10-مارس-2020

خرجت من مدرجات الملاعب أبرز أناشيد الحراك الشعبي (أ.ف.ب)

 

أصبح لأنصار النوادي الرياضية في الجزائر قوّة تأثير، إلى درجة اشتهر بعضهم بأسماء غير أسماء الأندية التي يشجعونها، على غرار "الشناوة" أنصار مولودية العاصمة، و"المسامعية" أنصار الاتحاد، و"السنافر" أنصار شباب قسنطينة وغيرهم، وتحوّلت قوّة تأثيرهم من مدرجات الملاعب والشوارع إلى شبكات التواصل الاجتماعي.

لا يحتاج الواحد منا إلى  الذهاب إلى ميادين كرة القدم، لمعرفة الشعارات الجديدة والتراشق بين أنصار ذلك الفريق أو ذاك

"بيدق الأوليغراشية مدافع عن البوليتاريا، منعرج مصاب بالسكيزوفرينيا"، عبارة مشحونة بالمصطلحات الفكرية والبسيوكولوجية، لم يكتبها مفكّر، وإنما يحملها أنصار مولودية الجزائر استعدادًا لداربي العاصمة الكبير ضدّ الغريم اتحاد العاصمة، حيث يدّعي كل فريق أنه "ابن الطبقات الشعبية" وغيره من أتباع السلطة.

اقرأ/ي أيضًا: أهازيج الألتراس.. هنا صُنعت الأناشيد الرسمية للحراك الشعبي

وتنقل صفحة "مولودية فانز" تلك اللافتة، وتقدّم شرحًا لمن لا يعرف تلك المصطلحات، بالقول: "الأوليغراشية في زمن من العصور كانت تعني الطبقة الغنية الطاغية على الفقراء، أما البوليتاريا فهي الطبقة الكادحة التي تمثل الشعبة، أما السكيزوفرينيا في تعني مرض انفصام الشخصية. وهذا يدّل في رسالة لأنصار الجار، أنهم هم من أبناء الطبقة الغنية ويدعون الدفاع عن الحقّ والفقراء".

وتأتي تلك اللافتة، ردًا على ما يُنشر في صفحات أنصار الاتحاد العاصمي ومنها صفحة "sahifet USMA" على فيسبوك، من الإشارة إلى أن المولودية هي فريق السلطة بامتياز، بدليل تمتّعها بأموال شركة "سوناطراك" البترولية، في وقت يعاني فيه اتحاد العاصمة من أزمة مالية كبيرة، بعد دخول مالكه السابق علي حدّاد السجن، ويقولون إن سبب محنة الاتحاد، هو الأغاني السياسية التي يطلقها أنصاره ضدّ السلطة ورموزها.

لا يحتاج الواحد منّا إلى الذهاب إلى ميادين كرة القدم، لمعرفة الشعارات الجديدة والتراشق بين أنصار ذلك الفريق أو ذاك، فقد تحوّلت جماعات "الألتراس" التي كانت في السابق تنظّم في شكّل جمعيات الأنصار إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومعها انتقلت تسميات الأنصار إلى مجموعات وصفحات افتراضية وقنوات عبر اليوتيوب.

ومنذ زمن طويل، بدأ أنصار النوادي الرياضية في الجزائر، يستقلّون عن النوادي بأسماء مثيرة وخاصّة بهم، على غرار "الشناوة" وتعني الصينيين في اللغة العامية، وهم أنصار مولودية الجزائر، في إشارة إلى قوّة أعدادهم وتأثيرهم الكبير في نجاح الفريق، و"المسامعية" وهم أنصار اتحاد العاصمة، المعروفون بإبداع الأغاني والأهازيج، ومنها السياسية التي خرجت من الملاعب إلى الشوارع في كثير من الحالات.

وبعيدًا عن الجزائر العاصمة، يفتخر أنصار شباب قسنطينة بقوة عدّدهم ويسمون أنفسهم "السنافر"، دلالة على تأثيرهم الكبير، رغم إمكانياتهم المتواضعة، وما يزال الجدل متواصلًا لحد الآن بين "السنافر" و"الشناوة"، حول "عمادة" مولودية الجزائر أو شباب قسنطينة للأندية الجزائرية، وفي على هامش كل مباراة بين الفرقين، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات من هذا القبيل.

ويعرف أنصار وفاق سطيف بـ"الجيش الأسود"، ولهم الكثير من الصفحات والمجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أشهرها "الجيش الأسود" و"الفيراج (المنعرج) السطايفي" وغيرها، وبعضها عبارة عن "أذرع إعلامية" لمجموعات "ألتراس" تنشط في الميدان، وتنظّم الاحتفاليات بمناسبة المباريات الكبرى، التي يجريها الفريق وهو المشهور عربيًا وأفريقيًا وله كثير من الألقاب في هذا الشأن.

غير بعيد عن سطيف شرقي البلاد، يفتخر أنصار أهلي برج بوعريريج صاحب اللون الأصفر المميز، بحبهم لفريقهم ويسمّون أنفسهم "الجراد الأصفر" الذي يأتي على الأخضر واليابس.

وعند أي "داربي" بين وفاق سطيف وأهلي البرج الذي يعرف بـ"داربي الهضاب"، تشتد الملاسنات بين مجموعات "الجراد الأصفر" و"الجيش الأسود" وتخرج أحيانًا عن العبارات الرياضية، مثلما يحدث مع "داربي الشرق الجزائري" بين "الجيش الأسود" و"السنافر".

وفي الغرب الجزائري، يشتهر داربي مولودية وهران واتحاد بلعباس، وقبل أن يكون معركة فوق الميدان الرياضي، يبدأ الأنصار من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ويعرف أنصار اتحاد بلعباس بـ "العقارب"، في وقت يعرف أنصار مولودية وهران بـ"الحمراوة" نسبة إلى حي "الحمري" بمدينة وهران.

ولا تنتهي مباريات الداربي في الجزائر عند إعلان نهاية المباريات، بل تبدأ من جديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين أنصار هذا الفريق وذاك الفريق.

تعدّدت صفحات أنصار كل فريق والكل يدّعي أنه "الممثل الرسمي" لأنصار النادي، ونجح بعضهم في استقطاب المتابعين، حتّى تفوقوا على الإعلام الرسمي، في معرفة أخبار هذا النادي أو ذاك، بل أصبحت بعض الصفحات المعروفة لأنصار النوادي إلى مصدر خبر لكثير من المنابر الإعلامية المعروفة.

لا تنتهي مباريات الداربي في الجزائر عند إعلان نهاية المباريات، بل تبدأ من جديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي 

ومع التأثير الكبير لتلك الصفحات والمجموعات الافتراضية، أصبح كثير من الطامحين لرئاسة هذا النادي أو ذاك يعمل على استقطاب أصحابها ومسيريها، وهو الأمر الذي تسبب في "فتن" داخل أنصار النادي الواحد، الذي قد يشهد حربًا "أهلية" بين مختلف الصفحات التي تناصره، في صورة جديدة من صور الفساد الرياضي الذي أصبح يتحدث عنه الجميع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الملاعب الجزائرية.. أرضيات سيّئة وأخرى أسوأ

فن الشارع.. ألوان "الحراك" تنفخ الروح في أزقة العاصمة