22-أبريل-2021

تراهن السلطة على جمعيات المجتمع المدني لإنجاح التشريعيات (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

بعد هدنة دامت لأكثر من سنة بسبب تداعيات الأزمة الصحيّة، تعود الاحتجاجات الاجتماعية إلى واجهة الأحداث، قطاعات مهنية متعدّدة عرفت حركة إضرابات وتوقف عن العمل، فيما هدّدت نقابات التربية والتعليم وأساتذة المتعاقدين وموظفي وزارة التجارة والضرائب عن العزم لشنّ حركات احتجاجية، في ظلّ تراجع القدرة الشرائية للمواطن من جراء الارتفاع الخيالي للأسعار.

هل بإمكان الاحتجاجات القطاعية والمهنية تقويض الحراك السياسي؟

يتزامن تزايد احتقان الجبهة الاجتماعية في ظلّ استمرار الحراك الشعبي ذات المطالب السياسية، وعلى ضوء ذلك يتساءل متتبّعون عن توقيت صعود الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، هل يهدف إلى تحويل الأنظار نحو المطالب الاجتماعية بدل التركيز على المطالب السياسية؟ وهل بإمكان الاحتجاجات القطاعية والمهنية تقويض الحراك السياسي؟ وهل تفضّل السلطة التعامل مع الإضرابات النقابية والقطاعية بدل من التعامل السياسي مع حركة الشارع؟ أو بالمختصر هل بإمكان الجبهة الاجتماعية تقويض الحراك السياسي؟

اقرأ/ي أيضًا: مسودّة قانون الانتخابات.. قطيعة مع الماضي أم تكريس للنظم القديمة؟

نقاط مشتركة 

 في سياق الموضوع، يرى الباحث والمهتم بالشأن الاقتصادي مولود مدي، أن ما يجمع النضال السياسي والنشاط النقابي والاجتماعي نقاط مشتركة أكثر ما يفقرهما، موضحًا أن استخدام الفضاء العمومي والعمل الجماعي قواسم مشتركة لكى التظاهرات.

يشير محدّث "الترا جزائر"، إلى وجود تكامل بين النضال من أجل مطالب سياسية وتحقيق أهداف اجتماعية، وبخصوص محاولات عزل الحراك الاجتماعي من مضمونه السياسي، يقول مدي إن الهدف وراءه هو إحداث قطيعة بين العمل السياسي والنقابي وعزل فئات عريضة من المجتمع لأداء أدوار سياسية، موضحًا أنه بإمكان السطلة استغلال الريع قصد شراء السلم الاجتماعي، رغم محدوديته، والالتفاف على المطالب الاجتماعية، على حدّ قوله.

هنا، يعلّق مولود مدي "ما إنّ تجف الريوع الخارجية ستعود المطالب نفسها إلى الواجهة، كون الخلل يكمن في هيكلة النظام السياسي"، معتبرًا أن إشراك القوى الاجتماعية في صياغة مشروع سياسي كفيل بإعادة التوازنات والاستقرار لانو هو ضمان توزيع عادل للثروة.

عرض سياسي هشّ 

في المقابل، يرى المحلّل السياسي عادل أورابح في حديث لـ "التر جزائر"، أن العرض السياسي الحالي هزيل وليس في مستوى إدارة الأزمة بكل أبعادها، ما يفسر حسب رأيه ارتفاع وتيرة الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي. 

في هذا السياق، يرى أورابح أنه لا يمكن فصل المطالب الاجتماعية عن المطالب السياسية، مضيفًا أنه بعض النظر عن الأسباب السياسية الحالية وراء الحراك الشعبي لا يمكن تجاهل دور المحرك الاقتصادي.

من بين أسباب الحراك الشعبي، بحسب المتحدّث، هو التآكل المستمرّ للطبقات الوسطى التي تشكلت في العشرين سنة الأخيرة، وفي اعتقاد المحلّل السياسي أن الحراك الاحتجاجية الاجتماعية لا يمكن لها تقويض أو تجاوز المطالب السياسية، مؤكّدًا على إعطائها مضمونًا سوسيو-اقتصادي واضح المعالم.

لويزة حنون تحذّر 

من جهتها، قالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة خنون أن الوضع العام في البلاد في خطر ويحمل بوادر العنف، وذكرت بمناسبة انطلاق الربيع الأمازيغي أن انهيار القدرة الشرائية للمواطنين وارهاق أغلبية الشعب وحالة الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه كل القطاعات تحمل مخاطر عديدة، مضيفة أنّ الإضرابات تطرح مطالب مشروعة وأساسية. 

كما حذّرت لويزة حنون، من التعامل السياسي مع المطالب الإجتماعية عبر "تجريم الإضراب الذي يعتبر حقًّا دستوريًا واستعمال القضاء في تكسيره". متوقعة ازدياد الاحتقان والغضب الشعبي مستقبلًا.

تجدر الإشارة إلى أن الأمينة العامة لحزب العمال، ترفض الفصل بين المطالب السياسية والمطالب الاجتماعية، إذ ترى تكامل بين النضالين ولن يتحقّق الاستقرار الاجتماعي إلا بالعودة إلى بناء مؤسسات ديمقراطية تمثل الإدارة الشعبية والعمالية.

تبون والإصلاح الاقتصادي 

في ظلّ هشاشة الوضع السياسي وفقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم يراهن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من خلال سلسلة لقاءاته مع وسائل الاعلام على الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، كرسائل طمأنة لفئات عريضة من المجتمع، غير أن الواقع يؤكّد عجز الحكومة في مواجهة أزمة السيولة، وندرة بعض المواد الغدائية الأساسية كمادة الزيت والحليب عوامل ضاعفت من اتساع الرقعة الغضب.

 تزداد الإضرابات الفئوية الحاملة لمطالب مجتمعية تتضمن زيادة الأجور والمطالبة بالسكنات كلما اقتربت المواعيد الانتخابية

في النهاية، قد يشكّل الحراك الاجتماعي مخرجًا لأزمة السلطة سياسيًا، نظرًا لقدرتها على استيعاب المطالب الاجتماعية ولو ظرفيًا، في مقابل ذلك يُمكن ربط الاحتجاجات المطلبية بالانتخابات التشريعية القادمة، إذ تزداد الإضرابات الفئوية الحاملة لمطالب مجتمعية تتضمن زيادة الأجور والمطالبة بالسكنات كلما اقتربت المواعيد الانتخابية، كنوعٍ من المساومة والضغط على السلطة، التي تسارع في أغلب المرّات إلى التهدئة لتمرير مشروعها السياسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع قانون الانتخابات.. تغيير نمط الاقتراع وفرض شروط جديدة للترشح

قانون الانتخابات الجديد.. نحو حلّ مشكلة المال الفاسد والعزوف الانتخابي