20-أبريل-2020

وزيرة الثقافة مليكة بن دودة (صورة: في بلادي)

 بعد ركود ثقافي طويل، تفجّر الجدل في المشهد الثقافي الجزائري، بصدور العدد الأوّل من مجلّة "انزياحات" عن وزارة الثقافة، بسبب تسميتها "الغريبة" بحسب البعض، أو "المستفزّة" بحسب آخرين. ولئن كان البعض يرى بأن المكتوب ّ"يُقرأ من عنوانه"، فقد دخلوا في النقاش مبكرًا قبل حتى الاطلاع على محتوى العدد الأوّل من هذه المجلة.

دافع الدكتور عمر بوساحة، أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر، عن العنوان المثير للجدل

تحت عنوان "وزارة الثقافة وخطيئة التسمية"، كتب الشاعر والناقد يوسف وغليسي يقول: "هل أتى على وزارتنا حين من الدهر، صار خلع ضرس من أضراس مستشاريها، أهونَ عليهم من العثور على تسمية تليق بمجلة ثقافية بسيطة؟".

اقرأ/ي أيضًا: كورونا "تؤسّس" لمشهد ثقافي افتراضي في الجزائر

وأكد وغليسي: "لو كانت المجلة فكرية علمية محكمة، ما أثرنا هذه المسألة إطلاقًا (فلا مُشاحة، أو لا تشاحّ، في الاصطلاح، كما يقول علماء المصطلح)، أمّا وأنّها مجلة ثقافية جامعة، فمن غير المعقول، في نظري، أن تتّخذ من  (الانزياح) عنوانا لها".

وأضاف يوسف وغليسي: "ستصبح الوزارة التي تصدرها -بموجبه- خارجة عن المعيار الحكومي الذي يتولّاها، قبل أن ينصح بالتخلّي عن التسمية والعودة إلى إحياء عنوان قديم، على شاكلة (الثقافة) و(آمال)، لأنهما أرحم بكثير من هذه (الانزياحات) غير المدروسة".

من جهته، اقترح الشاعر عبد العالي مزغيش، تغيير تسمية المجلة بـ "الاستئناس" بمجّلات قديمة كانت تصدرها وزارة الثقافة، ويضيف قائلًا: "ربما العدد التجريبي سيحمل التسمية التي لم تعجب عددًا من القراء والمثقفين، لكن أرجو أن يتدارك رئيس التحرير الكاتب إسماعيل يبرير منسق التحرير، والكاتب احميدة عياشي مدير التحرير، ومن معهما من الطاقم  أزمة التسمية، برفع هذا الاقتراح إلى السيدة بن دودة وزيرة الثقافة، فتأمر بتغيير الاسم ابتداء من العدد الأوّل".

في مقابل ذلك، هناك من استحسن العنوان على غرار الكاتب والجامعي احسن تليلاني الذي كتب يقول: "انزياحات عنوان شاعري متفجّر بالدلالات الشاملة لأقاليم الثقافة ورؤاها المختلفة، و هو عنوان فيه تجديد يسائل الخطاب مرجعه مثلما فعل يونيسكو في المغنية الصلعاء".  

بدوره دافع الدكتور عمر بوساحة، أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر، عن العنوان المثير للجدل، بالقول: "مجلة انزياحات كما يشير عنوانها تهدف إلى كسر الرتابة والروتين الذي أطبق على صدورنا، لتقدم شكلًا جديدًا يدفع بالمثقفين الجزائريين الولوج إلى عالم الثقافة المعاصرة، ومناقشة قضايا الأدب والفكر والفنون وكل الأنواع الثقافية الأخرى".

وفي معرض دفاعه عن المشروع والعنوان، كتب احميدة عياشي، مدير تحرير مجلة "انزياحات" على صفحته بالفيسبوك: "بعد أن بقت الجزائر ولسنوات بدون منبر ثقافي متنوّع ومتعدّد. راق ونوعي، يمثل الثقافة الجزائرية والإبداع بكل ما يحمله من أصالة وحداثة هاهي مبادرة، سهر عليها إعلاميون ومصمّمون وكتاب أثبتوا من قبل حرفيتهم".

ودخل الشاعر اليمني فتحي أبو النصر على الخط، ليقول: "تفاجأت بأن وزارة الثقافة الجزائرية، تصدر مجلة باسم انزياحات.. وهو عنوان مجلتي التي أصدرتها في 2010"، وذهب أبو النصر بعيدًا عندما قال: "أطالب وزارة الثقافة اليمنية، بالتدخّل في قضية سرقة وزارة الثقافة الجزائرية لاسم مجلتي انزياحات".

وتحوّل النقاش حو "شرعية" عنوان  لمجلة تصدرها هيئة رسمية في مقام وزارة الثقافة إلى قضية "السرقة"، التي استبعدها كثير من المتدخّلين، بدليل أن أسماء قنوات تلفزيونية وجرائد مشهورة موجودة في أكثر من بلد على غرار "الجزيرة" و"الشروق" و"الحياة" و"الوطن" وغيرها كثير، ولم تثر يومًا مسألة "الملكية الفكرية"، مثلما أثيرت الآن مع هذا العنوان.

وبعيدًا عن جدل العنوان، صدر مؤخرًا بالجزائر العدد الأوّل من مجلة "انزياحات.. فكر التغيير" عن وزارة الثقافة الجزائرية، وجاء العدد ثريًا ومتنوعًا في محتواه "المتكيّف" مع جائحة فيروس كورونا، حيث تناول ملف العدد الموضوع من زاوية خاصّة تحت عنوان "نهاية الإنسان ليست الآن"، وكتب فيه كل من الكاتب محمد بن زيان، والدكتور إسماعيل مهنانة، والباحث أحمد دلباني، والناقد لونيس بن علي، والشاعر سعيد هادف، والشاعرة حبيبة محمدي، والروائي إسماعيل يبرير.

ضمّ العدد مواد باللغة الفرنسية تناولت بالخصوص ملفًا عن الروائي الراحل محمد ديب في الذكرى المئوية لميلاده

وساهم في العدد جملة من الكتّاب المعروفين، ضمن أبواب المجلة، وهي بالإضافة احتفاء، زوايا، وجها لوجه، نسوة، آداب، موازين، مسارات، سينما، مسرح. كما ضمّ العدد مواد باللغة الفرنسية تناولت بالخصوص ملفًا عن الروائي الراحل محمد ديب في الذكرى المئوية لميلاده، ومواد أخرى باللغة الأمازيغية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشاب مامي يفتح قلبه: اكتشفت الحياة أثناء محنتي

الكاميرا الخفية في الجزائر.. برامج "الرعب" تستثمر في وباء كورونا