25-ديسمبر-2022
قادة أحزاب سياسية في الجزائر بمندى الحوار (الصورة: Getty)

قادة أحزاب سياسية في الجزائر بمنتدى الحوار (الصورة: Getty)

تتسابق الأحزاب والتشكيلات السياسية في الجزائر الزمن لعقد مؤتمراتها الحزبية قبل نهاية السنة الجارية، أو على أكثر تقدير مطلع العام المقبل، وتضبط قيادات الأحزاب ساعتها على برنامج عمل سنة 2023، وهي السنة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، المزمع عقدها سنة 2024.

تستعد الأحزاب السياسية في الجزائر لتقديم مرشحها إلى الرئاسيات المقبلة أو المشاركة في تحالفات حزبية

ويرتقب أن تعيد التشكيلات السياسية عبر هذه المؤتمرات ترتيب بيتها الداخلي، وربما إعادة إنتخاب قيادات جديدة أو تجديد الثقة في القيادة الحالية، كما سترسم خطة طريق وخارطة عمل تمتد لسنتين على الأقل، تؤطر من خلالها نظرتها لرئاسيات سنة 2024.

هذه الرئاسيات بدأت ملامحها تبرز في الساحة الوطنية، رغم أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أكد في حواره الأخير مع الصحافة الوطنية بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2022 أن "الوقت لا يزال مبكرًا عن فتح هذا الملف".

وإذا كان حزب جبهة التحرير الوطني "أفلان" قد أجل مؤتمره الحزبي لثلاث سنوات بفعل الصراعات الداخلية، فمصادر من داخل الحزب العتيد تؤكد اليوم، أن موعد عقد هذا المؤتمر قد بات وشيكًا، حيث سيتم خلاله تصحيح الاختلالات ولم شمل الحزب وطي صفحة الماضي.

في هذا السياق، باشرت أحزاب أخرى عقد مؤتمراتها على غرار حزب جبهة القوى الاشتراكية "أفافاس" الذي يشدد على أن هذا المؤتمر كان فرصة لإعادة بعث مشروعه الوطني، فماذا تخفي هذه الخطوات المستعجلة في دفاتر الأجندة السياسية لسنة 2023؟

متى تنعقد مؤتمرات الأحزاب؟

يرى رئيس مجلس شورى حزب جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف في إفادة لـ"الترا جزائر"، أن المؤتمرات الخاصة بالأحزاب السياسية يحكمها الدستور وقوانين الجمهورية وقانون الأحزاب، إضافة إلى القانون الداخلي للحزب، فهذا الأخير يحدد تاريخ انعقاد المؤتمر كل ثلاث أو خمس سنوات.

كما تنعقد هذه المؤتمرات تماشيًا مع الانتخابات التي تكون مرة كل خمس سنوات على غرار التشريعيات والرئاسيات، حيث تقوم الأحزاب بعقد مؤتمراتها العادية التي تحكمها المادة 36 من قانون الأحزاب، والتي تنص على أن الحزب عندما يغير نظامه الأساسي أو حتى قيادته، سواءً على المستوى القيادي أو في القاعدة، عليه إعلام وزارة الداخلية قبل عقد المؤتمر، هذا الأخير يجب أن يعقد في وقته وإلا يصبح الحزب ناشطًا خارج الإطار القانوني، وهنا يمكن أن يتعرض الحزب إلى الحل أو تجميد النشاط لذلك تسارع الأحزاب الزمن لعقد مؤتمراتها.

ويشدد بن خلاف، على أنه في العادة تقوم الأحزاب السياسية خلال مؤتمراتها بمراجعة النظام الأساسي والقانون الداخلي وكذا البرنامج السياسي للحزب وأيضًا الهيئات القيادية الموجودة والتي تحل آليًا عند انعقاد المؤتمر، ويتم بعدها انتخاب هياكل جديدة وقيادة جديدة وهيئات على المستوى القاعدي، حيث أن كافة هذه الهياكل معنية بالتغيير خلال المؤتمر.

وحسب بن خلاف، فالذي لا يلتزم بدورية عقد المؤتمر يعرض نفسه للحل والاندثار من الساحة السياسية، إذ تعد المؤاتمرت فرصة للحزب لتقييم أدائه خلال المرحلة المقبلة، وتحديد الاستراتيجية الحزبية، لتكون له فرصة لتغيير الاتجاه السياسي حسب مستجدات المرحلة المقبلة، واختيار القيادة التي تمثلهم بناءً على المستجدات السياسية والاقتصادية.

 

ضبط أجندة الساسة

من جهته، يرى القيادي في حركة البناء الوطني كمال بن خلوف، وهي الحركة التي تعتزم هي الأخرى عقد مؤتمرها خلال الثلاثي الأول من سنة 2023، أن غلب الأحزاب السياسية ستعقد مؤتمراتها مع بداية السنة الجديدة على غرار حركة البناء و"الأفلان" وحركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وقبلها سبق وأن عقدت جبهة القوى الاشتراكية مؤتمرها منتصف الشهر الجاري، وذلك للتكيف مع القانون.

ويعتبر بن خلوف في حديث إلى "الترا جزائر" أن كل حزب سوف يجري تقييمًا كليًا ينجر عنه إما الإبقاء على نفس السياسة أو طرح سياسة جديدة وخلال هذه المؤتمرات سيتم تمحيص ما تم تحقيقه خلال الاستحقاقات الماضية.

كما يعترف المتحدث، بأن الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 والتي لم يعد يفصلنا عنها الكثير، ستكون محور الحديث في هذه المؤتمرات، حيث أن أي إنتخابات سياسية تعرفها البلاد تحتاج إلى التقييم من جهة، والاستعداد من جهة أخرى، خاصة وأن الانتخابات الرئاسية لم يعد يفصلنا عنها سوى أقل من سنتين.

تستعد الأحزاب، حسب المتحدث، عبر مؤتمراتها لمثل هذه المواعيد، لترتيب الأوراق سواءً باتخاذ موقف من خلال المشاركة في هذه الانتخابات عبر تقديم مرشح أو المشاركة في تحالفات، وكل ذلك مرتبط بعملية سياسية تحتاج إلى مدة معينة لتحديد الأهداف ورسم التوجهات.

وفي السياق، ترى التشكيلات السياسية المقبلة على عقد مؤتمراتها أو تلك التي عقدتها خلال الشهر الجاري على غرار جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس" أن المؤتمرات الحزبية تعد محطة فاصلة في الحياة السياسية لأي حزب في الساحة الوطنية، حيث يؤكد الأمين الوطني لحزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، في تصريحات صحفية أن انعقاد المؤتمر فرصة لإلقاء نظرة واضحة على وضع الحزب وتحديد نقاط الضعف والاختلالات الكامنة فيه وطي صفحة الأزمة بصفة نهائية.

ويضيف ممثل "الأفافاس" الذي عقد مؤتمره قبل أسبوعين أن هذه المحطة السياسة تشكل نقطة البداية لترجمة الإرث التاريخي للحزب ورصيده السياسي كمشروع وطني جامع ومنصة لاستكمال بنائه وجعله مؤسسة سياسية فعالة وفاعلة في الساحة الوطنية تحت شعار: "عقد تاريخي من أجل استكمال المشروع الوطني".

قيادات ترمي المنشفة

وتعد المؤتمرات الحزبية أيضًا مناسبة أمام التشكيلات السياسية في الجزائر لتغيير القيادات، فنجد أن بعض رؤساء الأحزاب يرمون المنشفة وآخرون يقررون البقاء والاستمرارية.

وفي السياق يقول بن خلوف: "كل تشكيلة سياسية تفصل في مصير قادتها، حسب وضعها الداخلي، فهناك أحزاب تعيش تركيبة حزبية مستقرة وأخرى قائمة على التدافع، وتسعى دائمًا لتحقيق التغيير وبالتالي يصبح الصراع منحصرًا على القيادة والمنصب بدلًا من البرامج، إذ تطفو إلى السطح المناصب والحسابات والصراعات حول الزعامة بدل الخطط المستقبلية".

ويرى محدث "الترا جزائر" أن هذه الظاهرة في الأغلب "تشهدها الأحزاب التقليدية بين قوسين العريقة التي تعرف تدافعًا على الزعامة، عكس الأحزاب الجديدة التي تعيش على الرتابة وتبحث عن تحديث البرامج والتموقع بدلًا من صراع القيادة، في إشارة منه، لحزب جبهة التحرير الوطني الذي تأجل مؤتمره لما يقارب ثلاث سنوات، بسبب الصراعات الداخلية التي تلغي في كل مرة انعقاده، بالقول بأن المؤتمر الحادي عشر الذي لم يحدد تاريخه بعد، سيكون فرصة لإعادة ترتيب الحزب وطي صفحة الماضي.

المؤتمرات الحزبية تبقى ضرورة تفرضها الحياة السياسية والمواعيد الاستحقاقية في الجزائر

وفي النهاية تبقى المؤتمرات الحزبية ضرورة تفرضها الحياة السياسية والمواعيد الاستحقاقية في الجزائر، وهي اجتماعات لا يمكن لأي من الأحزاب تجاهلها أو تفاوتها، بما فيها التشكيلات التي تعيش خلافات داخلية، فالوضع السياسي العام يفرض لم الشمل داخليًا والالتفات إلى ما هو أهم وطنيًا.