12-ديسمبر-2022
برلمانيون جزائريون أمام مبنى المجلس الشعبي الوطني (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

برلمانيون جزائريون أمام مبنى المجلس الشعبي الوطني (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

رفعت الحكومة الجزائرية التجميد عن مشروع إنجاز مقرٍّ جديد للبرلمان، بينما يُرتقب منح زيادات في أجور أعضاء غرفتي النواب والشيوخ، ضمن حزمة من الزيادات في الأجور أقرتها الحكومة للعام الجديد وتمس ملايين الموظفين.

النائب كمال بن خلوف: السيادة الجزائرية تبقى غير كاملة ما دامت المؤسسات الرسمية في الجزائر تشغل مبان كانت في الأصل مقرًا لإدارات المرحلة الاستعمارية

وأعلن مكتب المجلس الشعبي الوطني الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أسدى تعليمات لتخصيص موازنة لتمويل المشروع الذي يضم عدة منشآت مبنيين رئيسيين لاحتضان مقر البرلمان بغرفتيه؛ المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وملاحق إدارية، وفندق ومكتبة، شبيهة بمكتبة الكونغرس الأميركي وفق نمط معماري مغاربي أندلسي وفق ما عُلم من مصادر في الغرفتين، وسينجز المشروع على قطعة أرضية بضاحية العناصر، غير بعيد عن المبنيين الحالين لغرفتي البرلمان الموروثتين  من العهد الاستعماري.

وفي بيانه الصادر في تشرين الأول تشرين الأول/أكتوبر الماضي لم يكشف المكتب عن إجمالي الموازنة التي رُصدت للمشروع، لكن في الوثائق الداخلية للمجلس  أُعلن عن تخصيص ميزانية أولية قدرها  10 ملايير دينار جزائري لإنجاز المقر الجديد و 100 مليار سنتيم لإنجاز الدراسات الهندسية.

وتشغل الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري مبنى شيّد في ثلاثينات القرن الماضي مناصفة مع المجلس المحلي لمدينة الجزائر العاصمة (مجلس منتخب)، أما مجلس الأمة وهي الغرفة العليا فتشغل مبنىً كان في الأصل مقرًا للجمعية الجزائرية وهو مجلس تشريعي أسّسه الفرنسيون في أربعيينات القرن الماضي وهيمنت عليه الأقلية الأوروبية (المستوطنون)، ومصنف حاليًا ضمن التراث الثقافي ولا يمكن إنجاز أيّة تعديلات عليه إلا بموافقة قطاع حفظ التراث التابع لوزارة الثقافة.

من جهتهم، دافع نواب عن مشروع إنجاز مقر جديد للبرلمان، بحجّة أنه غير قادر على احتواء العدد المتزايد للموظفين، إضافة إلى قدم المبنيين الحاليين اللذين شيدا في زمن الاستعمار الفرنسي. هنا يقول رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي محمد طويل في حديث إلى "التر جزائر"ـ إن  إنجاز مقر ٍّجديد للبرلمان أمسى ضروريًا لأن المبنى الحالي لم يعد ملائمًا للعمل فيه"، وفي هذا السياق، أشار علي ربيج، رئيس لجنة الصحة السابق، أن المبنى الجديد يعاني من تصدعات أصابت المبنى وأن "تقريرًا رفعته الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء أظهر تعرّض المبنى لأضرار مما يوجب إخلاءه وإعادة صيانته".

واستبعد برلمانيون اندلاع جدل شبيه بذلك الذي تفجر عن إطلاق مشروع جامع الجزائر الذي  كلف 898 مليون أورو(حوالي 1مليار دولار)،لأن المقر الحالي سيوضع تحت تصرف الدولة بعد تجديده.

سيادة غير مكتملة

إلى هنا، لاحظ النائب كمال بن خلوف رئيس المجموعة البرلمانية السابق لحركة البناء الوطني(شريكة في التحالف الرئاسي) أن السيادة الجزائرية تبقى غير كاملة مادامت المؤسسات الرسمية في الجزائر تشغل مبان كانت في الأصل مقرًا لإدارات المرحلة الاستعمارية بمن فيها مقر الحكومة، باستثناء مقرات قليلة تحتضن مكاتب وزارات الثقافة، الاتصال الخارجية والطاقة.

وجاء قرار رفع التجميد عن مشروع إنجاز مقر جديد للبرلمان ضمن سلسلة من القرارات التي اتخذها الرئيس تبون لصالح المؤسسة التشريعية، ضمت إطلاق قناة برلمانية تديرها الحكومة (ضمن باقة قنوات التلفزيون العمومي)، ومنح تعويضات إضافية (تعويضة السكن)،ويُرتقب أن يستفيد أعضاء البرلمان في العام الجديد من زيادات في الأجور بعد إقرار زيادات جديدة لموظفي الدولة.

وتفوق أجرة البرلماني في الجزائر حوالي 17 مرة الأجر القاعدي المضمون في الجزائر الذي يقدر بـ 20  ألف دينار جزائري، بينما يشتكى أعضاء البرلمان الجزائري من كونهم لا يحصلون على التعويضات المالية مقارنة بنظرائهم في دول الجوار باستثناء موريتانيا، إذ يحصل البرلماني الفرنسي مثلًا على سبعة  آلاف أورو شهريًا  منها خمسة آلاف أورو صافية.

و استفيد من مصادر في اللجنة المالية أن أصواتًا ارتفعت خلال مناقشة موازنة المجلس الشعبي الوطني في تشرين الثاني/نوفمبر بتحيين سلم المنح ومزايا تضم قروض بصيغ ميسرة وفي التقاعد وتوفير وسائل العمل.

و ستقفز موازنة المجلس الشعبي الوطني في 2023 الى 8000 مليار سنتيم بدلًا عن 7500 مليار سنتيم في 2022، فيم تنتقل موازنة مجلس الأمة الجزائري من 3500 مليار سنتيم إلى 4410  مليار سنتيم حسبما جاء في موازنة الدولة للعام الجديد 2023.(ميزانية إنجاز المقر الجديد مستقلة).

 

مرفق من مشروع ميزانية الدولة 2023

دعوات جديدة لتبون لمخاطبة البرلمان

وتظهر السياسة الجديدة الرئيس الجزائري تجاه البرلمان تحولًا في نظرته للمؤسسة التشريعية بعد سنة عاصفة ميزها ممارسة عملية إخضاع للمؤسسة التشريعية وملاحقة عشرات البرلمانيين أمام القضاء، وفي هذا السياق، لازال  أعضاء البرلمان يأملون في نزول الرئيس تبون إليهم لمخاطبتهم.

من جهته، دعا محمد طويل رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي  الأحد 21 تشرين  الثاني/نوفمبر الرئيس تبون لتشريف البرلمان بخطاب، مكررًا دعوة قدمها القيادي في الحزب منذر بودن في تشرين الأول الماضي.

وسعى النائب المستقل علي بن سبقاق، الذي أطلق الدعوة  لتبون قبل عام لاستصدار لائحة عن كتلة المستقيلين تناشده لإلقاء خطاب أمام اعضاء البرلمان، لكنه لم يلق التأييد وسط شكوك في نوايا أصحاب هذه النداءات وخصوصًا توقيتها الذي يتزامن مع عودة الحديث عن تعديل حكومي آخر  .

في هذا السياق، قال النائب عن كتلة البناء الوطني كمال بن خلوف إن المادة 150 من الدستور الجزائري "تتيح لرئيس الجمهورية مخاطبة أعضاء البرلمان لكنها لا تلزمه بذلك"، مدافعًا عن فكرة تجسيد أحكام الدستور ورمزية الخطوة لأنها تمثل، حسبه، فرصة لبناء علاقة جديدة بين الرئاسة ومؤسسة البرلمان وفتح صفحة أخرى في الحياة السياسية في البلاد".

وردَا على سؤال"الترا جزائر" حول فرص إلقاء خطاب تبون للبرلمان بمناسبة الذكرى الثالثة لانتخابه (12 ديسمبر كانون الأول/ المقبل)، قال البرلماني "لم لا يخاطبنا الرئيس لبناء تقاليد جديدة؟".

ويأمل أنصار تبون في البرلمان أن تكون الذكرى الثالثة لانتخابه في الـ 12 من شهر كانون الثاني/جانفي 2019 فرصة لمخاطبة الجزائريين من بوابة البرلمان.

الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لم يسبق له مخاطبة أعضاء البرلمان باستثناء الرسائل الموجهة إليهم

يشار أنه لم يحدث من قبل أن خاطب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أعضاء البرلمان باستثناء إبراق رسائل موجهة إليهم، لكن السلطات سمحت لرؤساء أجانب بمخاطبة أعضاء البرلمان منهم رؤساء إيران أحمدي نجاد، وتركيا رجب طيب أردوغان، وفرنسا فرنسوا هولاند.