01-ديسمبر-2019

وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي (فيسبوك/ألترا جزائر)

قطع وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، الشك باليقين بخصوص محاكمة الوزيرين الأولين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال والوزاراء المتابعين في قضايا الفساد الثقيلة، مؤكدًا أنهم سيحاكمون في المحاكم العادية، بدلًا من المحكمة العليا للدولة المخول لها فقط محاكمة هؤلاء.

 التهم الموجهة للمعنيين هي منح امتيازات غير مبررة للغير في مجال الصفقات العمومية والعقود، وتبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة، وتعارض المصالح

وفي إرادة واضحة من السلطة لغلق ملف المسؤولين السامين المتابعين في ملفات الفساد قبيل الرئاسيات، قال وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، إن "كل الوزراء المعنيين والمتورطين في قضايا الفساد سيحاكمون في المحاكم العادية". وأرجع زغماتي، على هامش تعيين المدير العام بالنيابة لإدارة السجون فيصل بوربالة، سبب "محاكمة الوزيرين الأولين في المحكمة العادية لعدم تنصيب المحكمة العليا للدولة والتي تختص بمحاكمة الوزراء الأولين ورؤساء الحكومة في حال متابعتهم جزائيًا في مخالفات ارتكبوها أثناء ممارستهم لمهامهم".

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات الرئاسية.. ملفّات حارقة وأخرى عالقة

وفي السياق، شدد المتحدث على أن "الدستور يتحدث عن ضرورة إنشاء محكمة خاصة لكنها لا توجد وفي هذه الحالة لا نُحاكم الوزارء؟ لا بل يحاكمون في محكمة عادية ومحكمة سيدي امحمد عادية".

وأعلن وزير العدل حافظ الأختام، نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الفارط، أن جلسات محاكمة المتورّطين في قضايا فسادٍ تخصّ ملف تركيب السيارات، التي أدين فيها كل من الوزيرين الأولين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ومجموعة من وزراء الصناعة السابقين ستكون علنية أمام الجزائريين الذين سيذهلون من الحقائق التي ستكشفها هذه المحاكمة، حسبه.

اختلاف..

ومن جهته، قرأ الحقوقي فاروق قسنطيني، قرار القضاء محاكمة رؤساء الحكومة السابقين في محكمة عادية عوض محكمة الدولة العليا التي ينص عليها الدستور في مادته الـ 170، في الظرف الراهن للبلاد بـ "العادي".

وأوضح المحامي قسنطيني، في حديث مع "الترا جزائر" أنه "ما دام لم تُشكل إلى يومنا هذا المحكمة العليا للدولة وفق الدستور فإنه علينا العودة إلى المبادئ العامة والقانون العام (المحكمة العادية) لمحاكمة المسؤولين المتابعين في جنحٍ تخص ملف تركيب السيارات".

وعلى النقيض، يرى المحامي أمين سيدهم، أن محاكمة الوزيرين الأولين عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، في محكمة سيدي امحمد "خرق للدستور" سيما ما جاء في المادة 177، التي تنصّ على أنه "يُحاكم رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يُمكن وصفها بالخيانة العظمى، والوزير الأوّل عن الجنايات والجنح، التي يرتكبانها خلال تأديتهما مهامهما في محكمة الدولة".

وأكد المحامي أمين سيدهم، في حديث لـ "الترا جزائر" أن القضية لا تحتاج إلى اجتهاد كون نص المادة الدستورية صريح، وقال: "كنا ننتظر ترك الملف إلى ما بعد الرئاسيات كون رئيس الجمهورية هو المخول دستوريًا بتشكيل محكمة الدولة العليا التي تحاكم المسؤولين السامين".

وتساءل سيدهم عن سر التسرّع في برمجة الجلسات والترويج لها إعلاميًا، مشيرًا إلى أن "العدالة تبحث عن ثقة مفقودة مع الشعب ببرمجة هذا الملف في وقت تفصلنا أيام فقط عن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الـ 12 كانون الأول/ديسمبر الداخل".

كما أرجع متابعون أن توجه السلطة إلى طي الملف قبل الرئاسيات يستهدف استعراضًا لوضعية من تسميه السلطة رموز العصابة في سياق إشاعاتٍ يُغذيها اعتقاد واسع بأن ما يجري في أوساط العدالة مجرد "مسرحية"، لذلك ستكون هذه المحاكمة ثاني "عربونٍ" وفقًا لتصور السلطة الفعلية يُمنحُ للرأي العام في أسبوع واحد ما بعد "تجييش" عدد من التنظيمات الجماهيرية والمجتمع المدني ضد لائحة غير ملزمة من البرلمان الأوروبي بمسمى صَدِّ التدخل الخارجي.

الجلسة الأولى

تشير التفاصيل الأولية إلى أن المحاكمة الأولى، المبرمجة غدًا الإثنين ستنطلق في حدود العاشرة صباحًا، وستخصُ كلًا من رئيسي الحكومة السابقين، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، إضافة إلى ثلاثة وزراء سابقين للصناعة وهم يوسف يوسفي ومحجوب بدة وعبد السلام بوشوارب (المتواجد خارج تراب الوطن)، ورجال الأعمال محي الدين طحكوت ومراد عولمي وحسان عرباوي وأحمد معزوز.

وبحسب المعطيات المتوفرة، فإنّ التهم الموجهة للمعنيين هي منح امتيازات غير مبررة للغير في مجال الصفقات العمومية والعقود، وتبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة، وتعارض المصالح.

ومعلوم أن التهم الأربع وُجهت أيضًا إلى 56 إطارًا آخر غالبيتهم موظفون بوزارة الصناعة وبنوك عمومية، مستهم التحقيقات الأولية التي باشرها القضاء منذ  آذار/مارس الماضي.