18-أكتوبر-2022
توقيع اتفاق المصالحة

الفصائل الفلسطينية توقع اتفاق مصالحة في الجزائر (تصوير: فاضل عبد إبراهيم/الأناضول)

يعزز اتفاق الفصائل الفلسطينية في الجزائر احتمالات نجاح القمة العربية المنتظر انعقادها في الجزائر في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فمن المنتظر أيضًا أن تعرض الوثيقة رسميًا على القادة العرب، لتكون أهم أحد الملفات التي ستناقش في الاجتماع، بالإضافة إلى أن اللِّقاء العربي فُرصة لوضع الملفّات الخِلافية على مائِدة القادة العرب، لأنّها في نَظر البعض ستكون أبرز التحديات أمام الدول العربية ومعيقات مخرجات الاجتماع.

يرى البعض أن هناك تباينًا في وجهات النّظر حول عدة ملفات سياسية بين الدول العربية 

وشدّد الاتفاق على عدة نقاط في شكل بُنود تم الانتهاء منها بعد جولات عديدة قادتها الدبلوماسية الجزائرية من أجل تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية، إذ توصل الاتفاق النهائي إلى قرارات وتعهدات أهمها:  إجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، مع تحديد مدة زمنية لا تزيد عن العام، في المناطق الفلسطينية، بما فيها مدينة القدس، إضافة إلى توحيد المؤسسات الفلسطينية، وتفعيل آلية العمل للأمناء العامين للفصائل، على طريق إنهاء الانقسام، على أن يتولى فريق عمل جزائري عربي مشترك الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، بإدارة جزائرية،

أثار إعلان الجزائر عدة ردود فعل سياسية وعربية ودولية، إذ تعدّت المواقِف العربية والدّولية التّرحيب بالقرار والإعلان، واعتبارها توقيع الفصائل الفلسطينية على "إعلان الجزائر"، يعدّ خطوة مهمّة في تحييد المشكِلات السياسية والتّركيز على القضية الأهمّ في مواجهة العدوان المتجدد للكيان الصهيوني، إذ من شأن هذا الاتفاق أن يدفع إلى إنهاء الانقِسامات بين الفلسطينيّين.

خُطوة كبيرة

وبالعودة إلى الاتفاق اعتبر البعض أنه إنجاز في حدّ ذاته، خصوصًا بتمكن الجزائر من تجميع الفصائل الفلسطينية، وهو ما يعزّز من إمكانية نجاح القمة العربية المقبلة المقررة في الفاتح ترشين الثاني/ نوفمبر القادم.

هذه الخطوة، تجسيد لجولات ولقاءات طويلة، امتدت على مدار أكثر من سنة، إذ قرأها المتابعون للشّأن العربي في الجزائر، بأنها تمهِّد لاتّفاقات أخرى، وتجربة للدبلوماسية الجزائرية في تقريب وجهات النظر وتوحيد الصفوف والاستمرار في الدعوة إلى الحلول الناجعة والتي تخدم المصلحة العامة للشعوب.

يمنح الاتفاق الموسوم بـ"اتفاق الجزائر" الضّوء الأخضر لطرح عدة مسائل بين القادة العرب، ورأب الصدع في العديد من القضايا الخلافية في البلدان العربية، إذ أكد الباحث في العلوم السياسية من جامعة الجزائر عبد الكريم سياح على أنّ أول عتبة لإنجاح الاجتماع العربي بالجزائر هو " توحيد الصفّ الفلسطيني، إذ تعتبر الجزائر قضية فلسطين قضية عربية تجمع وتوحّد كل الصفوف، وتعيد القضية للواجهة وبنَفس جديد يصبو إليه الشعب الفلسطيني".

وأضاف سياح لـ" الترا جزائر" قائلًا إن المعادلة السياسية في الوطن العربي تنبني على المسائل العالقة، إذ لا يمكن الذهاب بعيدًا في شتى المجالات أمام الأزمات الدولية المتشظية" على حدّ تعبيره، دونما "تفكيك بعض الألغام النائمة"، إذ ترمي الجزائر إلى توحيد مختلف المواقف لحلحلة بعض الخلافات، لتقوية الصف العربي، وأن القمة في الجزائر لها رمزية أكبر خصوصًا وأنها تقام في ظروف سياسية صعبة وعدة تحديات في عديد البلدان وجب التطرّق إليها مع مراعاة مصلحة الشعوب العربية.

وثيقة..  المصادقة

في هذا المنحى، من المنتظر أن يتمّ تسيلم الوثيقة الفلسطينية كورقة تدرج في ملفات أو أجندة الاجتماع الوزاري العربي ثم اجتماع الرؤساء، في أعمال مؤتمر القمة العربية للحصول على تزكية عربية للاتفاق، وهو ما يعتبره البعض خطوة للالتزام بتنفيذ بنوده، وجعلها ملزِمة لجميع الأطراف، وتوحّد جهود الفصائل الفلسطينية في الفترة المقبلة.

ومن المنتظر أن يحظى الاتفاق بتزكية عربية، حسب التوقعات السياسية ويعطيه غطاء عربيًا ويزيد من موجِبات التزام الفصائل الفلسطينية به، وهو ما يمكن من تضميد جراح الفلسطينيين، بحسب تصريحات قادة الفصائل التي أعقبت الاتفاق.

وحول ذلك كشف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باتنة علي عوايدية لـ" الترا جزائر" أن التزكية العربية لاتفاق الجزائر ستسهم في إيجاد آلية واضحة لاستعادة القضية الفلسطينية لمرتكزاتيها في مجال العمل العربي المشترك من جهة، وتفعيل الدور العربي في حل وإسناد القضية الفلسطينية من جهة ثانية.

علاوة على القضية الفلسطينية التي ستحتلّ الصدارة في ملفات الاجتماع العربي الشامل بالجزائر، اتضحت الكثير من معالم القمة العربية، وهو مؤشّر بحسب المتابعين لمشاركة نوعية ويشجّع على مشاركة القادة العرب، بوفود رفيعة المستوى، ما سيعطي للاجتماع أبعادًا كبرى.

وهنا تجدر الإشارة إلى تصريحات الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في زيارته للجزائر 16 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي للوقوف على ترتيبات القمة والتحضيرات الأخيرة لها، بأن " هذه القمّة اسمها قمة لم الشمل وبالتالي نتمنى أن يتم لم الشمل فعلًا على كافة المحاور والاتجاهات".

معيقات وقضايا عالقة

على عكس ما سبق، يرى البعض أن هناك تباينًا في وجهات النّظر حول عدة ملفات سياسية، خاصة منها البينية أو الثنائية، يفترض إيجاد توافقات لضمان استقرار وتعزيز التعاون العربي في شتى المجالات خاصة منها الاستقرار الأمني في عدد من البلدان، وفي شتى القطاعات وخاصة أمام الأزمة الاقتصادية العالمية التي تلوح بمعضلات كبيرة وتحديات عظيمة.

مثلما تمثّل القمّة العربية المقبلة فرصة ثمينة لمراجعة بعض الخلافات العربية -العربية، بقدر ما يمكن أن تمثّل هذه الخلافات أبرز المُعوِّقات أمام نجاح القِمّة وطرح مخرجات جدية، على غرار الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا مع القاهرة، والأزمة الجزائرية المغربية، والمشكلات السياسية والقضايا كالوضع في اليمن ولبنان وغيرها.

وبالنظر إلى قوة هذه القضايا، يعتبر الخبير الاقتصادي عبد الله سلامي لـ" الترا جزائر" أن تضارب المصالح والمحاور المختلفة داخل المجموعة العربية، سيصعُّب نسبيًا إمكانية التوصّل إلى مقاربات موحدة إزاء القضايا العربية المطروحة.

وأضاف في هذا الصدد بأن تباين المواقف العربية ازاء الحرب في أوكرانيا يمثل أيضًا انقسامًا واضحًا في التوجهات العربية بسبب انعكاسات ذلك على المنطقة العربية، على حدّ قوله.

وشدد المتحدث على أن "ضعف الترابط الاقتصادي العربي" يعدّ من المخاوف المنتظرة وأحد الأسباب التي تُضعِف مخرجات القمّة في الغالب، بسبب عدم وجود علاقات عضوية اقتصادية بينية.

تسعى الجزائر من خلال القمة العربية إلى تفعيل دورها الخارجي وتعزيز حضورها الدولي

أخيرًا، وفي حين تتطلع الجزائر إلى أن تكون القمة جامعة، تستهدف تعزيز العمل العربي المشترك، فإنها تؤسس لخطوات أخرى لتفعيل دورها الخارجي وتعزيز حضورها الدولي وفرصة لعودتها للحاضنة الإقليمية والدولية من عدة منافذ أهمها العربية والأفريقية.