21-ديسمبر-2020

الأزمة الصحية في الجزائر أثّرت بشكل كبير على الاقتصاد الجزائري (تصوير: فاروق باتيش/أ.ف.ب)

شدّدت حكومة عبد العزيز جراد منذ تنصيبها مطلع سنة 2020، على الفصل بين المال والسياسية لإرساء الشفافية، وإعادة التعزيز الحكم الراشد، وسطرت مخطّطًا وطنيًا لإحداث انتعاش سياسي واقتصادي قصد تحقيق تنمية مستدامة، إلا أن تفشّي جائحة كورونا بداية من الثلاثي الأوّل من السنة أعاق البرنامج التنموي، ليزيد من متاعب اقتصاد معطل أصلًا، فما هي الحصيلة الاقتصادية لسنة 2020، وما هي الاختلالات التي شهدتها الجزائر بعد الأزمة الصحيّة الطارئة وساهمت في التراجع مسار النمو الاقتصادي.

شهد سعر صرف الدينار تراجعًا تاريخيًا أمام العملة الأوروبية الموحدة

انخفاض العملة الوطنية

في سياق الموضوع، شهد سعر صرف الدينار تراجعًا تاريخيًا أمام العملة الأوروبية الموحدة، والدولار الأميركي، وهو أدنى مستوى له  خلال تسعة أشهر الأخيرة، في مقابل ذلك سجل سعر اليورو ارتفاعًا أمام الدينار بمستويات مرتفعة، إذا بلغ 160.41 دينار لليورو الواحد للشراء، وبلغ 132.22 دينارًا أمام الدولار الأميركي للشراء.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تُراجع اتفاقاتها التجارية.. تصحيح أخطاء الماضي لبعث الاقتصاد

يسجّل أيضًا،  أنه تراجعت قيمة الدينار مع فقدان أسعار المحروقات قيمتها خلال السداسي الثاني والثالث من سنة 2020، وبفعل تفشّي جائحة كورونا، تراجعت المداخيل بالعملة الصعبة والجباية العادية.

تعويم الدينار

 في السياق نفسه، وأمام انهيار قيمة سعر صرف الدينار تتّجه الحكومة إلى تعويم مركزي للعملة الوطنية، وقد تصل نسبة التخفيض بحسب المختصين إلى خمسة في المائة، إذ من المتوقع أن يصل صرف الدينار مقابل الدولار إلى 142 دينارًا لسنة 2021، و149 دينارًا لسنة 2022 و156 سنة 2023.

 ويهدف التعويم المركزي من طرف البنك المركزي، إلى حماية احتياط الصرف من التآكل، وامتصاص نسبة التضخّم المتوقع أن تصل إلى نسبة أربعة في المائة.

أزمة سيولة

 في السياق ذاته، انعكس تراجع الجباية العادية عن أزمة عميقة في الكتلة المالية، وشهدت مكاتب البريد عبر مختلف مناطق الوطن طوابير يصطف فيها المواطنون لساعات طويلة، مع تسجيل ندرة في السيولة النقدية في بعض المكاتب، ورغم حملة الإقالات التي مسّت إطارات في قطاع البريد لم تتمكّن الحكومة من إيجاد مخرج للأزمة إلى غاية اللحظة.

من جهته  تسعى الحكومة إلى رقمنة الاقتصاد، و تشجيع التجارة والدفع الإلكتروني، دون إصلاحات جذرية في المنظومة المصرفية، إذ لا يزال النظام المصرفي في الجزائر  يُعاني من الهشاشة والأداء السلبي في مجال التنموي والاقتصادي.

دعم المؤسسات العمومية

من جانب آخر، شهدت سنة 2020 تصعيدًا عماليًا ونقابيًا في قطاعات اقتصادية عمومية، تعيش مؤسساتها وضعية مالية صعبة ومفلسة، على غرار المؤسّسة الوطنية للصناعات الكهرومنزلية، ومركب الحجار، حيث أثار وزير الصناعة آيت علي النقاش حول مردودية دعم المؤسّسات الاقتصادية العمومية واعتمادها على دعم الخزينة العمومية. هنا يرى كثير من المختصين أنه لم يعد ممكنًا ضخ الأموال في مؤسّسات اقتصادية عمومية مفلسفة، رغم أنها تنشط في قطاعات حيوية وذات مردودية، إذ  أن المشكلة لم تكن يومًا مرتبطة بالوضعية المالية بقدر ما هي نتيجة سوء التسيير والإدارة.  

أزمة كورونا

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي كمال سي محمد، أن سنة 2020 كانت سنة سياسية بامتياز، وأن المردودية الاقتصادي لم تنطلق بعد، وتابع محدث "الترا جزائر" أنه لسوء الحظ واجهتنا أزمة كورونا التي  تسببت في تقهقر النشاط الاقتصادي، وشلل في قطاعات حيوية، مضيفًا أن الحكومة وجدت نفسها أمام أعباء مالية إضافية كتعويض المتضرّرين من مؤسّسات صغيرة ومتوسطة التي تضرّرت بشكلٍ أكبر، على حدّ قوله.

 وأضاف الخبير الاقتصادي أن تراجع أسعار النفط أدى إلى انكماش الإيرادات الجبائية، بينما الإيرادات العادية لم تسجل تراجعًا كثيرًا لأن الضريبة على الدخل والضريبة غير المباشرة هي المهيمنة.

 في المقابل، أبدى كمال سي محمد ارتياحًا من انتهاء وزارة الصناعة من عملية التشريع  والانتهاء من دفتر الشروط لتركيب واستيراد للسيارات وقانون الاستثمار.

ويتوقّع المتحدث أن فتح رأسمال المؤسّسات والبنوك العمومية للجمهور والخواص خطوة إيجابية تهدف إلى دفع وتيرة النجاعة الاقتصادية، وتبعد الريع التقليدي في التسيير، مضيفا أن قطاع الفلاحة يشهد أيضًا تطور وإرادة كبيرة للمساعدة والتغيير، وختم محدثنا أن تحديات كبيرة لا تزال في انتظار اقتصاد الجزائري الذي لا زال يعاني من اختلالات عميقة عمقها أزمة كورونا.

قطاع السياحة

يشكّل القطاع السياحي أكثر ضحايا فيروس كورونا اقتصاديًا، إذ تكبد قطاع السياحة خسائر مالية معتبرة، أدت إلى غلق منشآت سياحية وتسريح للعمال للحد من الخسائر، وبلغت خسائر الفنادق العمومية والخاصة ما يناهز 227 مليون دولار خلال السداسي الثاني، وقالت نقابة الوكالات السياحية أن 2000 وكالة تواجه مصيرًا مجهولًا، ففي تصريح إعلامي قال بشير جريبي، إن مرور سبعة أشهر من دون استئناف النشاط، تسبب في تسريح 40 ألف عامل من إجمالي 60 ألفاً يعملون لدى الوكالات. حيث أن الرحلات من وإلى الخارج لا تزال معلقة إلى غاية نهاية السنة.

الحصيلة الاقتصادية لسنة 2020 تبقى سلبية بفعل جائحة كورونا وعدم استكمال المسار السياسي

الحصيلة الاقتصادية لسنة 2020 تبقى سلبية بفعل جائحة كورونا وعدم استكمال المسار السياسي، وتسعى الحكومة القائمة على المحافظة على التوازنات المالية والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد التنموي، ويتوجب العمل على إيجاد مؤسسات ديمقراطية وتمثيلية تحقق التنمية بدعم الكفاءات والخبرات الوطنية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الاتحاد الأوروبي أول زبون للجزائر والصين تحتل المرتبة الأولى كممون

الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟