الامتحان كان عسيرًا على نواب المعارضة في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري) لترجيح كفة رفض قانون الموازنة لسنة 2016 وعدم المصادقة عليه، لكن الكفة مالت لصالح الأغلبية البرلمانية وتمت المصادقة على هذا القانون.
رفع النواب الرافضون لقانون الموازنة الجزائري شعارات تتعرض لما أسموه "بيع البلاد" وتقسيم ثرواتها
وتضمن قانون الموازنة الجزائري للسنة القادمة موادًا أثارت جدلًا كبيرًا، ومن بينها المادة 66 والتي تنص على فتح رأس مال شركات حكومية لمساهمة القطاع الخاص، وهو ما اعتبره نواب المعارضة عودة إلى خوصصة المؤسسات الحكومية وتسريح العمال كما تضمن القانون إمكانية بيع مؤسسات القطاعات الاستراتيجية مثل الشركة الجزائرية للمحروقات (سوناطراك) وشركة الكهرباء والغاز (سونلغاز) والبنوك لرجال المال والأعمال الجزائريين والأجانب، علاوة على رفع أسعار الماء والكهرباء والوقود وخفض قيمة العملة الجزائرية.
كما تضمن القانون منح صلاحية لوزير المالية تقضي بتعديل الموازنة السنوية دون العودة إلى البرلمان وهو ما يراه النواب اعتداءً صريحًا على صلاحياتهم في مراقبة الحكومة الجزائرية. وتشير الأرقام المضمنة في قانون الموازنة إلى أن صادرات الجزائر من المحروقات ستصل عام 2016 إلى ما قيمته 26.4 مليار دولار أي بنسبة تراجع تقدر بـ21.9%.
وشهدت جلسة المصادقة على القانون، في الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري، مشاحنات بين أحزاب المعارضة وأحزاب السلطة، تشابك بالأيدي وشعارات رفعت ولافتات نددت بالقانون إضافة إلى مشادات كلامية بين ممثلي الشعب. الرافضون للقانون، نواب المعارضة وعددهم 120 نائبًا من بين 465 نائبًا، رفعوا شعارات تتعرض لما أسموه "بيع البلاد" وتقسيم ثرواتها. وتضم أحزاب المعارضة كل من تكتل الجزائر الخضراء وحزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية وكتلة حزب العدالة والتنمية وكتلة من النواب المستقلين ونواب منشقين عن الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني).
المعارضة.. قانون الموازنة 2016 الأخطر في تاريخ الجزائر
شددت المعارضة السياسية في الجزائر لهجتها هذه المرة في فضاء البرلمان الجزائري، إذ اتهمت نواب الشعب من أحزاب السلطة بالخيانة لأنهم ماضون، حسب رأيها، "نحو تقسيم الشعب الجزائري بين سلطة المال ورجال الأعمال" وخاصة فيما يتعلق ببعض المواد التي تقر زيادات في أسعار الكهرباء والطاقة والتوجه نحو خوصصة مؤسسات حكومية. كما اعتبرت بعض الأصوات المنددة بالقانون أنه "الأخطر في تاريخ الجزائر" واعتبره آخرون "إعدامًا اجتماعيًا".
يترقب النواب معركة الغرفة العليا للبرلمان الجزائري التي أحيل إليها القانون وستنطلق مناقشته خلال أيام
وبعد خسارة نواب المعارضة لمعركة قانون الموازنة في المجلس الشعبي الوطني، وفرض الأغلبية المسيطرة عدديًا معادلة الأمر الواقع، يترقب النواب معركة الغرفة العليا للبرلمان الجزائري، التي أحيل إليها القانون وستنطلق مناقشته خلال أيام. كما وجه نواب المعارضة رسالة إلى أعضاء مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان الجزائري) ناشدوهم فيها بإسقاط قانون الموازنة وإعادته إلى الحكومة الجزائرية من أجل مراجعة المواد المثيرة للجدل وهكذا تمني المعارضة السياسية نفسها بأن تتحقق لها المآرب عند أصحاب القرار السياسي الأعلى.
المعارضة الجزائرية تنتظر قرارًا سياسيًا
وتشير التوقعات أن يكون الجدل بخصوص هذا القانون أقل حدة في الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري (مجلس الأمة)، لقلة عدد الأعضاء المنتمين إلى أحزاب المعارضة فيه، إضافة إلى أن مجلس الأمة لا يتمتع بصلاحية تعديل المواد.
وفي حال المصادقة على قانون الموازنة من مجلس الأمة الجزائري، يتولى حينها المجلس الدستوري النظر في دستورية القانون ومدى مطابقته مع أحكام الدستور الجزائري، قبل أن يوقع عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قبل نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر، ويبدأ العمل بأحكامه بعد نشره مباشرة في الجريدة الرسمية.
وحسب المتابعين للشأن السياسي في الجزائر، فإن ما حدث في البرلمان هذه الأيام جزء من المشهد السياسي المختل في الجزائر بين سلطة مهيمنة على كل أدوات الحكم والفعل السياسي وبين المعارضة التي تفتقد إلى أدوات ضغط فعلية. ويعتبر الكثيرون أن المعارضة أنجزت هدفها السياسي والإعلامي ونجحت في إحداث توافق بين قواها ووحدت الموقف برغم التباين الأيديولوجي فيما بينها.
كل المؤشرات تفيد بأن مصادقة نواب الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري على مواد قانون الموازنة للسنة المقبلة ستفتح الباب أمام حراك اجتماعي وسياسي واقتصادي في الجزائر الأشهر المقبلة، بالنظر إلى تأثيرات تنفيذ تدابير القانون، والتي ستنهك كاهل المواطن الجزائري بسبب رفع الأسعار وأمام انخفاض سعر الدينار الجزائري وهو ما يزيد ارتفاع فاتورة استيراد المواد الغذائية والأدوية وما يرفع بدوره أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية.
اقرأ/ي أيضًا: