24-مارس-2021

حاج أحمد الصّدِّيق (فيسبوك/ الترا جزائر)

تكفي إطلالة على المعرضين الدّوليّ والوطنيّ للكتاب في الجزائر لإدراك معطى ندرة دور النّشر القادمة من إحدى ولايات الجنوب الذّي أضيفت له عشر ولايات قبل أسابيع، أو دار متخصّصة في إبداعات هذه المنطقة التّي تضمّ ثلثي مساحة البلاد وأعدادًا كبيرة من أهل الشّعر والسّرد والبحث وتحقيق المخطوطات.

حاج أحمد الصّدِّيق: دار النشر تقوم على عجن روح التّراث بروح الحداثة لتخلق هوّيتها الثّقافيّة شكلًا ومضمونً

ويُرجع المسرحيّ والنّاشط الثّقافيّ عقباوي الشّيخ هذا المعطى إلى كون روح المبادرة في الجنوب لدى الأفراد لم تتحرّر تمامًا من روح الوصاية؛ "فقد تعوّد قطاع واسع من المحسوبين على الأفعال الثّقافيّة في المنطقة على التحرّك وفق المقترحات والبرامج المملاة من طرف المؤسّسة الثّقافيّة. وهي في العادة لا تملك الحسّ الكافي لمرافقة المبادرات الفرديّة منها إطلاق دور نشر وترجمة وتوزيع".

اقرأ/ي أيضًا: اليوم العالمي للشعر.. شعراءٌ جزائريون يتحدّثون عن عتبة الوجود

جعل هذا الواقع؛ بحسب عقباوي الشّيخ، الموهبة الأدبيّة والفكريّة الجنوب إمّا تبقى تحت رحمة غبار النّسيان والإهمال أو تتحرّك في حدود محلّيّةضيّقة أو محلّ ابتزاز دور نشر ذات نزعة تجاريّة صرف في الدّاخل والخارج. ودعا محدّث "الترا جزائر" الكتّاب والشّباب المثّقفين في الجنوب الجزائريّ إلى استغلال ما تتيحه صناديق الدّعم الحكوميّ للشّباب من فرص للاستثمار لإطلاق مشاريع ثقافيّة منها ما يتعلّق بالطّباعة والنّشر والتّوزيع؛ "فالعزلة معطًى ذهنيّ ونفسيّ قبل أن يكون معطًى جغرافيًّا".

في ظلّ هذه الحاجة الملحّة للنّسيج الكتابيّ في الجنوب الجزائريّ؛ بادر الرّوائيّ والأكاديميّ المشرف لمخبر سرد الصّحراء في جامعة أدرار الأفريقيّة حاج أحمد الصّدِّيق، المعروف بالزّيواني، إلى إطلاق دار نشر سمّاها "الدّواية" وهي المنطوق الشّعبيّ لكلمة "الدّواة" التّي تعني المحبرة؛ بصفتها رمزًا لقداسة فعل الكتابة.

يقول الزّيواني إنّه بعد تجربة أوّليّة، بدأت بنواة مكتبة متخصّصة في بيع الكتب الأدبيّة والفكريّة في مدينة أدرار، حملت اسم العالم محمّد بن عبد الكريم المغيلي (1425 - 1505)، وانغماسًا أكثر في عالم الكِتاب إنتاجًا وتدويرًا، فكّر فريق مكتبة المغيلي، في تأسيس دار نشر بولاية أدرار، "تستجيب لتطلّعات وطموحات النّخب المثقّفة، الجامعيّة والمبدعة، وطنيا ومستقبلًا عربيًّا، وخصوصًا بولايات الجنوب التي ظلّت تجد عناءً كبيرًا، في نشر أعمالها وإبلاغ صوتها للقارئ نظرًا لبعد المسافة".

تهتمّ الدّار بالدّراسات والمنشورات الجامعيّة في شتّى الحقول المعرفيّة، يقول الزّيواني، كما تتبنّى الأعمال الفكريّة والتّاريخيّة والإبداعيّة الجادّة، التّي ترى فيها لجنة القراءة الخاصّة بالدار؛ إضافةً نوعيّة للمشهد الثّقافيّ، بالإضافة إلى وعي الدار وانخراطها، في ترقية كتاب الطّفل والكتاب شبه المدرسي بأطوار التّعليم الثلاثة.

وعن فلسفة دار "الدواية"، يقول حاج أحمد الصّدِّيق إنّها تقوم على عجن روح التّراث بروح الحداثة لتخلق هوّيتها الثّقافيّة شكلًا ومضمونًا. "وانطلاقًا من خلفية هذه الرّؤية التّثاقفيّة الحضاريّة، يأمل فريق دار الدواية، أن يقدّم خدمة للمشهد الثقافي المحليّ والوطنيّ".

من جهته، ثمّن النّاشط حمزة رحماني المشرف على مقهى ورقلة الثقافيّ ميلاد دار نشر تستثمر في مواهب الجنوب الجزائريّ؛ "فهي مشروع من شأنه أن يشكّل سقفًا تجتمع تحته هذه المواهب بما يساعدها على لفت الانتباه القرائي والنّقديّ والإعلاميّ إلى خصوصيّة النصّ الصّحراويّ". وقال رحماني إنّ شبكة المقاهي الثّقافيّة في ولايات الجنوب ستكون همزة وصل بين أعضائها من الكتّاب وبين هذه الدّار.

أقام مؤسّس دار "الدواية" تجربته السّرديّة على الاستثمار جماليًّا في الصّحراء بصفتها فضاءً إنسانيًّا ومكانيًّا وتاريخيًّا

يشار إلى أنّ مؤسّس دار "الدواية" نفسَه أقام تجربته السّرديّة على الاستثمار جماليًّا في الصّحراء بصفتها فضاءً إنسانيًّا ومكانيًّا وتاريخيًّا؛ بما أهّله لأن ينال الجائزة التّقديريّة ضمن جائزة محمّد ولد الشّيخ لنصوص الصّحراء عام 2019.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | رباح بدعوش: الشعر هو الشاهد على الإنسانية

حوار | محمد بن جبّار: الحراك الجزائري تجاوز المثقف والنخبة