07-يونيو-2022

مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها الاقتصادية سيمًا بعد ارتفاع أسعار سوق الغذاء في السوق العالمية، وعلى وجه الخصوص أسعار القمح إلى مستويات غير معهودة، يعود ملف الأمن الغذائي في الجزائر إلى الواجهة، ولأن الجزائر تعد ثالث أكبر مستورد للقمح في العالم، أضحى لزاما على السلطات إيجاد منفذ للأزمة للحفاظ على سيادتها الوطنية في ظل معطيات عالمية جديدة.

احتلت الجزائر المرتبة الثالثة عالميًا في استيراد القمح العالمي

تعد الجزائر واحدة من بين أكبر الدول استهلاكًا للقمح في العالم، حيث يبلغ حجم الاستهلاك السنوي للقمح 10.8 ملايين طن، ولأن الإنتاج المحلي لا يستجيب لحجم الاستهلاك المحلي، تلجأ السلطات في كل مرة إلى الاستيراد.

صادرات القمح العالمي

تستورد الجزائر ما مقداره 7.7 مليون طن سنويًا، إذ احتلت المرتبة الثالثة عالميًا فهي تشتري 3.3 بالمائة من مجموع صادرات القمح العالمي، بمجموع 1.47 مليار دولار، ووفق بيانات الموسم الفارط، وصلت فاتورة استيراد الحبوب في إلى 1.6 مليار دولار، أي ما يمثل 20 بالمائة من إجمالي استيراد المواد الغذائية في البلاد، علمًا أن الإنتاج المحلي لا يغطي سوى 30 بالمائة من الاحتياجات العامة للبلاد.

اكتفاء ذاتي بعد عامين

ارتفاع أسعار القمح في السوق الدولية بأكثر من 60 بالمائة بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، ووصوله إلى 500 دولار للطن، إلى جانب إعلان بعض الدول المنتجة كالهند وقف صادراتها، أضحى يفرض تحديات جديدة على الجزائر، وحسب الخبير الفلاحي علي بوخالفة في تصريح  إلى"الترا جزائر"، فإن الأمر يتعلق بالأمن الغذائي للوطن وبالتالي وجب التفكير في مستقبله، وحسبه يمكن للجزائر تحقيق الاكتفاء الذاتي في المادة في ظرف عامين لو تم تنظيم الشعبة، مشيرًا إلى أن التنظيم الاستراتيجي قد يساعد أيضًا على إنتاج فائض قد يذهب للتصدير مستقبلًا وهي أهداف يمكن تحقيقها مع توفر كل الظروف في البلاد على غرار الري، والأسمدة والتخزين وغير ذلك من العوامل التي تساعد على تطوير الشعبة.

ضعف طاقة التخزين 

تعاني الجزائر من نقص فادح في تخزين مادة القمح، فطاقة التخزين ضعيفة حيث لا تتجاوز قدرة المخازن الإجمالية الموجودة 44 مليون قنطار، الأمر الذي جعل الكثير من البواخر المحملة بمادة القمح المستورد تقبع على مستوى الموانئ تنتظر التفريغ.

ولحل المشكل، يقترح الخبير الفلاحي علي بوخالفة، الاستعانة بمخازن الخواص في الوقت الراهن حتى يتم الحد من هذا المشكل، في انتظار إيجاد حل نهائي عن طريق بناء مخازن أخرى تستوعب حجم الإنتاج المحلي والمستورد.

وكالة الأمن الغذائي

اتخاذ تدابير استعجالية وإعلان حالة الطوارئ بإنشاء وكالة الأمن الغذائي، ورفع سعر شراء القمح من الفلاحين المحليين ليصل إلى 10 آلاف، عوض 6 آلاف دينار جزائري حاليا، هي أهم الحلول التي يقترحها الخبراء للتشجيع على زيادة الإنتاج والعمل على إنشاء شركات عمومية كبرى لإنتاج الحبوب والأعلاف ولو يتطلب الأمر تسخير حتى إمكانيات الجيش المادية والبشرية لتحقيق الهدف.

 40 قنطارًا في الهكتار

في هذا الإطار ،يقول نائب رئيس المجلس المهني المشترك لشعبة الحبوب، بن علي عبد الغني في تصريح له مع "الترا جزائر"، إن حملة الحصاد والدرس تكتسي طابعًا خاصًا هذا العام، حيث تشرف عليها الدولة عن طريق عدة قطاعات أخرى وليس قطاع الفلاحة فقط بالنظر إلى المعطيات العالمية الجديدة وأزمة القمح التي طفت إلى السطح مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ويتوقع المتحدث، أن تحقق الجزائر هاذ العام اكتفاء ذاتيًا في مادتي القمح الصلب و الشعير بفضل تساقط الأمطار خلال شهر نيسان/ أفريل المنصرم وأيار/ماي، ما سيساعد على ادخار كميات معتبرة تحول دون وجود أي أزمة في المادة. 

توقف استيراد القمح من الخارج إذن مرهون برفع مردود إنتاج القمح في الهكتار، حيث لا يتجاوز حاليًا 17 قنطارًا في الهكتار، ويجب رفعه إلى 40 قنطارًا في الهكتار حتى تخرج الجزائر من التبعية للخارج في هذه المادة الاستراتيجية.

مياه السقي "ترهق" منتجي القمح

ومن أجل رفع المردود أكثر، يرى الخبراء أن الأمر يحتاج إلى معالجة ملف مياه السقي، وذلك بالتعامل بجدية مع رخص حفر الآبار والتسهيل للفلاحين، مع بعث مشاريع بناء السدود والحواجز المائية وربط المحيطات الفلاحية بالماء والكهرباء، مع إعادة النظر في تسيير دواوين الحبوب والتعاونيات وحتى المعاهد التقنية المكلفة بتتبع هذا المحصول الإستراتيجي.

خامس أكبر احتياطي في العالم 

في ظلّ الأزمة العالمية التي تعرفها سوق القمح منذ نهاية شهر شباط/ فيفري الماضي، والتي زادت المخاوف بشأنها مع إعلان الهند منع تصدير إنتاجها من هذه المادة الأساسية، أكّدت الجزائر من خلال تصريحات رسمية أن مخزونات القمح لديها كافية لمدة ثمانية أشهر، ولتدعيم المخزون قام بعض الولاة المحليين في عدد من الولايات بإصدار تعليمات يلزم بموجبها الفلاحين على دفع المحصول للتعاونيات ويمنع إخراج ونقل المحصول خارج الولاية، كما يجبر الفلاحين التصريح بكمية الحبوب التي يبقوها عندهم، وكل ذلك لتفادي أي مشاكل تتعلق بالمضاربة أو رفع الأسعار.

غلى هنا،طمأن خبراء وفاعلون في قطاع الزراعة، بأن الجزائر في مأمن من أزمة في مخزون القمح، خلال السنة الجارية، إثر الأزمة الغذائية العالمية، بالنظر إلى أن المخزون هذه السنة كاف، وأن الجزائر حققت أمنها الغذائي لعام 2022، عبر الاستيراد وحتى من خلال المنتج الوطني، رغم كل المعطيات التي قد تشهدها السوق العالمية.

مخزون القمح يكفي حتى نهاية 2022

قال وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحفيظ هني، في تصريح إعلامي، إن محصول القمح سيكون وفيرًا هذه السنة، وسيتراوح بين 30 و32 مليون قنطار، داعيًا الفلاحين إلى إتباع الإرشادات، مضيفا أن الدولة ستقف إلى جانبهم. موضّحًا أن مخزون القمح اللين والصلب والشعير يكفي حتى كانون الأول/ديسمبر 2022.

استمرار ارتفاع أسعار القمح

منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني في شباط/ فيفري الماضي، تم خفض التوقعات بشأن صادرات أوكرانيا وروسيا مع قيام جهات فاعلة أخرى في السوق، لا سيما الهند والاتحاد الأوروبي، بتجميد الصادرات وتوقيف التوريد مؤخرًا.

وأشار مدير منظمة التغذية العالمية "فاو" إلى ارتفاع أسعار تصدير القمح في آذار/مارس، واستمرت في الارتفاع في نيسان/أفريل ورغم تراجعها بعض الشيء في أيار/ ماي، يبقى من المرجح أن "تظل مرتفعة خلال الأشهر المقبلة".

مدير منظمة التغذية العالمية "فاو" دعا الحكومات إلى "الامتناع عن فرض قيود على الصادرات

كما دعا الحكومات إلى "الامتناع عن فرض قيود على الصادرات، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتقويض الثقة في الأسواق العالمية".