04-يناير-2020

الجزائر وقعت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 2005 (الصورة: EU NEIGHBOURS)

لا أحد يعلم حتى الآن، إن كانت الحكومة الجزائرية ستتقدم بطلبٍ جديدٍ للاتحاد الأوروبي، لتأجيل دخول الجزائر إلى منطقة التبادل الحرّ مع هذا الشريك الشمالي، نظرًا إلى آثاره الواضحة على المؤسّسات الاقتصادية، بفعل التفكيك الجمركي الذي يكبّدها مليارات الدولارات، خاصّة وأنّها دخلت مرحلة التقشّف، لمواجهة حاجياتها الاجتماعية والاقتصادية.

عبد الرحمان عيّة: الجزائر لم تحقق أيّ مكاسب من شركاتها مع الاتحاد الأوروبي منذ 2005

بحلول عام 2020، سيدخل اتفاق منطقة التبادل الحرّ بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حيّز التنفيذ، مثلما كان مقرّرًا سابقًا، وهو الذي تأجّل أكثر من مرّة، كانت آخرها سنة 2017.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟

اتفاق فاشل

منذ انطلاق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في 2005، لم تحقّق الجزائر أيّ مكاسب حتّى الآن، حسبما قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عيّة في حديث إلى "الترا جزائر"، لأنه كرّس فقط إغراق الجزائر بالمنتوجات الأوروبية مقابل تصدير الغاز للقارّة العجوز.

وتشيرُ إحصاءات الجمارك الجزائرية، إلى أنّ أربعة دول أوروبية، تأتي في قائمة مموّني الجزائر بعد الصين، المتصدّرة لقائمة الدول الأكثر تصديرًا إليها.

استوردت الجزائر في الأشهر التسعة الأولى من 2019، ما قيمته 32.42 مليار دولار، حيث بلغت فاتورة استيرادها من الصين 6.09 مليار دولار، ومن فرنسا 3.25 مليار دولار، ثم إيطاليا ما قيمته 2.45 مليار دولار، فإسبانيا بـ 2.33 مليار دولار وألمانيا 2.21 مليار دولار.

من جهته يرجّع علي باي ناصري، رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، عدم نجاح الشراكة الجزائرية الأوروبية، إلى الفارق الكبير المسجّل بين قيمة الصادرات والواردات مع البلدان الأوروبية.

وقال علي باي ناصري، في تصريح للقناة الإذاعية الثالثة الحكومية، إنّ الجزائر تخسر سنويًا ما قيمته ملياري دولار، بسبب الإعفاءات الجمركية على السلع الضريبية، منذ دخول هذا الاتفاق في 2005، ما يعني أن خسارة الجباية الجزائرية ستزيد مع دخول اتفاق المنطقة الحرّة حيّز التنفيذ هذه السنة.

ويوضّح ممثل المصدّرين الجزائريين، أن هذه الخسارة تتلخّص في أن 52 في المائة من الواردات الجزائرية، تأتي من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي جعل الاتفاق الموقع منذ 15 سنة، لا يعود بأيّة أفضلية لاقتصاد الجزائر.

طلب تأجيل

في هذا السياق، دعا علي باي ناصر الحكومة الجزائرية، إلى تأجيلٍ جديدٍ لدخول الجزائر منطقة التبادل الحرّ، الذي سيضاعف حسبه من خسائر المصدّرين الجزائريين غير القادرين على مواجهة منافسة الشركات الأوروبية، في حال كانت هذه السوق مفتوحة للجميع.

وكانت الجزائر في سنتي 2012 و2017، طلبت تأجيل دخولها للاتحاد الأوروبي تحت أعذارٍ مختلفة، لكنها إلى اليوم لم تقدّم  طلبًا لتأجيل الاتفاق الذي سيدخل حيّز التنفيذ هذا العام، وهو التوجّه الذي قد تسير عليه على الأقل في المرحلة الحالية، بالنظر إلى الإكراهات الاقتصادية التي تواجه الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، خاصّة ما تعلق منها بانخفاض أسعار النفط، والفساد الذي مسّ مجالات الاقتصاد الحيوية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

هنا، يوضّح الأستاذ الجامعي عبد الرحمان عيّة في حديث إلى "الترا جزائر"، أن الحلّ لا يكمن في الناحية الاقتصادية؛ لأنه "إذا ما استمرّ الوضع في البلاد كما هو، فما الفائدة من التأجيل؟".

وأضاف المتحدّث، أن اتفاق الشراكة جعل الجزائر سوقًا للمنتوجات الأوروبية، لأنّه كرّس السياسات المنتهجة من قبل الاتحاد الأوروبي، نحو الضفّة الجنوبية للمتوسّط، التي ترى في الدول المنتمية لهذه المنطقة مجرّد مستهلك لسلعها، مبينًا أن "القاطرة السوداء" لهذه السياسات بالنسبة للجزائر هي فرنسا، لذلك وجب قبل تقديم أيّ طلب للتأجيل، والعمل على مراجعة هذا الاتفاق، على حدّ قوله.

في هذا السياق، يدعو عيّة، إلى إرفاق طلب التأجيل بإعادة هيكلة الاقتصاد الجزائري، وتطهير البلاد من الإرهاب الإداري الذي أجهض أيّ استثمار أجنبي.

"التعامل مع الوضع الجديد، الخاص بمنطقة التبادل الحرّ مع الاتحاد الأوروبي، ستكون مهمّة الطاقم الحكومي الجديد، الذي سيكون أمام امتحان تقديم خطّة عمل جديدة للخروج بأرباح حقيقيةٍ من هذا الاتفاق، وعدم تكرار السياسات التي حدثت في ظلّ حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي فضّل قضاء المصالح الشخصية على حساب مصلحة البلاد"، يقول الأكاديمي عبد الرحمان عيّة.

 الرئيس عبد المجيد تبون، سيكون مجبرًا على إيجاد الحلول لمواجهة الانفتاح على الأسواق العالمية

يبدو أن الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، سيكون مجبرًا على إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة الانفتاح على الأسواق العالمية، بالنظر إلى أن الجزائر وقعت أيضًا في الأشهر الماضية على الانضمام لاتفاق منطقة التبادل الأفريقية، الذي يدخل هو الآخر حيّز التنفيذ هذا العام، الأمر الذي يجعل المهمة صعبة، لكنها قد تكون فرصة سانحة للاستفادة من موقع الجزائر الرابط بين القارتين، العجوز والسمراء.

اقرأ/ي أيضًا:

الاتحاد الأوروبي أول زبون للجزائر والصين تحتل المرتبة الأولى كممون

"توتال" الفرنسية والبترول الجزائري.. هل أصبحت القضيّة سياسية؟