22-يناير-2021

اشتراط الشهادة الجامعية للترشح للانتخابات يثير جدلًا في الجزائر (Getty)

خيبت مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات، التي أعدّتها لجنة أحمد لعرابة آمال كثيرين ممن كانوا يتطلّعون بأن تصبح الشهادة الجامعية المقياس الأول في بناء جزائر ما بعد حراك 22 شباط/فيفري 2019، واعتماد المستوى الجامعي شرطًا لتقلّد المسؤولية للتخلّص من "الحرس القديم" من المسؤولين في مختلف المجالس المنتخبة، من رئيس الجمهورية إلى رئيس البلدية، وإنهاء عدم دراية المنتخب بما تتطلبه المسؤولية المُلقاة على عاتقه.

شرفي: الاعتماد على الشهادة قد يحرم بعض المواطنين من حقّ الممارسة السياسية والترشّح للانتخابات

وبالرغم من أن لعرابة حاصل على الدكتوراه في القانون الدستوري، والرئيس عبد المجيد تبون خريج المدرسة الوطنية للإدارة، إلا أن مسودّة القانون العضوي للانتخابات لم تعر اهتمامًا بالغًا للمستوى التعليمي في تقلد المسؤولية، بالرغم مما تتطلبه أدوات التسيير الحديثة والولوج إلى الإدارة الإلكترونية من مستوى تعليمي لإدارة البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التشريعية.. هل تتغيّر موازين قوى الأحزاب في البرلمان؟

خطوة غير كافية

لم تول وثيقة مشروع القانون العضوي للانتخابات المتداولة، أهميّة كبيرة لمستوى تعليم المترشّح لتقلد مسؤولية معينة، سوى اشتراطها في المترشّحين لانتخابات مجلس الأمّة، والذين يكونون من أعضاء المجالس البلدية والمجالس الولائية، وهم يمثلون ثلثي أعضاء الغرفة العليا للبرلمان.

وبما أن الدستور الجديد، لم يتحدث عن المستوى التعليمي لأعضاء البرلمان، فهذه المادة لا تمنع أن يكون ضمن الثلث الذي يعينه رئيس الجمهورية أعضاء مستواهم الدراسي دون الجامعة، بالرغم من أهمية التشريع في رسم سياسة البلاد.

وحتى إن تم اشتراط هذا المستوى على جميع أعضاء مجلس الأمة، فدوره يبقى رقابيا، ولا يملك حق اقترح مشاريع القوانين، على عكس المجلس الشعبي الوطني الذي بإمكان نوابه التشريع بمقترح قانون.

وفي مشهد مناقض، تضمّنت مسودة مشروع القانون وفق ما نقلت الصحافة الجزائرية، أن الأمر يختلف بالشأن للمجلس الشعبي الوطني والمجالس البلدية والولائية، حيث نص القانون على أن يكون ثلث القائمة المترشّحة لهذه المسؤوليات من الجامعيين، بمعنى آخر؛ أنه يمكن أن يكون أكثر من 60 بالمائة من المترشّحين للبرلمان والبلديات والمجالس الولائية من عديمي الشهادات.

كما أن اعتماد هذا المنطق يفتح المجال أيضًا لعدم وصول الجامعيين لهذه المناصب في حال تم وضعهم في أواخر القوائم الانتخابية، وهو ما قد يجعل الوضع يبقى على حاله، أو قد يكون أكثر سوءًا، وبالخصوص على المستوى المحلي الذي لم تحدّد فيه العهدات الانتخابية.

جدل سابق

قبل نحو أسبوع من الإفراج عن مسودّة مشروع القانون، أثارت تصريحات رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي جدلًا بعدما أشار إلى إمكانية أن يتضمن قانون الانتخابات شرط المستوى الجامعي للترشّح للانتخابات.

  وكان شرفي قد قال لما سئل عن شرط الكفاءة الواجب توفّرها لدى المترشحين للانتخابات، إنّ الشهادة في بعض الوظائف تكون "قطعية" باشتراط مثلًا الشهادة الجامعية في مستويات عليا، في حين تكون نسبة حاملي الشهادات في بعض الوظائف الأخرى "حدًا أدنى".

غير أن مسودّة مشروع قانون الانتخابات الجديد لم تحدد الحدّ الأدنى من المستوى التعليمي للمترشّحين للانتخابات.

وكانت تصريحات شرفي قد أثارت عدّة تساؤلات، منها أنه حتى وإن كان لفرض الشهادة الجامعية للترشح جانب إيجابي، إلا أنه قد يفتح في الوقت ذاته نافذة لحرمان جزءِ من المواطنين من حقّ الممارسة السياسية والترشّح للانتخابات، والصندوق هو الفيصل يوم الاقتراع لأن المجالس المنتخبة يجب أن تكون أولًا ممثلة للشعب الذي تستمدّ منه قوتها وشرعيتها.

وجوه قديمة

غير أن عدم اشتراط المستوى الجامعي، خاصّة في من يتقلّدون المناصب العليا بالمسؤوليات المنتخبة سواءً لرئيس الجمهورية كما كان الأمر بالنسبة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أو رئيس المجلس الشعبي الوطني في عهد الراحل السعيد بوحجة، أو رؤساء المجالس الولائية والبلدية، أعاد المخاوف بأن تعيش البلاد مشهدًا جديدًا من الفساد الذي عاشته سابقًا، حيث سيطر رجال المال على مناصب حساسة في الدولة، دون مرعاة لمستواهم الدراسي، وهو ما اعتبره متتبعون عاملًا أثر بشكل كبير في الإدارة الجزائرية والتسيير.

وعلى المستولى المحلّي، وفي ظلّ عدم تحديد العهدات الانتخابية لرؤساء البلديات، يكون الأمل في إحداث تغييرات مستقبلية ضئيلًا بالنظر إلى خضوع الانتخابات على المستوى البلدي لمنطق العشائرية والجهوية، وهو ما قد يكرّر سيناريوهات الفساد الموجود حاليًا، والذي أدى إلى متابعة العديد من رؤساء البلديات والمنتخبين قضائيًا بتهم تتعلق بسوء استغلال الوظيفة وتبديد أموال عمومية.

أغلب الأحزاب السياسية لم تعر اهتمامًا للشهادة الجامعية ولا يوجد ضمن أولويات مطالبها

وفي انتظار أن تحمل النسخة النهائية لقانون الانتخابات المعدل جديدًا بشأن إلزامية الشهادة الجامعية في تقلد منصب المسؤول الأوّل في المجالس المنتخبة على الأقلّ، يبقى الأمل في تحقيق هذا المبتغى متواضعًا بالنظر إلى أن أغلب الأحزاب لم تعر لهذا الجانب أيّة أهميّة، ولا يوجد ضمن أولويات مطالبها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ليلى حاج عرب ترفع عدد النوّاب المستقيلين من البرلمان الجزائري إلى 13

الجزائر.. قانون الموازنة يقسّم البرلمان؟