22-يوليو-2019

أولمبياد الرياضيات بأمستردام 2011 (أ.ف.ب)

بينما كان الجزائريون يحتفلون في جميع بقاع العالم بتتويج منتخبهم باللقب الإفريقي، جاءت مشاركة الجزائر في أولومبياد الرياضيات مخيّبة للآمال على الصعيدين الدولي والعربي، إذ اكتفت هذه السنة بالمرتبة الـ 77 عالميًا والخامسة عربيًا في التظاهرة التي أقيمت في مدينة باث البريطانية.

لم تحصل فرنسا، التي تعتمد المنظومة التربوية في الجزائر على مناهجها سوى على المرتبة 25 عالميًا

ترتيب الجزائر في أولمبياد الرياضيات، عرف تراجعًا بأربع مراتب عمّا تحقّق سنة 2017، وأمام هذا الوضع يحقّ للمهتمين بالمدرسة الجزائرية التساؤل عن أسباب هذا الترتيب في مادّة تُعرف بأنها أم العلوم؟.

اقرأ/ي أيضًا: التعليم في الجزائر.. "تضحيات" الآباء شهاداتٌ يحصدها الأبناء

يعكس أولمبياد الرياضيات الموجّه لطلبة الثانويات، منذ انطلاقه عام 1959 في رومانيا، مستوى الاهتمام بالعلوم في النظام التربوي لأيّ بلد، لذلك تتصدّر الولايات المتحدة الأميركية في الغالب الترتيب العالمي، في حين تكتفي الدول المتخلّفة بذيل الترتيب.

تراجع مستمرّ

أظهرت النتائج النهائية لمسابقة أولمبياد الرياضيات لهذا العام، أن الجزائر احتلت المرتبة 77 عالميًا، وإن كانت أحسن من تصنيف العام الماضي الذي وضعها في الرتبة 92 عالميًا، إلا أنها تبقى أقلّ من نتيجة 2017 عندما حلّت في المرتبة 73، وأدنى أيضًا من أحسن نتيجة لها تحقّقت عام 2015، حين اقتكّت المرتبة 62 عالميًا.

لم يكن يكن ترتيب الجزائر متدنيًّا أمام الدول المتقدّمة فقط، بل إنها اكتفت بالمرتبة الخامسة عربيًا أيضًا، فقد حلت السعودية في المرتبة الأولى عربيًا و33 عالميًا، وسوريا التي تعاني ويلات الحرب ثانيًا (55 عالميًا)، والمغرب ثالثًا (64 عالميًا)، وتونس رابعًا (74 عالميًا).

على المستوى العالمي، تصدّرت الصين والولايات المتّحدة نتائج المسابقة دوليًا، متبوعتان بالكوريتين الجنوبية والشمالية ثالثًا ورابعًا وتايلندا خامسًا، وروسيا في المرتبة السادسة.

لم تحصل فرنسا، التي تعتمد المنظومة التربوية في الجزائر على مناهجها سوى على المرتبة 25 عالميًا.  إذ  تم الاستغناء عن الرموز والمصطلحات العربية في مادّة الرياضيات وباقي المواد العلمية وتعويضها بالرموز اللاتينية.

تتمحور مسابقة أولمبياد الرياضيات الدولية على إجراء اختبار ذو مستوى عال يتكوّن من 6 أسئلة، موزّعة على يومين خصص لها (42 درجة)، يتمّ تقديم ثلاث مسائل في كل يوم على مدى 4 ساعات ونصف الساعة. ولا يسمح المشاركة في هذه المسابقة إلا لطلاب ما قبل المرحلة الجامعية وبستة طلاب كحد أعلى من كلّ دولة.

تجاهل السلطات

لم تكترث وزارة التربية مطلقا بنتائج مسابقة أولمبياد الرياضيات، ولم تُصدر تعليقا سواءً بالإيجاب أو السلب حول المشاركة الجزائرية في هذه المسابقة، فإلى غاية اليوم، لم تتضمن الصفحة الرسمية للوزارة إشارة إلى هذا الحدث العلمي، فرغم الترتيب المتأخّر إلا أن المشاركة الجزائرية على المستوى الفردي لم تكن صفرية.

حصل الجزائري عبد الجليل حزوات على ميدالية برونزية، واكتفى كل من عبد اللطيف أنس شنتوف وريحان سيدهم ومحمد بوربيع بالحصول على تقدير مشرف، بينما لم يحصل أمازيغ إسلام هليل على أيّ تقدير.

ويبدو أن وزير التربية عبد الحكيم بلعابد وجد نفسه بين خيارين أحلاهما مرّ، بشأن التعليق هذه المسابقة، لذلك فضّل الصمت، لأن التعليق على هذه الرتبة المتأخّرة يشبه إدانة لضعف عمل مصالحه، أمّا الحديث عن الميدالية البرونزية وحدها فقد يجلب اتهامًا بمحاولة اعتبارها حجّة للتغطية على المراتب المتأخّرة التي احتلتها الجزائر.

ويظهر أن إدارة الوزارة الحالية تحاشت الوقوع في أخطاء وزيرة التربية السابقة نورية بن غبريت، التي اتهمها الدكتور أبو بكر خالد سعد الله أستاذ قسم الرياضيات  بالمدرسة العليا للأساتذة بالقبّة بتضليل الرأي العام في 2017، حين حاولت التغطية على اكتفاء الجزائر بالمرتبة 73 بالحديث عن الميدالية البرونزية المحقّقة، بهدف عدم لفت الانتباه إلى البرامج التربوية التي أخفقت لجان الإصلاح المتعاقبة في تطويرها.

تحضير عشوائي

من جهته، يعتبر الأكاديمي أبو بكر خالد سعد الله، أن ترتيب الجزائر المتأخّر لا يعود فقط إلى المأساة التي تعيشها المنظومة التربوية الجزائرية، إنما أيضًا إلى ما أسماه "الإعداد الفوضوي والغوغائي والارتجالي" لهذه المسابقة.

وتغيب المرافقة العلمية في الجزائر لنخبة التلاميذ في مختلف التخصّصات العلمية، فرغم إنشاء الثانوية الوطنية للرياضيات التي كان الهدف منها وضع نوابغ هذه المادة على المستوى الوطني في ظروف جيّدة للاستثمار في نجابتهم، إلا أن سوء التسيير الذي طبع قطاع التربية لم يسمح لهذه التجربة بتحقيق النتائج المروّجة.

وحسب بروفيسور الفيزياء الجزائري جمال ضو، فإن إعداد المشاركين في أولمبياد الرياضيات لا يكون بالطريقة الصحيحة، ففي السنوات الماضية كان يتطوّع لتحضيرهم الأستاذ مليك طالبي، من خلال أربع لقاءات في السنة، دون محاولة من الوزارة لجعل إعدادهم لهذا الموعد العالمي مستمرًا، رغم أن هذا المكوّن من بين المشرفين على فريق السعودية المشارك في الأولمبياد والذي جعلها تحتل المرتبة الأولى عربيًا.

النتيجة التي حققها الوفد الجزائري في الأولمبياد هي نتيجة حتمية لتدنّي مستوى التحصيل الدراسي

يؤكّد أستاذ الرياضيات بوعلام العيد، فإن هذه النتيجة التي حققها الوفد الجزائري في الأولمبياد ما هي إلا نتيجة حتمية لتدنّي مستوى التحصيل الدراسي في هذه المادّة في كل الأطوار التعليمية، منذ تطبيق إصلاحات بن زاغو التي غيّرت طريقة تلقين مواد الحساب للطلبة والتلاميذ، مثل ما يقول لـ"الترا جزائر".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"المتوسط".. السنوات الأصعب عند التلميذ الجزائري

الإنكليزية بدل الفرنسية... باريس تشنّ هجومًا معاكسًا