07-ديسمبر-2019

مرشحو الرئاسيات الجزائرية في مناظرة تلفزيونية (الصورة: France 24)

شدّت المناظرة التلفزيونية بين المترشّحين الخمسة للانتخابات الرئاسية الجزائريين، وتفاعلوا مع محتواها على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتحليل والنقد والسخرية.

المناظرة التلفزيونية عرفت متابعة واسعةعلى مواقع التواصل الاجتماعي سواءً من داعمي الانتخابات ومقاطعيها 

استطاعت الوسوم الخاصّة بهذا الموعد الإعلامي، أن تزيح الوسوم الخاصّة بحراك الجمعة من صدارة المواضيع الأكثر تداولًا بين الجزائريين على الإنترنت، غير أنّ ما بدا انتصارًا لمناصري الحلّ الانتخابي، لم يدم طويلًا وانقلب عليهم لاحقًا، بسبب المستوى الذي ظهر به مرّشحو الرئاسيات، حيث وصفها مراقبون بأنّها لم ترقَ للمستوى المطلوب، وجاءت باهتة على عكس ما روّجت له السلطة.

اقرأ/ي أيضًا: أسلحة قصر الرئاسة الجزائرية.. تعديل الدستور وحلّ البرلمان وحكومة كفاءات

عاشت مواقع التواصل الاجتماعي حربًا حقيقية بين مؤيّدي للانتخابات ورافضيها، وكذا بين أنصار كل مترشّح، فكلٌّ كان يغني لمرشّحه ويُجادل بأنه الجدير بالحصول على ثقة الجزائريين يوم 12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري.

بين الحراك والمناظرة

تمكّنت وسوم #المناظرة_التلفزيونية و#المناظرة_التاريخية و#الجزائر_تنتخب، أن تزيح كل وسم متعلقٍ بالجمعة الـ42 من الحراك الشعبي من صدارة الترند الجزائري، بعد نحو ساعة من انطلاق المناظرة، وحافظت على هذا المسار حتى نهاية المناظرة، رغم ظهور وسم #حراك_6_ديسمبر من فترة إلى أخرى ضمن قائمة الهاشتاغات الثمانية الأكثر تداولًا في الجزائر، ووصوله حتى المرتبة الثانية، بعد مرور ثلاث ساعات من انطلاق المناظرة.

منذ انطلاق الحراك الشعبي في شباط/فيفيري الماضي، كانت تغريدات الجزائريين المتعلّقة بالحراك تتصدّر قائمة المواضيع الأكثر تداولًا في تويتر وفيسبوك من يوم الخميس حتى الجمعة، غير أن المناظرة التلفزيونية قلبت المعادلة هذه المرّة، وإن لفترة وجيزة، إذ اهتمت تغريدات الجزائريين بمواضيع المناظرة وإجابة كل مترشّح عن الأسئلة المطروحة.

يبدو من مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ المناظرة لقيت متابعة ليست بالهينة سواءً من الداعمين للانتخابات أو مقاطعيها، لكن تقديم رقم يعبّر عن حجم هذه المتابعة، يبقى غير ممكن في ظلّ غياب آليات ووسائل قياس ذلك في الجزائر.

كانت أرصدة المترشّحين في "بورصة التواصل الاجتماعي" ترتفع تارة وتنزل تارة أخرى، غير أنّه في ظلّ تحرّك ماكنة "الذباب الإلكتروني" أو الجيوش الإلكترونية لكل مترشّح، يظلّ من الصعب الحكم على من نجح أو فشل في إقناع الجزائريين.

تبّون يتصدّر

على الرغم من التناقض الذي وقع فيه المترشّح الحرّ عبد المجيد #تبون في كثير من المرّات خلال مداخلته، إلا أنّ الرجل كان الوحيد الذي استطاع أن يحافظ على وجود اسمه ضمن قائمة ترند الجزائر طيلة أطوار المناظرة وحتى بعد نهايتها.

لعلّ ما اهتم به المغردون في كلام وزير السكن السابق، هو حديثه عن إمكانية استرجاع الأموال المنهوبة من رموز النظام السابق، دون أن يحدد آلية مقنعة لذلك، أو يكشف الطريقة التي تمكّنه من استرجاع هذه الأموال. لكنّه على أيّة حال، بدا عكس باقي المتناظرين الذين إمّا تهربوا من السؤال أو لم يقدموا موقفًا واضحًا، حسب المغرّدين.

من جهته، غرّد نزيم بدوي، معيدًا كلام تبون الذي قال إنّ "الأموال المنهوبة ستعود إن شاء الله"، مضيفًا: "على فكرة تبون هو الوحيد الذي أجاب بإمكانية استرجاع الأموال. ثقة كبيرة في النفس ولا يُجامل أحدًا". غير أن الصحافية حياة سرتاح، رأت أنّ تبون كان مرتبكًا ووجد صعوبة في توصيل ما حفظه سابقًا للإجابة على أسئلة المناظرة، على عكس علي بن فليس الذي بدا هادئًا طيلة المناظرة، إلا أن ذلك  -حسبها- لا يمنع أن يصنّف تبون ضمن قائمة  المتناظرين المقنعين.

 كان هذا الارتباك ربّما، هو السبب الذي جعل بورصة التغريدات تتغيّر بعد نهاية المناظرة، حيث بدأ وسم #تبون يتراجع ليتصدّر كل من #بن_قرينة و#ميهوبي.

 قراءات في خطاب المرشّحين

بالنظر إلى ما دار في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّه من الصعب الحكم على من كان مقنعًا أكثر، لأنّ الكلام الجيّد لا يعني الإقناع، فالجزائريون جميعهم يتذكّرون أن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كان متحدثًا بارعًا يُجيد بيع الكلام، إلا أن خاتمة هذه الميزة كانت في الأخير الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم.

وبالعودة إلى ظهور كل مترشّح، فبالنسبة للصحافي رشدي شياحي المقيم في ألمانيا، فإن عزّ الدين ميهوبي لم يكن مقنعًا تمامًا، حيث كتب "لا أعلم لماذا يستفزّني ميهوبي. عندما يتحدّث ينتابني شعور أنه هو نفسُه لا يصدّق نفسَه. من يشاطرني ذلك؟". في مقابل ذلك، يرى عبد الرحمان بلعاليا أن ميهوبي "كان الأفضل بفصاحته".

من جهته، يلاحظ الصحافي محمد دخوش، أن المناظرة قد أظهرت أن علي بن فليس كان الأكثر إقناعًا بين جميع المرشّحين. أمّا البرلماني مسعود عمراوي، فلاحظ أن "ميهوبي لم يفتتح مداخلته بالحمدلة ولا بالبسملة، ويأخذ من إجابات الغير مع تغيير الصياغة لتمكّنه من ناصية اللغة العربية، أما بن قرينة فتفرّد بالتأكيد على أن مرجعيته هو بيان أوّل نوفمبر، وبن فليس حملت إجاباته حلولًا وبدائل عملية بعيدًا عن الأسلوب الإنشائي، وبلعيد يبدو أنه لا يفهم بدقّة محتوى السؤال، ممّا يجعله يتشعب ولا يدّقق في الإجابة، أما عبد المجيد تبون فيؤكّد على حرّية المعتقد. هل هي قناعة أم هي سياسة الاستقطاب؟".

مشاكل تقنية

انتقد كثيرٌ من المغرّدين على وسائل التواصل الاجتماعي، الطريقة التي أعدت بها المناظرة، وطبيعة وجفاف الأسئلة المطروحة، إضافة إلى النقائص التقنية التي لوحظت في استوديو المناظرة.

من الصعب الحكم على مستوى مرشحي الانتخابات من خلال المناظرة التلفزيونية

هنا، تعلّق صوريا بوعمامة، الصحافية السابقة بالتلفزيون الجزائري قائلة: "الإضاءة ناقصة، وسيطرة للون الأزرق، وخلفية متحرّكة وألوان غير واضحة.. استوديو أشبه بمرقص.. عن استوديو المناظرة أتحدث".

اقرأ/ي أيضًا: 

على خطى بوتفليقة.. عبد المجيد تبون يلجأ لخطاب العشرية السوداء

الرئاسيات في الجزائر.. حملة انتخابية أم حملة اعتقالات؟