28-سبتمبر-2021

(فيسبوك/الترا جزائر)

تُراهن حكومة أيمن عبد الرحمان، في تنفيذ برنامجها التنموي، وانتعاش الاقتصادي على ولاة الجمهورية، إذ يشكّل الولاة الحلقة الرئيسية في تنفيذ القرارات المركزية، وتجسيد برنامج الحكومي، وتطبيق الخطط التنموية، وهمزة وصل بين الشعب والسلطة.

والي سابق:  وجود قانون أساسي هو الضمان التشريعي الذي يوفر الحماية القانونية للوالي والتعليمات الظرفية لا تحميه خلال أداء مهامه

من الناحية الفعلية والقانونية يمثل الوالي السلطة التنفيذية، ويتمتّع بصلاحيات واسعة، حيث يُشرف على المجالس المنتخبة، والسلطة على المديريات الفرعية الوزارية؛ لكن من الناحية الواقعية يبقى الوالي رهينة السلطة المركزية التي تٌعينه، والدوائر القوية على المستوي المحلي، وعليه مراعاة التوازنات القبلية والعشائرية الحساسة، خصوصًا على مستوى الولايات الحدودية والداخلية.

اقرأ/ي أيضًا: الدولة تعلن عن إجراء لإنهاء رعب المسؤولين

في هذا السياق، يَتكفل الوالي بالملف الاقتصادي، إذ يشرف على صلاحيات توزيع العقار الصناعي وإدارة المناطق الصناعية، والمساحات الزراعية، ويترأس الوكالة الولائية لتطوير ودعم الاستثمار، غير أن بعض المتعاملين الاقتصاديين يشتكون من بيروقراطية الإدارة، فهل يمكن الاعتماد على هذا الجهاز التكنوقراطي والإداري في جلب الاستثمارات الوطنية والدولية باستطاعتها خلق مناصب عمل وتقديم قيمة مضافة جهويًا ومحليًا؟.

الرهان على الإدارة

في هذا الإطار، عُقد لقاء وطني جمع بين رئيس الجمهورية والولّاة، ومن ضمن رسائل الطمأنة التي أعلن عنها تبون خلال اللقاء، منشور رئاسي لحماية الإطارات والمسيرين من "الرسائل المجهولة" الموجّهة للإبلاغ عن الفساد، والتأكيد على الحماية القانونية لهم، ورفع التجريم على فعل التسيير.

جدير بالذكر، أن عددًا من الولاة أودعوا رهن الحبس الاحتياطي في قضايا فساد ونهب المال العام، ولقد انعكست حملة مكافحة الفساد عن مخاوف كثيرين من أعوان الدولة والمسؤولين، تَرتب عنه تجميد وتباطؤ عديد من المشاريع على مستوى المحلي، ونظرًا لتَعقد الأزمة، أسدت رئاسة الجمهورية تعليمة إلى الضبطية القضائية أمر بضرورة إخطار وزارة الداخلية مسبقًا، وقبل مباشرة التحقيقات تمس مسؤولين في الدولة.

دور محوري، ولكن.. 

في سياق الموضوع، قال سليمان ناصر، الخبير الاقتصادي في اتصال مع "التر جزائر" إن دور الوالي في التنمية المحلية ذو أهمية بالغة، خصوصًا في الجانب التنظيمي، والترويج لقدرات ولاياته من منشآت قاعدية وهيكلية.

وأضاف المتحدّث، أن الوالي يمتلك صلاحيات توزيع العقارات الصناعية والفلاحية وإدارة المناطق السياحية، كما بإمكانه وضع مخطط استعجالي لتمكين المتعاملين الاقتصاديين من مزاولة نشاطهم في أحسن الظروف، موضّحًا "أنه تفاديًا لأخطاء سابقة، فقد تم رفع التجريم على فعل التسيير، وعدم الاعتماد على الرسائل المجهولة، وتعليمة إخطار الوزارة الداخلية قبليًا بأيّة متابعات قضائية تمس إطارات إدارية، وأن الضمانات التي تقدمها الدولة من شأنها تحرير المبادرات وخلق أجواء طمأنينة".

وداعا الخبير الاقتصادي، إلى تحديد فترة الولاة بخمس سنوات على الأقل، بهدف تمكين من تجسيد البرنامج التنموي المحلّي، والذي يتطلب فترة زمنية محددة، متسائلًا هل يعقل أن نحاسب الولاة على سنة أو سنتين من الإدارة والتسيير؟ داعيًا في الوقت نفسه إلى إصلاح جذري للنظام الإداري وفق الرهانات الاقتصادية الجديدة، على حدّ تعبيره.

أولوية وضع قانون أساسي

من جانبه داعًا بشير فريك، والي سابقًا، إلى الإسراع في وضع قانون أساسي للمنصب الولاة، وقال إن وجود قانون أساسي هو الضمان التشريعي الذي يوفر الحماية القانونية للوالي، وأن التعليمات الظرفية لا تحمي الوالي من أداء مهامه بشكل مطمئن وكامل.

يُشير محدّث "الترا جزائر" إلى أن منصب الوالي مُعّرض إلى الابتزاز، والمساومة، على رغم أنه ممثل رئيس الجمهورية والسلطة المركزية، وبخصوص دور الوالي في التنمية المحلية، قال بشير فريك، إن التنمية المحلية بمفهومها الشامل تتضمن إرساء البني التحتية والهياكل القاعدية من طرقات وشبكات المياه والكهرباء وبناء المستشفيات والمدارس والمرفقات العمومية.

أما بخصوص التنمية الاقتصادية، أكد الوالي السابق، على ضرورة إعادة النظر في قانون الاستثمار الحالي بشكلٍ جذري، وإعطاء صلاحيات أوسع للولاة من أجل جلب الاستثمارات الوطنية والدولية. وشدّد على رفع التجميد عن بعض القرارات، "كسحب توزيع وتسيير العقار الصناعي والفلاحي والسياحي من الولاة، التي اُسندَت إلى القطاعات الوزارية الوصية".

وختتم محدثنا أن السلطات المحلية ما هي إلا صورة تعكس وجه السلطات المركزية، ويقتضي مساهمة الولاة في التنمية الاقتصادية وجود إرادة سياسية قوية تعطي نفس قوي وجديد لإدارة الجهوية.

مؤشرات القياس  

من جهته، قال إسحاق خرشي، المحلل الاقتصادي، إن دور الوالي استراتيجيٌّ في دفع عجلة التنمية على مستوى المحلي، معتبرًا أن الوالي هو حلقة وصل بين الحكومة والفعاليات المجتمعية والاقتصادية، إذ أن الوالي يقع على عاتقه تطبيق مخطط عمل الحكومة.

ومن بين جملة الشروط  الموجّهة لتحقيق التنمية المحلية في البلاد، ذكر خرشي، أنه لا بد من توفر "مُؤشر قياس الأداء"، ويقصد به وجود معايير دقيقة، يمكن من خلالها تقييم عمل الولاة بشكل منهجي وعلمي دون محاباة أو تجاوزات.

في هذا السياق يعتقد المحلل الاقتصادي، أن رقمنة الجهاز الإداري اليوم، تكفل بمتابعة المشاريع المحلية بشكل يومي وفعال، وتسمح بتحديد المسؤوليات، كما توفر للسلطات المحلية بنك معلومات لتحديد الأولويات المستعجلة، واعتبر أن أن روح المبادرة تُشكل نقطة فارقة في تحقيق التنمية المحلية.

يدعو محدّث "الترا جزائر"، أن توفّر السلطات السياسية التغطية والحماية القانونية، على غرار رفع التجريم عن التسيير، والتي من شأنها خلق منافسة بين الولاة في جلب الاستثمارات والتسويق الاقتصادي، معتبرًا أن المسؤولية مشتركة بين المتعامل الاقتصادي والعون الإداري، فكلاهما مطالبان باحترام إجراءات التعاقد، إذ يتمثل عمل الجهاز الإداري في تسهيل العقبات الإدارية والتنظيمية وعلى المتعامل الاقتصادي المساهمة في امتصاص البطالة وخلق الثروة وتوسيع مشاريعه التنموية.

يجب عادة النظر كليًا في نظام الإداري وسط دعوات إلى تحقيق المزيد من الديمقراطية التمثيلية والتشاركية

تجدر الإشارة أن السلطة المحلية هي مرآة السلطة المركزية، يُنظر إليها على أنها الجهاز الذي عليه تنفيذ القرارات الفوقية، دون مراعاة الخصوصية الجغرافيا والمكانية والسكانية، نتج على ضوء ذلك عدم توازن جهوي بين المدن والأرياف، ما يستدعي إعادة النظر كليًا في نظام الإداري، وسط دعوات إلى تحقيق المزيد من الديمقراطية التمثيلية والتشاركية. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرئيس تبون: الجزائر قوة ضاربة والعالم كله يعترف بذلك

تبون: عهد العراقيل البيروقراطية والإدارية قد ولى