"لمّا فازت الجزائر بكأس أفريقيا، فازت فلسطين بلحظة فرح.."، هكذا ردّد الإعلامي الفلسطيني أحمد حمودة، في تهنئته للجزائريين، بعد فوز محاربي الصحراء باللقب القارّي الثاني في بطولة الألعاب الأفريقية المنظّمة في مصر.
لطالما ارتبطت فلسطين في الذاكرة الشعبية الجزائرية بالنضال والمقاومة وعدم الاستسلام
الإعلامي الفلسطيني حمودة وآلاف الفلسطينيين، تابعوا مباريات الجزائر في المنافسة القاريّة، وشجّعوا "الخضر" منذ البداية طيلة أيّام المنافسة، بل وأصبحوا ينتظرون صافرة الحكم نهاية كلّ مقابلة يخوضها الأفناك، للتعبير عن فرحهم، هنا، لا يستغرب المتحدّث في تصريح لـ" الترا جزائر"، من وجود العلم الفلسطيني إلى جنب العلم الجزائري في الملاعب المصرية التي احتضنت البطولة، فضلًا عن التهاني التي تلقتها الجماهير الفلسطينية من الجزائريين عقب كل فوز في المباريات وعقب نيل السيّدة الكأس.
اقرأ/ي أيضًا: فلسطين والجزائر.. حب على بعد آلاف الكيلومترات
رغم المسافات البعيدة التي تفصل البلدين، إلا أن هناك قاسمًا مشتركًا بين الشعبين الشقيقين يتجاوز معرفتنا بالجغرافيا، فطالما ارتبطت فلسطين في الذاكرة الشعبية الجزائرية بالنضال والمقاومة وعدم الاستسلام، وكذلك الجزائر بالنسبة للفلسطينيين.
فلسطين في كل مكان
الساحرة المستديرة ترجمت كل هذه المشاعر، ولخصّتها على المدرّجات وفي الشوارع والمقاهي والساحات العمومية أمام الشاشات العملاقة التي تبثّ مقابلات "الكان"، فكان هناك من سافر من المناصرين الجزائريين من مطار هواري بومدين إلى القاهرة، ولم يكن يحمل معه سوى العلم الفلسطيني على كتفيه، وهي صور التقطتها عدسات الكاميرات أثناء نزولهم إلى مطار أرض الكنانة، فكانت فلسطين هي الجزائر والجزائر هي فلسطين.
المناصرون الجزائريون رفعوا العلم الفلسطيني في شوراعهم في الجزائر، وفي شوارع باريس وكندا، وفي شوراع القاهرة، وعلى الأهرام المصرية وفي كل بقعة زاروها. على مدرّجات استاد القاهرة، لا يُمكنك التمييز بين الجماهير الجزائرية والفلسطينية، كل واحد منهما يلوّح بعلم الآخر، ويبدو أن مجرّد التخمين في ذلك هو نوع من العبث.
يقول أحمد حمودة، "تابعت المباراة وأنا في غزّة، بين الجماهير الفلسطينية، لكنّي لم أشاهد يومًا أن الفلسطينيين يصلّون تضرّعًا لله لأجل أن تفوز الجزائر مثل هذه المرّة، فرحتهم بالفوز هو تعويض لحزن شديد، سرقناه للملمة جراحنا وجراحات الفلسطينيين عبر العالم".
لاعبو المنتخب الجزائري كانوا أيضًا على قلب مناصريهم، وهم في أوّج فرحهم أثناء تسلّمهم كأس البطولة يغنّي محرز ورفقاؤه الترنيمة المعروفة بين المشجّعين الجزائريين "فلسطين الشهداء .. فلسطين الشهداء ..فلسطين فلسطين".
أهدى لاعبو المنتخب الجزائري أيضًا، خلال تصريحاتهم لوسائل إعلامية هذا الفوز للشعب الفلسطيني، وهو ما سُمع في تصريحات بغداد بونجاح، ويوسف بلايلي، والحارس عزّ الدين دوخة، وغيرهم من الذين هتفوا أنّ الفوز جزائري وفلسطيني.
من جهتها عبّرت الأكاديمية الفلسطينية رنا كحلوت المقيمة في الأردن، في حديث إلى "الترا جزائر" هي الأخرى عن غبطتها وفرحتها بفوز المنتخب الجزائري، قائلة "إنّ العرب كثيرًا ما فرّقتهم السياسة، لكنّهم اجتمعوا على حبّ الجزائر، فهي قدوة في البسالة والاستمرارية والكرامة"
أرض الجبارين تهتزّ
في أجواء صاخبة ومشدودة للتلفزيونات في الشوارع، تابع الفلسطينيون سواءً في غزّة أو رام الله، المباراة النهائية، واحتفلوا طويلًا بالأعلام الجزائرية والفلسطينية، كما هتفوا للجزائر مطولًا، بينما نشرت وسائل إعلام فلسطينية، صورًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال متابعته لمباراة الجزائر – السنغال، وفرحته رفقة مسؤولي السلطة الفلسطينية رافعين أعلام الجزائر وفلسطين.
كما وجّه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تهنئة خاصّة للجزائر، قائلًا إنّه يهنئ الشعب الجزائري الشقيق بمناسبة فوزه بالكأس، مضيفًا أن "هذا الفوز يعكس أصالة الجزائر وقدرة الشعب على تجاوز التحدّيات، وإعادة البناء لهذا المنتخب العريق الذي هتف لفلسطين هو وجماهيره العريضة".
ولفت هنية إلى أن الغزاويون أيضًا رفعوا أعلام فلسطين والجزائر وهم يتابعون المباراة النهائية، معبرين عن مشاعر الفرح على حدّ تعبيره.
بلد الشهداء في قلب الفن
الجزائر أيضًا، باتت اليوم الإسم الذي يتمنّى المرء أن يطلقه على ابنته، حتى وإن لم تعش على أرضها، فهي الحاضرة فعلًا في الشعر والغناء، وهو ما كتبه الشاعر الفلسطيني نجوان درويش في قصيدة عن الجزائر وأدّاها الفنان باسل زايد، إذ قال فيها :" لو كان لي ابنة سأختار الجزائر، وفي المدرسة ستهتف حولها البنات: جزائر... جزائر وفي الحقوق ستتبعها الفراشات وتلهج باسمها العصافير .. "
بينما سبق للطفل محمد وائل بسيوني أن أدى أغنية رابح درياسة " يحياو أولاد بلادي" وهو طفل من مدينة غزّة، تمنّى كثيرًا أن يزور الجزائر بعد تتوجيها بالكأس الأفريقية، معبرًا عن نشوته الكبرى وفرحته التي لا توصف بهذا الفوز الكبير.
من المفارقات، أنّ المنتخب الجزائري الأولمبي عندما واجه المنتخب الفلسطيني في العام 2016 بالجزائر، لقي ترحابًا كبيرًا، بل وشجّعت الجماهير المنتخب الفلسطيني وانفجرت بالهتافات عندما سجّل اللاعب الفلسطيني محمد أبو هانية هدفًا ضدّ المنتخب الجزائري.
ترسّخت في أذهان الجزائريين عبارة "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، التي جاءت على لسان الرئيس الراحل هواري بومدين
سياسيًا، ترسّخت في أذهان الجزائريين عبارة "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، التي جاءت على لسان الرئيس الراحل هواري بومدين، كما أنّ الجزائر كانت لها مواقف مع فلسطين سرًا وعلنًا، من بينها إفساح وزير الخارجية الأسبق عبد العزيز بوتفليقة المجال للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لإلقاء خطابة الشهير لأوّل مرّة أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة في جنيف السويسرية، سنة 1974، حين ترأسّت الجزائر الجمعية وقتها.
اقرأ/ي أيضًا: