فريق التحرير - الترا جزائر
السكين البوسعادي أو الموس البوسعادي ليس مجرد أداةٍ قاطعةٍ؛ فهو يرمز مجتمعيًا إلى الشهامة والرجولة والقوة، ورغم اختلاف الروايات حول حدّة هذا السكين وطريقة صناعة، إلا أن شهرته تزداد كلّ سنة مع اقتراب عيد الأضحى.
يشير متابعون إلى قدوم الموس البوسعادي مع التغريبة الهلالية إلى شمال أفريقيا
توراث حرفيون صناعة السكين أو الموس البوسعادي أبًا عن جد، فهو صناعة تقليدية معروفة منذ القدم، ويُنسب السكين إلى مدينة بوسعادة بولاية المسيلة (240 كلم إلى العاصمة)، فإن ذكر عن المدينة اشتهارها بمأكولة الزفيطي وقهو الزجوة، وجبل كردادة، فلا يمكن إغفال الحديث عن الموس البوسعادي.
السكين في شكله الخارجي مستقيم الطول، مدبب الرأس، يحمل نقوشًا وزخارف بديعة، له غمد من الجلد الفاخر، وقبضة من القرون أو العاج، معروف بحده القاطع ومتانه، وغالبًا ما يحتفظ به طيلة السنة لغرض استعماله في ذبح الأضاحي لمضائه وتسهيله عملية الذبح والسلخ، أو يقدم يستعمل للتهادي بين الأصدقاء لجودته وقيمته أيضًا.
في السابق، كان يروّج بين الناس أن المعدن الذي يصنع به السكين البوسعادي مغناطيسي، ويمكن اكتشاف ذلك بعد ملامسته للمعادن، كما أن طريقة شحذه في السابق لم تكن تتمّ بطريقة الآلات الصناعية التي نراها اليوم؛ بل كان يُحدُّ على قطعة أو شريط جلدي على درجة من الخشونة مخصص لذلك.
يُصنع الموس البوسعادي بطريقة تقليدية بحتة، لكن في السنوات الأخيرة تدخّلت آلات صناعية كثيرة في صناعته، وأثر ذلك بالطبع، حسب متابعين، على جودته وأثمانه، بحث أصبحت تلك المصنعة تقليديا تباع بأضعاف السكاكين المصنعة.
وفي متابعة لمواقع التواصل الاجتماعي، تعرض السكاكين التجارية بمبالغ متفاوتة تتراوح ما بين 2500 دينار إلى 4000 دينار، بينما تصل القطع الأصلية منه إلى مليون سنتيم.
في هذا السياق، دوّنت صفحة "الموس البوسعادي"، في منشور على فيسبوك، أنه "من بين ما تشتهر به مدينة بوسعادة من صناعات؛ قديمة هو صناعة الموس البوسعادي المعروف بحدته ومتانته وزخارفه البديعة".
وللتفريق بين السكاكين التقليدية الأصيلة وتلك التجارية المعروضة في الأسواق، أوضح المنشور أن السكين يتكون من غمد مصنوع من الجلد، وقبضة منحوتة من العاج ومشدودة بسلك من فضة، وتزخرف مساحة السكين الحديدية بنقوش وكتابات متنوعة، يمكن أن تحمل توقيع صانعها.
كما أشار المصدر نفسه، إلى أن السكين يستعمله أغلب سكان المنطقة في الأضاحي والمناسبات والأفراح، وللحماية الشخصية للبدو الرحل، مستطردًا: أن الموس البوسعادي حجز مكانة هامة ضمن الأسلحة الحربية اليدوية عالميًا، ويوجد ضمن التصنيفات هذه الصناعة فقدت بريقها في الوقت الحاضر وأصبحت من التراث التقليدي الغابر".
من جهتها، اعتبرت صفحة الإمبراطورية الجزائري تاريخ وثقافة، أن "الموس البوسعادي، يعتبر من التراث التقليدي الجزائري، الذي تشتهر به مدينة بوسعادة و المعروف بحدته ومتانته وزخارفه البديعة، ولا يكاد يخلو بيت بوسعادي منه" .
واعتبر منشور للصفحة على فيسبوك، أن هذا السكين "ماركة بوسعادية مرتبطة بالموروث الثقافي والاجتماعي لأهل بوسعادة، ويعد جزءًا من الذاكرة المحلية والتراث الشعبي المادي واللامادي الآيل للزوال".
تاريخيًا، تعود صناعة الخنجر البوسعادي إلى قرنين من الزمن في الجزائر، ومنهم من يشير إلى انتقاله مع التغريبة الهلالية إلى شمال أفريقيا، ما بين القرن الخامس إلى الحادي عشر للميلاد من منطقة نجد.
في الفترة الاستعمارية، كان الحدادون يصنعون هذه السكاكين خفية عن إدارة الاستعمار الفرنسي، حسب ما نقله حرفيون قدامى في هذه الصنعة، حيث استعادت نشاطها بعد الاستقلال وازدهرت تجارتها.
يذكر حرفيون مجال صناعة الخناجر البوسعادية، أن المادة الأولية لصناعة هذا النوع من السكاكين، هو الحديد القاسي، وعادة ما يعتمدون فيها على مبرد الحديد
حاليًا، يذكر حرفيون في مجال صناعة الخناجر البوسعادية، أن المادة الأولية لصناعة هذا النوع من السكاكين، هو الحديد القاسي، وعادة ما يعتمدون فيها على مبرد الحديد، حيث يعاد تدويرها من جديد وصهرها وإعادة دقها وتشكيها، قبل حصولهم على شكلها النهائي، ويذكرون أنهم قانوا قديمًا يستعينون بقرون الكباش لصناعة مقابض لهذه الخناجر.