01-ديسمبر-2022
الشرطة تلقي القبض على مروجي حبوب ليريكا 300 (فيسبوك/الترا جزائر)

الشرطة تلقي القبض على مروجي حبوب ليريكا 300 (فيسبوك/الترا جزائر)

تَرصُد يوميًا الصحف الوطنية والمواقع الإلكترونية أخبارًا عن حجز مصالح الأمنية لكميات هائلة من المخدرات المتمثلة في مادة القنب الهندي أو الحشيش والحبوب المهلوسة والهيروين والكوكايين.

انتشار استهلاك الحبوب المهلوسة يعني أن السوق قد تستقطب المزيد من المخدرات الصلبة خاصة الهيروين والكوكايين والمشتقات الصناعية من المورفين

هذا الأمر يؤشر أن الجزائر تحولت من مصدر عبور لبعض المخدرات إلى موطن استهلاك، خصوصًا المؤثرات العقلية، وهو ما يرشّح أن السوق قد تستقطب المزيد من المخدرات الصلبة خاصة الهيروين والكوكايين والمشتقات الصناعية من المورفين، وعلى إثره تتزايد شبكات التهريب والتمرير والبحث عن طرق المتاجرة.

في هذا السياق، وخلال 10 أشهر الأخيرة من السنة الجارية، عالجت المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار بالمخدرات لوحدها أكثر من 71 ألف قضية متعلقة بتجارة المخدرات، تم توقيف أكثر من 81 ألف مشتبه به في قضايا تتعلق بالمتاجرة والنشاط في تجارة مختلف أصناف المخدرات، من بينها أربعة أطنان من الحشيش وخمسة ملايين قرص من صنف المؤثرات العقلية و18 كلغ من مادة الكوكايين.

وفي السياق ذاته، أفاد بيان وزارة الدفاع الوطني أن وحدات الجيش الوطني الشعبي وخلال الفترة الممتدة من 09 إلى 15 تشرين الثاني/نوفمبر من السنة الجارية، حجزت كميات من المخدرات تقدر بثلاثة قناطير من الكيف المعالج، فيما ضبطت 236977 قرص من المؤثرات العقلية.

يشار أن المصالح الأمنية المشتركة من الدرك الوطني والجيش الشعبي الوطني والجمارك والشرطة الوطنية، تصدر دوريًا إحصائيات وبيانات إضافية ضمن عمليات الحجز والتوقيف في إطار التصدي الاتجار بالمخدرات، وتشير الأرقام والاحصائيات إلى ارتفاع كميات المخدرات المحجوزة، ما يستدعي اليقظة والتحسيس المجتمعي من مخاطر أن تتحول الجزائر إلى السوق استهلاكي واسع للمخدرات،زيادة على خطر تفشي معابر وتوسع ظاهرة التهريب أو التمرير لمختلف أصناف المخدرات من وإلى الجزائر.

الدول الجوار

في سياق الموضوع، كشف علي عون، وزير الصناعات الصيدلانية في خرجة إعلامية تناول فيها أسباب الندرة التي طالت بعض الأدوية، أن مصالح الأمنية أوقف مؤخرًا عصابة تتكون من 15 عنصرًا وصفها بالعصابة الخطيرة، تنشط على مستوى ولاية واد سوف، تقوم بعملية مقايضة بين أدوية محلية الصنع، في المقابل تعمل على إدخال أدوية مصنفة في التشريع الجزائري على أنها من المؤثرات العقلية من بعض الدول الجوار لم يسميها.

ويُعد تصريح علي عون أول تصريح لمسؤول سامي، يكشف عن مصدر غزو المؤثرات العقلية التي تجتاح الضواحي والأحياء الشعبية في كافة ربوع الوطن.

تجدر الإشارة أن ولاية واد سوف تقع شمال شرق الصحراء الجزائرية تحدها من الشرق الجمهورية تونسية، ويشهد محور واد سوف- دبداب- وغدامس الليبية نشاطًا تجاريًا موازيًا، وحركة تبادل سلع تنشط بها جماعات تهريب وتمرير السلع والبضائع.

وفي كثير من الأحيان، تُعلن بيانات المصالح الأمنية عن ضبط كميات كبيرة من الأقراص المهلوسة يكون مصدرها غالبًا من الخارج، أي غير مصنعة محليًا.
 

تعزيز التشريع القانوني الردعي

من جانبه، وفي إطار التَكيُف مع استعمال المواد والأدوية الصيدلانية ذات الخصائص المؤثرة عقليًا، قام المشرع الجزائري بإصدار في الجريدة الرسمية رقم 61/2021 قرار وزاري مشترك يحدد قائمة المؤثرات العقلية، وتضم القائمة 24 نوعًا من المواد والأدوية الصيدلانية، باتت محل الاستعمال والاتجار غير الشرعي ضمن المخدرات والمؤثرات العقلية على غرار برغابالين وترامادول.

 ويهدف التشريع إلى تعزيز المنظومة القانونية والردعية في إطار الوقاية من المخدرات والاتجار غير الشرعي بالمواد الصيدلانية، يشار في هذا الصدد أن عصابات المتاجرة بالمؤثرات العقلية كانت في السابق تتمكن من الإفلات من أقصى العقوبات نظرًا إلى الفراغ القانوني، إذ قبل صدور التشريع المتضمن القائمة الجديدة للمؤثرات العقلية، كان حجز برغابالين من طرف مصالح الأمن على سبيل المثال يُكَيف قانونيا "حجز كميات من المواد الصيدلانية بشكل غير قانوني"، أما بعد صدور القانون في عام 2021 بات الحجز  أو الحيازة محل عقوبة قانونية قاسية على اعتبار أنها مواد صيدلانية ذات خصائص مؤثرة عقليًا.

وبحسب خبراء فإن التشريع الجزائري يهدف إلى محاربة الظاهرة الاستعمال والاتجار غبر الشرعي بالمواد والأدوية الصيدلانية، وضبط مسار وتتبع التوزيع من المصنع إلى وصفة الطبيب إلى الصيدلي عبر ثلاث وصفات طبية، كلها مقيّدة في سجل خاص خاضع إلى مراقبة مستمرة ودائمة.

في مقابل ذلك، بعض دول الجوار على غرار تونس وليبيا لا يُقر التشريع في فيهما أن المواد والأدوية الصيدلانية المصنعة والمشتقة من مادة المورفين أو من الفئة الأفيونيات أو الأدوية التي تعمل على إفراز السيروتونين ضمن المواد والأدوية الصيدلانية ذات الخصائص المؤثرة عقليًا، ما يترتب عنه توفرها بالسوق بشكل طبيعي وعدم وجود مراقبة أمنية وصحية قبلية وبعدية حول تداول تلك المواد والأدوية، زيادة على غياب سوق استهلاكي محلي في تلك الدول وغيرها.

يتعين على المجتمع المدني إطلاق حملا توعية وتحسيس ضد مخاطر المؤثرات العقلية

وعلى إثر التداول الوسع لاستهلاك المواد والأدوية الصيدلانية ذات الخصائص المؤثرة عقليًا وسط المراهقين ومختلف الفئات المجتمعية، بات الأمر يهدد السلامة العقلية والبنية المجتمعية،حيث يتعين على المجتمع المدني إطلاق حملا توعية وتحسيس ضد مخاطر المؤثرات العقلية، ومساندة المصالح الأمنية المكلفة بالصد لآفات الحبوب المهلوسة.