31-يوليو-2021

(تصوير: رياض قرامدي/ Getty)

اقتنع الأربعيني عبد الرزاق أخيرًا بضرورة أخذ اللقاح المضاد لكورونا، رغم أنه كان في البداية من المعارضين له، فقد أخذ الجرعة الأولى من لقاح "سينوفاك" الصيني في انتظار أخذ الجرعة الثانية في الأسبوع الأول من شهر آب/أوت المقبل.

رغم توسيع حملة التلقيح لتشمل الساحات العمومية والأحياء والمساجد، إلا أنها صارت لا تستوعب في بعض المدن الأعداد الكبيرة للمواطنين

يقول عبد الرزاق لـ "الترا جزائر" إن الانتشار الواسع للوباء جعله يُقبل على التلقيح، خاصّة وأن ظروف عمله تحتم عليه استعمال وسائل النقل يوميًا بصورة مكثفة، وهو ما يشكل عاملًا لإمكانية إصابته بعدوى "كوفيد-"19 أو نقلها لأفراد عائلته.

اقرأ/ي أيضًا: حملة التلقيح ضدّ كورونا.. "تفسيرات غريبة" على مواقع التواصل

 

مع تزايد عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا، تتعالى في الأيام الأخيرة دعوات المسؤولين والمختصّين التي تحض الجزائريين على التلقيح ضدّ هذا الفيروس الذي يحصد يوميًا حياة كثيرين، بالنظر إلى نسبة التطعيم تظلّ متدنية ولا تتناسب مع كمية اللقاحات التي اقتنتها الحكومة.

وبالعودة إلى الأيام الأولى من وصول اللقاح إلى الجزائر في نهاية كانون الأول/جانفي الماضي، فإن إقبال الجزائريين على أخذ اللقاح المضاد لـ"كوفيد-19"، عرف تزايدًا ملحوظًا، لكن هل يكفي هذا الاقبال للقول إنّ الأغلبية اقتنعوا بضرورة التلقيح أم أنه لازلت فئة تعارض التطعيم لاعتبارات مختلفة؟.

إقبال متزايد

هنا، يذكر الثلاثيني عبد الله في حديث إلى "الترا جزائر" أنه اقتنع هو الآخر بضرورة أخذه اللقاح في الأيام القادمة، فقد قصد إحدى مراكز التطعيم بالعاصمة الجزائر، لكن تعذر عليه ذلك في مرتين بسبب الطوابير الطويلة للمواطنين الذين ينتظرون دورهم لأخذ اللقاح، الأمر الذي أجل خضوعه لأخذ أحسن وسيلة دفاعية ضد فيروس كورونا.

ورغم توسيع حملة التلقيح لتشمل الساحات العمومية والأحياء والمساجد، إلا أنها صارت لا تستوعب الأعداد الكبيرة للمواطنين المقبلين على عملية التلقيح في بعض المدن، خاصة بعد ارتفاع عدد الإصابات بالوباء.

مواطنون متردّدون

على عكس كثيرين، تتمسك الستينية أم أحمد برأيها الذي يرفض أخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا مهما كان البلد أو المخبر الذي أنتجه سواءً بريطانيًا أو روسيًا أو صينيًا، وذلك بالرغم من إصابتها العام الماضي بالمرض ومعاناتها من عدة أمراض مزمنة، وذلك بحجة أنها لا تثق في هذا الدواء إن كان مفيدًا أو لا.

 ولا يقتصر هذا الرأي عليها فقط، إنما الشاب سمير ذو المستوى الجامعي يتمسك هو الآخر بهذا الرأي، فهو لا يزال يعتقد أن هذا الوباء هو نتاج صناعة مخابر دولية، واللقاح المضاد له أيضًا مجرّد عملية تجارية في مجال الأدوية، بالنظر إلى أن الدول التي أنتجت هذه اللقاحات لا تزال تسجل مستوى عال من عدد الإصابات، ولا يُرى – حسبه - أثرًا لفعالية اللقاحات.

ولازالت بعض المعتقدات والشائعات والشكوك تثني كثيرًا من الجزائريين على الإقبال على التلقيح، خاصّة الشباب منهم الذين يعتقدون أن فيروس كورونا يستقوى على المسنين فقط، رغم أن السلالة الهندية من الفيروس أثبتت العكس.

وفي الأسابيع الماضية، انتشرت شائعة مضمونها أنه يتم زرع شريحة عن طريق اللقاح للتجسّس على من يخضع للتطعيم، وهو ما جعل العالم الجزائري بلقاسم حبّة المختص في مجال الإلكترونيات يوضح في فيديو له أنه لاحظ العديد من الفيديوهات التي يروج فيها بأنه يتم خلال عملية التلقيح ضد كورونا زرع شريحة في جسم الإنسان، مبينا بالقول إن ذلك مستحيل علميًا ويحتاج لعملية دقيقة ومعقدة وليس لغرز إبرة فقط.

رهان الحكومة

تراهن الحكومة الجزائرية على زيادة القناعة لدى المواطنين بأهمية التلقيح ضد فيروس كورونا، وقد شكل هذا الملف أحد محاور اجتماع مجلس الوزراء الأخير برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون الذي ثمن خلاله "الإقبال الكبير للمواطنين على التلقيح، لتحقيق مناعة جماعية".

وشدّد الرئيس خلال الاجتماع على ضرورة "مضاعفة عمليات التحسيس الإعلامي على أوسع نطاق ممكن، لرفع نسبة التلقيح، وطنيا، ورفع نسبة التلقيح أكثر في الولايات ذات الكثافة السكانية الكبيرة، باعتبارها الولايات الأولى لمصادر العدوى، وتحديد هدف فوري لتلقيح 2.5 مليون شخص في العاصمة، وبنسبة 50 بالمائة من سكان ولايات وهران، وقسنطينة، وسطيف وورقلة، واستكمال عملية تلقيح أعوان الإدارات، وطنيًا ومحليًا".

عملية التلقيح  مازالت تسير بوتيرة بطيئة لا تتلاءم مع عدد الكميات المتوفرة من اللقاح

ورغم استلام الجزائر، لأكثر من ستة ملايين جرعة من اللقاحات المضادة لكورونا، إلا أن عملية التلقيح تظلّ تسير بوتيرة بطيئة لا تتلاءم مع عدد الكميات المتوفرة من اللقاح، إذ أن آخر الأرقام التي قدمها بداية هذا الشهر البروفيسور جمال فورار الناطق الرسمي للجنة متابعة ورصد فيروس كورونا كانت قد تجاوزت مليوني شخص فقط في  بلد يزيد عدد سكانه عن 45 مليون نسمة، لتبقى الأيام المقبلة الكفيلة بإثبات اقتناع الجزائريين بأهمية التلقيح من عدمه، خاصة بعد أن قاربت حصيلة الإصابات اليومية ألفي إصابة جديدة مؤكّدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيروس كورونا.. هل علينا أن نصاب بالذعر؟

الجزائر تكتشف دواء كورونا.. بوناطيرو في مخبر الانتقادات مجدّدًا