23-نوفمبر-2019

في شوارع العاصمة (تصوير: نورالدين فايز/أ.ف.ب)

ينوي الدكتور حكيم بورنان، أن يخرج من جديد رفقة مجموعة من المتطوّعين والأطبّاء هذا الأسبوع خلال الفترة الليلية، لفحص المشرّدين الذين يبيتون في شوارع العاصمة الجزائر، وتقديم المساعدات الضرورية لهم، بعد أن لقي النداء الذي أطلقه منذ أسابيع على مواقع التواصل الاجتماعي تجاوبًا كبيرًا من نشطاء جزائريين، مثلما يقول لـ"الترا جزائر".

يقول الطبيب حيكم بورنان إن مبادرته كان هدفها دعوة الأطباء لمساعدة المتشرّدين الذين يرفضون الفحص من قبل أطباء مديريات النشاط الاجتماعي

لا يعدّ العمل الخيري في الجزائر، خاصّة خلال هذا الفصل أمرًا جديدًا، غير أنه للمرّة الأولى تشمل عملية التضامن تقديم فحوصات وأدوية لنزلاء شوارع العاصمة.

اقرأ/ي أيضًا: "ناس الخير".. روح المجتمع المدني الجزائري

نداء استغاثة

بداية هذه الحملة، التي استهدفت التكفّل بالمشردّين في شوارع العاصمة، انطلقت بعدما نشر الطبيب العام حكيم بورنان المُنتمي لجمعية "جزائر الخير"،  فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، دعا فيه الجميع إلى ضرورة التجنّد لمساعدة من يقضون ليلهم على أرصفة شوارع العاصمة في هذا الوقت من العام المتميّز بأمطاره الغزيرة وبرده القارس، وتقديم أقلّ الضّروريات التي من شأنها التقليل من معاناتهم.

وقال "أعاتب نفسي لأني أبيت رفقة أبنائي في مكان دافئ، وأحاسب أيضًا إخوتي الذين هم في مثل وضعي، ففي هذا الجوّ البارد بشوارع الجزائر العاصمة، يفترش شيوخ وعجائز وأطفال الأرض، إنّهم يعانون".

الدكتور حكيم بورنان في شوراع العاصمة

يستطرد المتحدّث: "رسالتي إنسانية تضامنية تكافلية، لذا على كلّ واحد منا أن يتطوّع ولو لساعة واحدة، بأن يأتي بوجبة ساخنة أو أغطية أو أفرشة لهؤلاء المشرّدين".

تهدف مبادرة بورنان، إلى تعميم العمل التطوّعي في كل أنحاء البلاد، والاهتمام بفئة المشردّين في الشوارع لأنهم بحاجة ماسّة إلى مساعدة خاصة في هذه الظروف المناخية القاسية. هنا، يوضّح المتحدّث أنه إذا ما وضع الجزائريون أيديهم في أيدي بعض، يُمكن أن تتحوّل هذه المبادرة إلى حملة واسعة في كامل البلاد لمساعدة المحتاجين والمشرّدين.

استجابة واسعة

يقول حيكم بورنان لـ"الترا الجزائر" إن مبادرته الفردية كان هدفها دعوة الأطباء لفحص المتشرّدين الذين يرفضون الفحص من قبل الأطباء التابعين لمديريات النشاط الاجتماعي، لاعتقادهم أنهم سيُجبرونهم على الذهاب إلى مراكز إيواء المتشرّدين، فهم يرفضون دخولها بحجّة أنهم لا يتلقون المعاملة اللائقة ويجبرونهم على البقاء في المركز وعدم مغادرته. "لقد لقي هذا النداء استجابة واسعة، فقد اتصل أشخاص من عدّة ولايات منها بجاية ووهران".

يُلفت الدكتور حكيم بورنان أن الخرجة الأولى لهذه المبادرة التي كانت الأربعاء الماضي، شارك فيها أربعة أطباء ومست ساحة بورسعيد وشارع عبان رمضان وساحة الشهداء، لتكون الخرجة الثانية بحي سوسطارة وأوّل ماي وسط العاصمة الجزائر.

وأوضح بورنان أن هذه الخرجة تمّت تحت غطاء جمعية "جزائر الخير" التي ينتمي إليها حتى لا يواجهون مشاكل متعلّقة بتقديم التبرعات، كما يفضلون أن تكون الخرجة محدودة العدد حتى يتمّ تنظيم الوفد المشارك في الحملة جيدًا، مبينًا أن المشاركة كانت من طرف أعضاء الجمعية ومن متطوّعين استجابوا لهذه النداءات، لا يفضّلون العمل تحت تأطير الجمعيات.

حملة "فراش دافئ" الخاصّة بفحص المتشرّدين وتقديم المساعدات لهم، عرفت مشاركة لافتة من طرف الشباب. هنا، يلفت المتحدّث أنّ هذه المبادرة مفتوحة لكل الفئات مهما كانت أعمارهم ومهنهم ولا تقتصر على الأطباء فقط، وذلك بهدف غرس ثقافة العمل التطوّعي وسط الجزائريين.

فريق المتطوعين في حملة "فراشي دافئ"

إعادة نظر

تفتح حملة التكفل الصحّي بالمشردين، التي انطلقت من نداء على مواقع التواصل الاجتماعي، النقاش من جديد حول واقع التكفل بهذه الفئة، سواءً من طرف الجهات الرسمية الممثلة في وزارة التضامن الوطني، أو من طرف الجمعيات المدنية التي أنشئت لأجل هذا الغرض.

في هذا الإطار، تقوم خلايا الإسعاف الاجتماعي في كل الولايات مع بداية فصل الشتاء بخرجات ميدانية خاصّة في الفترات الليلية لنقل الأشخاص دون مأوى إلى مراكز مخصّصة لهم، غير أنه في كثير من الأحيان تقتصر هذه العمليات على المدن الكبرى فقط، وتغيب كليًا في المدن الداخلية والبلديات الصغيرة.

يرفض كثير من  المتشردين في الغالب التجاوب مع مبادرة السلطات في المدن الكبرى في البلاد، خوفًا من احتجازهم أو تعرّضهم إلى سوء المعاملة في هذه المراكز بحسب شهادات الجمعيات المدنية الناشطة في هذا المجال، الأمر الذي يحتّم اليوم إعادة النظر في طريقة التكفّل بهؤلاء، خاصّة وأن السلطات ترصد سنويًا مبالغ مالية معتبرة لا تلقى حتى اليوم في كثير من المرّات طريقها لمستحقيها.

تحوّلت الجمعيات الخيرية في السنوات الماضية إلى مداومات انتخابية ولجان مساندة للرئيس السابق أو للأحزاب الداعمة له

لا يتوقّف هذا الرفض من المتشردين على السلطات الرسمية، بل الأمر ينطبق أيضًا على الجمعيات الخيرية النشطة في هذا المجال، حيث تحوّلت هذه الجمعيات في السنوات الماضية إلى مداومات انتخابية ولجان مساندة للرئيس السابق أو للأحزاب الداعمة له، لذلك وجدت المجموعات الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي مجالًا لسدّ الفراغ الذي تركته هذه الجمعيات، إلى أن يُعاد النظر في القانون المنظّم لها، الصادر سنة 2012، والذي كان محلّ استهجان من قبل مكوّنات المجتمع المدني الحقيقية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دراسة حديثة: المضادات الحيوية قد تعيق علاج السرطان!

تضامن واسع مع الأطفال مرضى السرطان في تونس