلال مظاهرة بباريس في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961.