21-أكتوبر-2024
هشاشة العظام صورة من الأرشيف

هشاشاة العظام ( صورة أرشيف -فيسبوك)

يُشكّل مرض هشاشة العظام عبئاً صحياً في الجزائر، حيث عرف هذا المرض تصاعداً لافتاً حسب الأطباء والخبراء، خاصة مع التغيُّرات الديموغرافية السريعة واعتماد نمط حياة أقلّ نشاطاً.

في الجزائر يُصيب مرض هشاشة العظام النساء بنسبة تتعدى  الـ 36% خاصة فوق سنّ الخمسين

ويكشف المختصون أنّ هذا المرض شهد ارتفاعاً مع زيادة عدد كبار السنّ، إذ يُهدّد جودة حياتهم بالدرجة الأولى، في مقابل ما ينجم عنه من ضغوطات على المنظومة الصحية في البلاد.

المرض يزحف

مع تقدّم العمر، أصبحت خطورة هشاشة العظام قائمة لدى معظم الأشخاص، إذ يُصنّف ضمن الأمراض المزمنة، خاصة وأنّه يُصيب العظام ويجعلها ضعيفة ولا تقاوم الأمراض الجانبية، كل ذلك يرفع احتمالات تعرض الكثيرين لشتّى أنواع الكسور، لا سيما في مناطق مثل الورك والعمود الفقري والمعصم.

يُشير المختصون في الجزائر إلى تتعدّد العوامل التي تُسبب ارتفاع الإصابات بهشاشة العظام، أبرزها أسباب وراثية وصولاً إلى نمط الحياة مثل التغذية غير المتوازنة وقلة الحركة، مما يجعل من هذا المرض تحدياً صحياً يتطلّب جهوداً مشتركة، سواء من قِبل الأفراد والأسر فضلا عن المؤسّسات الصحية، وهذا بهدف الحدّ من انتشاره وتخفيف آثاره.

هشاشة العظام (صورة فيسبوك)

ناقوس العُمر.. فوق سنّ الخمسين

في تصريحات للبروفيسور شفيقة حويشات كشفت الأخصائية في العظام لمخابر" فراتر رازس"، بأنّ هذا المرض يُصيب جميع الفئات من دون استثناء، لكن في الجزائر يُصيب النّساء بنسبة تتعدى نسبة الـ  36%، خاصة فوق سنّ الخمسين، وهي نسب مشابهة لإحصائيات أوروبية بالنسبة للمرض نفسه، كما صنّفت منظمة الصحة العالمية هذا المرض على أنّه مشكل صحة عمومية.

هناك علاقة بين العظام والجهاز العظمي، إذ يُنعت الأخير عند بعض الأطباء بـ"بيت الأمراض"، خاصة وأن لديه عدّة مهام في جسم الإنسان، كما تُضيف المختصّة؛ منها دعمه للقيام بالوظائف اليومية واستقلاب الكالسيوم وحماية الأعضاء الداخلية مثل الرئتين والأعضاء التناسلية، إضافة إلى تخزين المعادن وتركيب مكوّنات الدم، كما أنّ خصائصه الأساسية تتمثّل في الكثافة والسماكة، وكلّ ذلك يُحدّد صلابة العظام وصحتها.

ولهذه الأسباب يُعرف مرض هشاشة العظام، بأنّه "نقص في السماكة والكثافة ممّا يجعله هشّ وسهل الانكسار والانشقاق، كما يؤثّر على وظائف العظام ككل". 

وفي هذا الصّدد؛ قالت حويشات إنّ من عوامل الإصابة بهشاشة العظام عند المرأة هي: "انقطاع الطمث وانقطاع الطمث المبكر، والسن الذي يفوق 65 سنة، واستهلاك الكحول والتبغ ونقص استهلاك الفيتامين دال، وكميات الكالسيوم المتواجد في النّظام الغذائي المتوازن".

وبالإضافة إلى ما سبق، هناك بعض الأدوية تُسبّب هشاشة العظام، وهذا لآثارها الجانبية، كمضادات الالتهابات الستروودية التي تقدّم بجرعات عالية تفوق 7.5 ميليغرام يوميا، وأيضا العامل الوراثي الذي يلعب الدور المهم في انتقال المرض، وبعض الأمراض مثل أمراض الغدد الصماء.

وعن أعراض هشاشة العظام قالت الدكتورة إن المرض يمر بمرحلتين، قبل وبعد الكسر والذي يعد من مضاعفات المرض، إذ يكون بسبب بسيط قد لا يسبّب الكسر عند شخص بعظم صلب مثل سقوط صغير أو سعال قوي، وتسمى مرحلة ما قبل الكسر بالمرحلة الصامتة، وليس لها أي أعراض محددة ونادرا ما يُشخّص المرض في هذه المرحلة.

وتظهر الأعراض بوضوح في مرحلة ما بعد الكسر ومنها نقص الطول وظهور تحدُّب بسبب كسور في العمود الفقري وحدوث الكسر في مواقع معينة مثل المعصم وعظم الورك الذي يُسبّب آلام فظيعة في الكثير من الحالات.  

هشاشة العظام (صورة فيسبوك)

الوقاية والعلاج

يعتبر التّشخيص المُبكّر وأخذ العلاج اللازم، عامل مساعد في تفادي المضاعفات الخطيرة والآلام الكبيرة التي يعاينها المرضى، ويقول طبيب العظام، فريد لعلاوي لـ" الترا جزائر" بأنّ التماطل في التشخيص وعدم تلقّي العلاج، يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل كسر الورك القاتل"".

قبل الكسر؛ ينصح المختص الأسر بشكل عام بـ"الوقاية خصوصا بالنّسبة لكبار السنّ، وذلك عبر حملات التوعية والتحسيسية، في علاقة بشرح أسباب المرض وخطورته على حياة الأفراد".

أما الوقاية الثانوية، فهي تتم خلال فترة ما بعد الإصابة بالكسر الأول أو عند التعرّض لسلسلة من الكسور التي تحدث بعده.

من جانبهم، يجمع الأخصائيون على تقديم عدة نصائح، مثلما أفاد الدكتور لعلاوي، لأنّ هذه الحالات تتطلب أولا اتباع نظام غذائي صحي غني بالكالسيوم وفيتامين دال، والتعرض للشمس، فضلاً عن القيام بالنشاط البدني خاصة منها المشي السريع لمن يستطيع ذلك.

كما يُشكِّل نمط العيش في سكنات لا تتوفر على ظروف مريحة، سببا في تأزيم وضعية المصابين، على غرار العيش في بيوت يوجد فيه خطر التعثّر أو السقوط، وأرضيات قد تسبّب في الانزلاق، وهي ظروف لا تنسجم مع واقع بعض الأشخاص خاصة بالنسبة لكبار السنّ.

وبخصوص العلاج؛ قالت البروفيسور حويشات، إنّها تنحصر في الأدوية المضادة لهشاشة العظام الفعالة، وهي "متوفرة في الجزائر بجميع أنواعها، سواء كانت عن طريق الحقن في المستشفيات، أو تناول أقراص لفترات طويلة تحت استشارة طبية".

النّمط الغذائي.  خطوة مهمّة

للتغذية دور محوري في الحفاظ على صحة العظام ومكافحة هشاشة العظام، إذ كشفت بعض الدراسات ضرورة اتباع نظام غذائي متوازن، كعامل مهمّ للوقاية من هذا المرض وعلاجه.

وفي هذا الإطار؛ قدمت مجموعة أبحاث ومعلومات هشاشة العظام (GRIO) والجمعية الفرنسية لأمراض الروماتيزم (SFR) توصيات غذائية شاملة حول مرض هشاشة العظام.

وترتكز هذه التوصيات على تبنّي النظام الغذائي المتوسطي كنمط حياة غذائي، والغني بالفواكه والخضروات الطازجة والبقوليات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون، كما يُوفِّر مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية لصحة العظام، مثل الفيتامينات والمعادن والألياف.

كما تشجّع الأبحاث على تناول منتجات الألبان بشكل معتدل (مرة إلى مرتين يوميًا) والأسماك واللحوم بكميات محدودة، خاصة الكالسيوم الذي يعدّ أحد العناصر الأساسية لبناء العظام والحفاظ على قوتها.

وعلى هذا الأساس؛ توصي الجمعية بتناول من اثنين إلى ثلاثة منتجات ألبان يوميًا، مما يوفّر حوالي 1 جرام من الكالسيوم اللازم للجسم.

وعلاوة على ما سبق ذكره؛ يمكن الحصول على الكالسيوم من مصادر أخرى مثل المياه المعدنية الغنية بالكالسيوم (أكثر من 300 ملليغرام)، حيث يعتبر الكالسيوم الموجود في المياه المعدنية أكثر سهولة في الامتصاص من قبل الجسم.

يعدّ البروتين من العناصر الغذائية الضرورية لصحة العظام والعضلات، لهذا يجب الحرص على تناول كمية كافية من البروتين يوميًا من خلال مصادر متنوعة مثل اللحوم الخالية من الدهون، والدواجن، والأسماك، والبقوليات، والمكسرات.

ومن المهم أيضًا تجنّب بعض العادات الغذائية الضارة التي تساهم في زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام، مثل الإفراط في تناول المشروبات الغازية والسكريات المصنعة، حيث تقلّل الأخيرة من عملية امتصاص الكالسيوم في الجسم، كما تزيد من خطر تعرض العظام للإصابات.