18-مايو-2019

السياسة تتفوق هذا العام على الدراما والترفيه (أ.ف.ب)

على خلاف ما كان يعرفه شهر رمضان في السنوات الماضية، تلقى البرامج السياسية في الجزائر هذا العام متابعة كبيرة من قبل المشاهدين، أرجعها البعض إلى أثر الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد، وربطها البعض الآخر بضعف الإنتاج التلفزيوني الدرامي والترفيهي.

على خلاف السنوات الماضية، تلقى البرامج السياسية في رمضان هذا العام متابعة كبيرة من قبل المشاهدين

وبعد انقضاء الثلث الأول من رمضان هذا العام، لم تفقد البرامج السياسية جمهورها كما كان يحدث سابقًا. ولازالت المواضيع المتعلقة بتطورات المشهد السياسي في البلاد تجذب المشاهد الجزائري، وفق ما تظهره تصدر المواضيع السياسية لقائمة الوسوم المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا أرقام المشاهدة لفيديوهات البرامج السياسية المنشورة في يوتيوب أو فيسبوك.

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام المرئي في الجزائر.. تجربة في صعود

نتيجة منتظرة

 لا تشكل المشاهدة المرتفعة للبرامج السياسية هذه الأيام حالة غير متوقعة، بالنسبة لعامر مصباح، أستاذ علم الاجتماع الثقافي بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر 3، إذ يرى في إقبال الجمهور على القنوات الإخبارية هذا العام "ظاهرة حتمية بالنظر للتطورات المتسارعة التي تعيشها البلاد".

وأرجع مصباح في حديثه مع "الترا الجزائر" هذا الاهتمام بمضمون البرامج السياسية، إلى الحراك الذي تعرفه الجزائر منذ 22 شباط/فبراير الماضي، والذي أرغم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في الثاني من نيسان/أبريل قبل انتهاء ولايته الرابعة التي كانت مقررة في 28 من نفس الشهر.

الدراما
ضعف مستوى الدراما لهذا العام عزز تفوق البرامج السياسية

ومنذ انطلاق الحراك الشعبي، أصبحت القنوات الإخبارية والبرامج السياسية تحظى بمتابعة واسعة من قبل الجمهور الجزائري، بهدف متابعة تطورات المشهد، ويمكن قياسها بأعداد المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم قلة مراكز سبر الآراء في البلاد، بسبب غياب قانون ينظم نشاطها، إلا أن الموجودة منها مثل معهد "أيمار"، تُصدر من فترة لأخرى استطلاعات تقيس توجهات المشاهدين بشأن القنوات التي يتابعونها والبرامج الأكثر مشاهدة في مواقيت البرايم، مثل ذلك الذي نشر نهاية الشهر الماضي، وأشار إلى تبوؤ قنوات إخبارية المراتب الأولى مثل الشروق نيوز والجزائرية الثالثة والنهار.

ولم يتخل الجزائريون عن متابعة السياسة في شهر رمضان أيضًا، فقد أشار سبر أراء جديد لمعهد "أيمار"، احتلال القنوات التلفزيونية ذات الطابع الإخباري، مثل الشروق نيوز والنهار والبلاد مراتب متقدمة في قائمة وسائل الإعلام السمعية البصرية التي يهتم بمضامينها الجمهور الجزائري حتى ولم تأت في المرتبة الأولى.

ضعف الدراما

رغم تحقيق  مسلسلي "أولاد الحلال" الذي تبثه قناة الشروق و"مشاعر" الذي يعرض على تلفزيون النهار، نسب مشاهدة مرتفعة على الشاشة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبقى الأعمال الدرامية في مجملها دون المستوى، بحسب ما يعتقده عامر مصباح، "الأمر الذي ساهم في توجه الجزائريين لمشاهدة القنوات الإخبارية التي تنقل جزءًا من واقعهم اليومي"، كما يقول.

وتعاني الدراما الجزائرية من ضعف السيناريو، ما يجعل بعض الإنتاج الفني دون حبكة ويقع في فخ التكرار، مثلما يعرفه مسلسل مشاعر الذي ظلت فيه البطلة "زهرة"، التي تؤديه دورها الفنانة سارة لعلامة، فارة من ملاحقها في الشوارع لعدة حلاقات، ما جعلها محل تعليقات ساخرة من صحفيين متابعين للإنتاج التلفزيوني الرمضاني، دعا بعضهم إلى ضرورة التركيز في اختيار الممثلين الأكفاء قبل الشروع في تصوير أي مسلسل أو عمل فني.

انتقادات

لكن الفرصة التي استغلتها البرامج السياسية لتحظى باهتمام المشاهدين بسبب ضعف الإنتاج الدرامي والحراك الشعبي الذي تشهده البلاد، لا يجعلها محل قبول من الجميع، فلها أيضًا نصيب من الانتقادات اللاذعة من قبل بعض الأكاديميين الذين يرون أن محتواها دون المستوى المطلوب، لغياب الموضوعية عن مضامينها في بعض الأحيان.

يقول رضوان بوجمعة، الأستاذ المحاضر بكلية العلوم السياسية والإعلام، لـ"الترا الجزائر"، إن "القنوات العمومية الجزائرية لم تخرج بعد من الدعاية الرسمية، أما التلفزيونات الخاصة فغارقة في التضليل لذلك أعتقد أنها فقدت مصداقيتها لدى عامة الناس".

ولا يقبل رضوان بوجمعة بمبرر غياب الإطار القانوني للنشاط السمعي البصري في الجزائري، الذي يُتحجج به عند حدوث مثل هذه "الأخطاء"، موضحًا أن "التضليل خيار سياسي لهذه القنوات من أجل الاستفادة من ريع الإشهار والمال الفاسد".

وبحسب الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام، فإن الإقبال اللافت لمشاهدة فيديوهات البرامج السياسية لهذه القنوات التلفزيونية، لا يزيد عن كونه "شغف الفضول و المتابعة من أجل فهم ما يدور في صالونات النظام".

وفي تقييمه للمحتوى الإخباري والتحاليل التي تقدم القنوات التلفزيونية الجزائرية، لم يكن عامر مصباح أيضًا متفقًا مع محتواها، إذ قال: "معظم هذه القنوات يبحث أصحابها عن الأضواء وكسب مكانة إعلامية بدل تقديم رؤى أكاديمية أو سياسية، ولذلك الكثير منها يجري وفق التيار دون عقلانية أو تبصر".

تعاني الدراما الجزائرية من ضعف السيناريو، ما يجعل بعض الإنتاج الفني دون حبكة ويقع في فخ التكرار

وفي غياب دراسات حقيقية وموضوعية حول مضمون القنوات الإخبارية في الجزائر، يبقى الحكم على محتواها متباينًا بين من يغفر لها زلاتها، وبين من يشهر سيف الحجاج في حقها رغم تجربتها الفتية التي لا تزيد عن ست سنوات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دراما رمضان 2019.. مفاجأة واحدة والكثير من الخيبات

"الرايس قورصو" والرئيس بوتفليقة.. جدل السياسة والكوميديا