30-أبريل-2024
1

الأخصائية النفسانية سميرة فكراش

يُحتفل في والجزائر وكل العالم بيوم العمال، في الأول من مايو من كل عام. وهو يوم عطلة رسمية تُكرم فيه إنجازات ومساهمات العمال في المجتمع. وتم الاحتفال بيوم العمال لأول مرة في عام 1930،  حين قمعت الاحتفالات من قبل السلطات الاستعمارية الفرنسية، لكنها استمرت في السنوات اللاحقة وبعد الاستقلال، أصبح عيد العمال عطلة رسمية في الجزائر.

الاحتراق الوظيفي  حالة من الإرهاق الشديد الجسدي والعاطفي، ناتجة عن ضغوط العمل المزمنة، حيث لا يشعر الموظف بأي متعة خلال ساعات العمل ويبذل جهدا مضاعفا لإنهاء ساعات العمل

يُعد عيد العمال يومًا مهمًا في الجزائر لعدة أسباب، لأنه يوم للاحتفال بإنجازات العمال ومساهماتهم في المجتمع. كما أنه يوم للتأكيد على حقوق العمال ومطالبة بحماية أفضل لهم، وتحسين ظروف العمل للعمال الجزائريين، ورفع الحد الأدنى للأجور وتعزيز قوانين السلامة والصحة المهنية وتوفير ظروف  وبيئة صحية للعمل خصوصا مع انتشار ظاهرة الاحتراق الوظيفي في أوساط العمل الجزائرية.

وفي هذا الحوار مع "الترا جزائر"، تُفصّل الأخصائية النفسانية سميرة  فكراش ، في ظاهرة الاحتراق الوظيفي وخطورته على الموظف وضرورة توفير بيئة صحية للعمل .

ما هو مفهوم الاحتراق الوظيفي ؟ وما هي أسبابه الرئيسية في بيئة العمل الجزائرية؟

هو حالة من الإرهاق الشديد الجسدي والعاطفي، ناتجة عن ضغوط العمل المزمنة، حيث لا يشعر الموظف بأي متعة خلال ساعات العمل ويبذل جهدا مضاعفا لإنهاء ساعات العمل، وذلك بسبب التركيز المبالغ فيه على العمل الذي يشغله لأنه يظن أنه يحقق ذاته من خلاله.

ومن أسباب هذا المرض الرئيسية في الجزائر  بيئة العمل التي تبحث فقط عن المردودية المادية ولا تبحث عن الجودة والتميز والارتقاء، وبيئة العمل التي تعطي ترقيات بالمحسوبية وليس بالتميز والجدارة؛ وبيئة العمل هذه للأسف ينقصها التحفيز وأصبحت استغلالية للعامل.

ما هي أعراض الاحتراق الوظيفي  الرئيسية؟

الأعراض الأولى تتمثل في ساعات النوم القليلة والأرق، النوم المتقطع، الكوابيس، الكآبة ثم الاكتئاب لاحقا، وظهور الأمراض النفسية الجسمية بسبب الضغوطات،  مثل الاضطرابات الهضمية والتشنج العضلي على مستوى الكتف وأسفل الظهر والرقبة، واضطرابات الشهية مثل الشراهة أو تراجع الشهية، ومن أعراض الإحتراق الوظيفي أيضا الالتهابات التناسلية والبولية، وهذه علامات يقول من خلالها الجسم أنه لا يستطيع تحمل ضغوطات نفسية أكثر، بالإضافة الى التوتر والقلق الدائم، وقلة الإنتباه والتركيز، وإهمال الحياة الخاصة والمناسبات العائلية.

ما هي الفئات الأكثر عرضة له؟

الفئة الأكثر عرضة له، هم الأشخاص الذين يتقلدون مسؤوليات كبيرة، حيث كلما زادت مسؤوليات منصب العمل زاد احتمال الإصابة بالاحتراق الوظيفي، مثل العاملين في قطاع التعليم في جميع الأطوار وقطاع الصحة وقطاع الأمن، وذلك نتيجة الضغوطات التي يتعرضون لها من جميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى طول ساعات العمل والروتين، بالإضافة إلى الذين يبتعدون عن أسرهم بمسافات بعيدة من أجل العمل يشعرون  بالوحدة والانعزال مما يؤدي إلى تدهور صحتهم النفسية،  مثل المهاجرين وعمال شركات النفط والبترول في الصحراء، ومن الفئات المعرضة أيضا للإنهاك الوظيفي الأشخاص الذين يتعرضون للمضايقات والتحرش في أوساط العمل.

ما هي التأثيرات النفسية والجسدية للاحتراق الوظيفي؟  وما علاقته بالأمراض المزمنة؟ 

التأثيرات النفسية والجسدية عديدة وتؤثر مباشرة على العلاقات الإجتماعية للفرد، حيث أنه يساهم في انعزال الشخص عن المجتمع ويصبح عدائي اتجاه نفسه واتجاه الغير، ويزيد احتمال إصابة الشخص بالاكتئاب والدخول في حلقة مفرغة من المشاعر السلبية التي تتطور إلى أفكار انتحارية فيما بعد، بالإضافة إلى أنه سبب من أسباب الطلاق والتخلي عن جميع الواجبات العائلية والاجتماعية.

كما أن لإهمال المظهر الخارجي والنظافة الشخصية، علاقة الاحتراق الوظيفي بالأمراض المزمنة علاقة جد وطيدة، وغالبا مايكون بسبب توبيخ العامل أمام زملائه وقلة احترامه والتي تسبب صدمات نفسية تتحول إلى أمراض مزمنة مثل السكري.

ما هي النصائح التي تقدمينها للوقاية من الاحتراق الوظيفي؟ وكيف يمكن تحويل بيئة العمل إلى بيئة صحية؟

أهم نصيحة للوقاية من الاحتراق الوظيفي، هي أخذ عطل للراحة وليس الانشغال بأعمال أخرى، وتكون متقطعة على فترات معينة من السنة، واستغلال عطلة نهاية الأسبوع للتغيير الروتين والحصول على قسط من الراحة، وتحويل بيئة العمل من سامة  إلى صحية يكون بتوفير بيئة تحفيزية، يكون فيها احترام الموظف،  وتوفير ظروف صحية ملائمة للعمل وراتب جيد، وبدعم العلاقات الإجتماعية الصحية بين الموظفين  وتنظيم نشاطات  تقوي العلاقات بين العمال وتضمن الحماية من ظاهرة الاحتراق الوظيفي.

ما المأمول فيما يتعلق بمعالجة هذه الظاهرة في الجزائر؟

الإطار القانوني يقول أنه يجب زيارة الطبيب النفسي مرة أو مرتين في السنة للموظف،  ولكن يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك وهو التعرف العميق على الموظف وعلى ظروفه الإجتماعية والصحية وعلى أن تكون هناك ثقافة داخل المؤسسات لحماية العمال من الاحتراق الوظيفي ومرافقتهم بعد التشخيص وإعادة إدماجهم في العمل، وتفعيل دور مدير الموارد البشرية فيما يخص تحسين ظروف العمل والعلاقات الاجتماعية بين العمال وليس فقط المراقبة، لكي يصل هذا العامل إلى سن التقاعد بدون احتراق وظيفي وبدون أمراض النفسية أو الجسدية التي تترتب عنه.