15-يوليو-2020

الاجتماع الوزاري قرّر تخصيص 1000 مليار دينار لإنعاش الاقتصاد (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

تعقد الحكومة برئاسة عبد المجيد تبون، اجتماعات ماراتونية مكثفة، تتناول من خلالها بلورة مخطط وطني للإنعاش الاقتصادي، في محاولة منها إيجاد سبل تنويع مصادر الدخل بالعملة الأجنبية، بعد تراجع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية.

تتوقّع الحكومة توفير 20 مليار دولار من إجراءات تقليص وترشيد استيراد السلع، والحد من مستوى الواردات

 وتسببت تداعيات فيروس كورونا التي طاولت قطاعات صناعية وتجارية، في تراجع في الجباية العادية. كما تسبّبت الجائحة في تعطيل القطاع الخداماتي وشل قطاع الأشغال العمومية والسكن، التي راهنت عليه الحكومة في امتصاص البطالة وتنشيط الدورة الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا: شراكة الجزائر مع الاتحاد الأوروبي.. صفقة خاسرة من البداية؟

وخلُص الاجتماع الوزاري الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى تنصيب لجنة يرأسها رئيس الحكومة، تعمل على تقييم الانعكاسات الناجمة عن جائحة كورونا.

ويرتقب من القطاعات الوزارية، إعداد دفاتر شروط قبل تاريخ 22 تمّوز/جويلية الجاري، يخصّ قطاع صناعة السيارات، الصناعات الكهرومنزلية، إنتاج قطاع الغيار، استيراد السيارات، شريطة أن يتم إقامة شبكة للخدمة ما بعد البيع.

واستغلالًا لظروف الركود الاقتصادي في دول أوروبية، تقرر استيراد المصانع المستعملة على ألا يقل عمر التجهيزات خمس سنوات، مع تشديد الرقابة على تضخيم فواتير الاستيراد التي تنهك خزينة البنك المركزي، وفي ظلّ وجود قطاع مصرفي متخلف، شدّد مجلس الوزاري على ضرورة إعادة هيكلة القطاع ورقمنته، وعصرنة وتحديث قطاع الضرائب والجمارك. وتتوقّع الحكومة من إجراءات تقليص وترشيد استيراد السلع، والحد من مستوى الواردات في مجال الخدمات، يمكّن من اقتصاد وربح حوالي 20 مليار دولار سنويًا.

ألف مليار لتطوير الاستثمار

وفي إطار بعث الاستثمار، تقرر تخصيص غلاف مالي يقدر بـ 1000 مليار دينار، إضافة إلى عشرة مليارات دولار التي يمكن توفيرها من عملية الحدّ من الواردات في مجال الخدمات والدراسات.

وفي سياق الموضوع، أوضح الخبير الاقتصادي سليمان ناصر، في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه لا بدّ من خطة اقتصادية بجوانبها الثلاثة ( قصيرة، متوسطة، وطويلة الأجل)، مضيفًا أنه لا يمكن وضع مخطط اقتصادي ترقيعي وآني، على حدّ تعبيره.

وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة الاستقرار الاطار البشري والحكومي في بعث مسار الاصلاحات الاقتصادية، كونه عامل ينعكس ايجابًا على استقرار النصوص التشريعية والتنظيمية، وأشار سليمان ناصر، أن رئيس الجمهورية شدّد على المسارعة في إعداد دفاتر الشروط العالقة، منها المتعلقة بصناعة السيارات واستيراد السيارات، محدّدًا جدولًا زمنيًا لإعداده.

وأضاف المتحدّث، أن تحديد توقيف استيراد الوقود والمنتوجات المكرّرة قبل الثلاثي الأول من سنة 2021، من شأنه التعجيل في تدشين مصافي التكرير الجديدة وإصلاح العاطل منها، متسائلًا في الوقت نفسه، عن إمكانية إصلاح المنظومة المالية  في ظلّ تسيير البنك المركزي دون مدير منذ فترة معينة.

وفيما يخصّ معضلة استرجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية، وإعادة إدماجها في المسار البنكي، أوضح الخبير أن الحل يكمن في الإسراع في تطوير وسائل الدفع الإلكتروني، وليس الاكتفاء بمجرد تعليمات في مجلس وزاري، على حدّ قوله

جدير بالذكر، أن الأموال التي تُدار في السوق الموازية تقدر حسب بعض الخبراء بـ 17 مليار دولار، غير أن كل الحكومات المتعاقبة، عجزت على احتواء هذه الكتلة النقدية رغم الإجراءات المتخذة.

عدم واقعية بعض القرارات

وفي الشأن ذاته، تساءل بعض المتتبعين، حول توفير غلاف مالي قدره 1000 مليار دينار التي تحدث عنها رئيس الجمهورية، لتطوير وبعث النشاط الاقتصادي، علمًا أن أي سنتيم لا يتم إنفاقه من الحكومة إلا في إطار قانون المالية ومصادقة البرلمان، الذي يصادق على ميزانية العامة للدولة.

أمّا عن توفير 10 مليار دولار، فالأمر سابق لأونه، بسبب أنّ اقتصاد حوالي 20 مليار دولار نهاية السنة الجارية، بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة، وحسابات مصرفية دقيقة، ولا يمكن استباق ادخار 20 مليار دولار خلال السداسي الثاني من السنة المالية، كما لا يمكن التنبؤ كم ستكون التكلفة المالية لجائحة كورونا، خاصّة مع تضاعف استيراد معدّات وأجهزة المستشفيات وارتفاع ميزانية القطاع الصحي.

من جهة أخرى، يبدو أن قرارات مجلس الوزراء، تحمل الطابع البيروقراطي في المقاربة الاقتصادية، حيث نلاحظ الجانب التوجيهي والتعليماتي في إصدرا القرارات، بينما المقاربة الاقتصادية هي مقاربة برغماتية، تسطر برنامجًا تحدّد فيه الاولويات، ويكون الاستشراف والاستباق في ظلّ اقتصاد دولي منفتح، وتظل مضاعفة الإنتاج والإنتاجية، مرهونة بنمط الاستهلاك الأسري والعائلي.

الخطة الاقتصادية لا تنفصل عن الرؤية الاستراتيجية المتكاملة في ظلّ محيط اقتصادي-سياسي-أمني عالمي ومعولم، تبحث فيه دول العالم الثالث عن رؤوس أموال الشركات العالمية، واستقطاب اقتصاد المعرفة  والتكنولوجية.

 يعاب على الحكومة اليوم، الرؤية التقليدية للمجال الصناعي، الذي لا يزال يعتمد على الصناعات الكبرى والمتوسّطة، في مقابل ذلك توجد تجارب دول متوسطية ناجحة، اعتمدت على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير المجال الخدماتي كالسياحة والتأمينات والبنوك وعصرنة البنى التحتية.

يشكّل الانتقال الطاقوي اليوم العمود الفقري لكل القطاعات الاقتصادية

كما يشكّل الانتقال الطاقوي اليوم، العمود الفقري لكل القطاعات الاقتصادية، ومحور النشاطات الصناعية، إضافة إلى الطابع الاستراتيجي للتجارة الإلكترونية، وتحديد السيادة في التجارة الخارجية.       

 

اقرأ/ي أيضًا:

الاتحاد الأوروبي أول زبون للجزائر والصين تحتل المرتبة الأولى كممون

الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟