23-أبريل-2023
أطباء صينيون

(الصورة: تلفزيون الصين)

في شهر نيسان/أفريل 2023 تمرّ ستة عقود على وصول أوّل فريق طبي صيني إلى الجزائر لتقديم المساعدة الصحية للبلد، الذي نال استقلاله من فرنسا، منهكًا صحيًا وبخدمات علاجية متدنية في تلك الفترة.

الجزائر كانت أوّل دولة أرسلت إليها الصين فريقًا طبيًا في 1963 لدعمها صحيًا بعد الاستقلال

وبالمناسبة، بثّ التلفزيون الصيني مقتطفات نادرة للمستشفيات الجزائرية في سنوات الستينيات وكذا فيديوهات توثّق العمل الذي قدّمه الأطباء الصينيون في الميدان، من إنقاذ للأرواح وتضميد للجراح، باصمين بذلك على قصص حملت عنوان "الصداقة عبر الحرير".

حياة وموت..

بعينين مملوئتين بالدموع وكلمات متقطّعة، تعود شيوي تشانغ تشن، طبيبة صينية متخصصة في النساء والولادة، إلى لحظة تلقيها والفريق الطبي الصيني قرار مغادرة الجزائر بسبب تدهور الوضع الأمني بها سنة 1993 بسبب الإرهاب.

تقول شيوي تشانغ تشن، إنه "كان الكثيرون منا يشعرون بالحزن في قلوبنا عند المغادرة لأنه ما زال هناك عدد كبير من المرضى. وتساءلنا ماذا سيفعل هؤلاء بعد مغادرتنا لأنه لا يوجد عدد كافٍ من الأطباء في البلاد."

الصين

تواصل الطبيبة الصينية قصّتها في الجزائر، من خلال مقتطفات بثها تلفزيون "سي جي تي آن" الصيني، بمناسبة مرور 60 سنة عن ارسال أول فريق طبي للجزائر، قائلة: "لقد كانت لي فرصة أخرى للعودة إلى الجزائر بعد 5 سنوات من قرار ترحيلنا إلى بكين، وكانت المهمة في ولاية معسكر غربي البلاد."

تواصل: "بعد عودتنا إلى مستشفى ولاية معسكر تدفق علينا المرضى مثل مدّ البحر بمجرد وصولنا، وكانت المصحة مكتظة ولا يوجد أين تضع سريرًا إضافيًا."

"ومن بين المريضات اللواتي قصدن المصحة وقتها، امرأة كنت سأجري لها عملية جراحية لاستئصال ورم من الرحم، لكنه بعد قرار المغادرة الطارئ بقيت على حالها"، تستذكر الطبيبة تشن واحدة من الحالات المرضية التي مرت عليها.

الصين

وتقول في الصدد "كانت حالتها خطيرة بسبب التأخر الطويل وقد غادرنا لأكثر من 6 سنوات، حيث كان فقر الدم لديها شديدًا، وكبر الورم من الحجم الصغير في السابق إلى حجم رأس رضيع."

جرت الأمور بسرعة مع المريضة، تسترسل عضوة الفريق الطبي الصيني المساعد للجزائر "لقد رتبت لها موعد العملية فور الوصول، لأن ورمها نادر وهو ورم ليفي ضخم تحت الغشاء المخاطي، وسقط من بين الرحم."

الصين

تصف شيوي تشانغ تشن العملية بـ"الصعبة"، كما أن الفريق الطبي، وفقها "كسر شيئًا فشيئًا من أجل إخراجه (..) وعند نجاتها وتعافيها قبلتني من الرأس حتى القدم. هي قبلتني بهذا الشكل."

ملائكة بيضاء

تنقل الطبيب الصيني، تو دا تشون، صيف 2022، إلى ولاية النعامة بالجنوب الغربي للجزائر، من أجل إجراء عملية جراحية لأحد المرضى هناك، لكنه وهو يدخل المستشفى تفاجأ بمواطن آخر يناديه باسمه.

يقول الطبيب تو أّنه "ومع دخولي المستشفى حتى سمعت صوتًا من المرضى في غرفة الانتظار يصيح باللغة العربية الدكتور تو."

الصين

ليواصل: "صُدمت لفترة من الوقت، ولم أستطع التعرف عليه، حتى راح يذكرني بأنه كان مريضًا وعالجته في 2003، عندما كنت عضو الفريق الطبي الصيني في الجزائر، ثم أظهر لي الندبة على مفصل الورك، وحتى قفز بضع خطوات لأراها."

قصّة أخرى بقسم الوخز بالإبر، ترويها الطبيبة يانغ يي، بعد أن ساعدت مريضة تبلغ من العمر 58 عامًا على التخلص من الكتف المتجمد، فتقول: "كان ذلك في 2021، عالجت مريضة في التخلص من الكتف المتجمد بطريقة الوخز بالإبر، وبعد بضعة أسابيع جاءت المريضة إلى المستشفى لتعبير عن شكرها لي."

الفريق الطبي الصيني عالج منذ 1963 ما يزيد عن 27 مليون مريض جزائري وولادة 2.07 مليون مولود جديد

ومن الصُدف، وفق الطبيبة يانغ، أن "المريضة أحضرت معها صورتين قديمتين أخذتها مع فريق طبي صيني منذ 27 عامًا. واتضحت أنه تم علاج التواء كاحلها بالوخز بالإبر من قبل الفريق الطبي الصيني في ذلك الوقت." وقالت بسعادة: "بعد 27 عاما، شفيتني مرة أخرى."

ووصفت الطبيبة الصينية الصور بأنها "تأثّرت بمرّ السنين حتى صارت صفراء، لكن هذه الصداقة متجذرة بعمق. وعملنا عادي، ولكنهم يتذكرونا حقا."

وكان من بين مرضى قسم الوخز بالإبر التابع للفريق الطبي الصيني بالجزائر، رجلٌ مسنٌ يبلغ من العمر 90 عامًا تقريبا، وفقد الشعور في إحدى يديه، بعد عدة مسارات للعلاج فقط تحسنت حالته بشكل ملحوظ.

ونقل التلفزيون الصيني بأن الرجل كان نور الدين جودي، سفير الجزائر في جنوب أفريقيا وهولندا ودول أخرى، وهو الذي شهد لحظة استعادة بكين بمقعدها القانوني في الأمم المتحدة، عام 1971، باعتباره كان مساعدًا للأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية وقتها.

الصين

وأشاد الدبلوماسي جودي في حديثه لـ"سي جي تي آن" بفرق الصداقة الصينية الصحية التي أوفِدت للجزائر منذ الاستقلال، وأكّد أنه "لقد شهدت أن الصين أرسلت أول فريق طبي إلى الجزائر وتلقيت العلاج من الأطباء الصينيين بعد 60 عاما. أنا حقا لدي قدر كبير من التقدير للصين."

ذكرى وصداقة

أظهرت الأرقام التي بثّها التلفزيون الصيني أنّ "الصين أرسلت إلى الجزائر 27 دفعة من الأطباء تضم 3522 كادرًا لعلاج 27.37 مليون مريض وولادة 2.07 مليون مولود جديد."

الصين

وأكّد رئيس الدفعة 27 للفريق الطبي الصيني إلى الجزائر، يانغ يونغ، أنّه "بصفتنا الجيل الجديد للفريق الطبي إلى الخارج لن ننسى نيتنا الأصلية وسنضع مهمتنا نصب أعيننا لخدمة صحة الأصدقاء الجزائريين بمهاراتنا الطبية."

كما أوضح بالمناسبة أنّه "لن نكون أطباء يعالجون المرضى فحسب، بل سنكون سفراء يعملون على تعزيز الصداقة بين البلدين."

الصين

وفي الصدد قال السفير الصيني لدى الجزائر، لي جيان، إنّ "الفريق الطبي الصيني إلى الجزائر ضحى بالأرواح في سبيل تقديم خدمة صحية إلى البلد الصديق الجزائر."

وأضاف جيان في زيارة قادته إلى مقبرة العاليا، بالعاصمة، أين يُدفن أزيد من 400 مواطن صيني منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بينهم أطباء صينيون قضوا بالجزائر، أنّ "هؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم قدموا مساهمات لا تمحى للعلاقات بين الصين والجزائر."