27-يناير-2024
 (الصورة: Getty) اللاعب يوسف عطال في مباراته مع "الخضر" أمام بوركينافاسو

(الصورة: Getty) اللاعب يوسف عطال في مباراته مع "الخضر" أمام بوركينافاسو

في كوت ديفوار وبينما تشهد البلاد بطولة كأس أفريقيا للأمم، يسجل كثير من اللاعبين امتعاضهم من ارتفاع الحرارة ومستوى الرطوبة، وتأثيرها على أداء اللاعبين في الميدان، حتى إن بعض لاعبي المنتخب الجزائري قبل إقصائه من هذه الطبعة، بعد خسارته مؤخرًا أمام المنتخب الموريتاني، أشاروا إلى ارتفاع معدلات الرطوبة والحرارة، خاصة إذا تزامن برنامج مبارياتهم في فترة ما بعد الظهيرة.

تسجل بعض مناطق القارة الأفريقية رطوبة عالية جدًا تتراوح بين 70 و80 % 

في هذا السياق، تسجل بعض مناطق القارة الأفريقية رطوبة عالية جدًا تتراوح بين 70 و80 % ، وتتسبب في إرهاق كبير  ومشاكل صحية للرياضيين المتسابقين والمشجعين الذين لم يتعودوا على هذا الجو.

إلى هنا، تقع كوت ديفوار في غرب إفريقيا وهي دولة استوائية تتميز بمناخ دافئ ورطوبة عالية. تتراوح درجات الحرارة في هذه الدولة عادة بين 25 و35 درجة مئوية، بينما تتراوح الرطوبة النسبية بين 70 و90% وهي عالية جدًا بالمقارنة بالرطوبة في الجزائر التي تتراوح بين 40 و 50 %. وستمتد بطولة كأس الأمم الأفريقية 2024 إلى غاية 26 شباط/فيفري 2024. وتقام المباريات في مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة أبيدجان.

الرطوبة وكأس أفريقيا

وكان الجمهور الرياضي في السابق، غالبًا ما يقلل من مبررات المدربين الوطنيين حول المناخ والرطوبة تحديدًا، في حال الخسارة أو صعوبة المباريات في أفريقيا، لكن الأنصار الذين تنقلوا بكثافة إلى كوت ديفوار اكتشفوا هذه المرة حقيقة هذه الظاهرة وتأثيراتها على الجسم، بالنسبة للمتفرج الذي لا يبذل أي مجهود فكيف باللاعب على أرضية الميدان.

وعرف الناخب الوطني السابق رابح سعدان بحديثه عن الرطوبة والحرارة في أفريقيا، وكان دائمًا حديثه مثار جدل بين من يرى أنه يختلق الأعذار، في حين أن سعدان هو من أبرز المختصّين ويملك دكتوراه في التخصص الرياضي ويدرك جيدًا ما يقول. وفي هذه "الكان" اشتكى العديد من المدربين من المناخ وخاصّة من برمجة المباريات على الثانية زوالًا أي في ذروة الحرارة والرطوبة معًا ما يجعل جسم اللاعب أقل قدرة على الأداء وأكثر عرضة للإصابة.

والملاحظ أنه في كأس أفريقيا الجارية حاليًا والتي عرفت خروجًا مبكرًا للمنتخب الجزائري، أجرى الخضر مباراة واحدة على الثانية زوالا أمام بوركينافاسو انتهت بالتعادل، وعلى الرغم من التراجع البدني الذي لوحظ على اللاعبين في الشوط الثاني إلا أنهم استطاعوا العودة في النتيجة في الوقت بدل الضائع، ما يؤكد حجم المجهود المضاعف الذي بذله اللاعبون.

دراسات حول الرطوبة

وبالنظر لما باتت تمثله كرة القدم من أهمية في حياتنا، عمدت عدة دراسات لبحث تأثير الرطوبة على جسم الإنسان.

وتوصل باحثون أتراك سنة 2010 بعد مقارنة أداء مجموعة من اللاعبين خلال مباراتين الأولى لعبت في أجواء معتدلة درجة حرارة 34 مئوية ونسبة رطوبة متوسطة، بينما لعبت الثانية في أجواء حارة تصل إلى 40 درجة مع رطوبة مرتفعة، إلى أن المسافات التي قطعها اللاعبون خلال "المباراة الحارة" كانت أقل بنسبة 6% تقريباً عن تلك في المباراة المعتدلة.

وفي دراسة أخرى، قارن باحثون في الدنمارك ست مباريات من دوري أبطال أوروبا في ثلاثة أجواء معتدلة وأخرى حارة، أثبتت نتائجها انخفاضًا في ارتفاع قفزة اللاعبين بنسبة 6% بالمائة عند اللعب في الأجواء الحارة مقارنة بانخفاض بنسبة 2% فقط عند اللعب في الأجواء المعتدلة.

وقد وعت الكونفيدرالية الأفريقية لكرة القدم، فوضعت وقتًا مستقطعًا في كل شوط يستجمع فيه اللاعبون بعض قواهم وتروية الجسم، لأن أي مجهود رياضي بدرجات حرارة أعلى من 40 درجة مئوية أصبح يؤثر بشكل كبير على جسم الرياضي.

تأثير الرطوبة العام

في تصريح بـ"الترا جزائر" عن موضوع الرطوبة وتأثيرها على جسم الإنسان، قالت الدكتورة بسمة بن عثمان، طبيبة مختصة في الصحة العامة والتغذية، أن تأثير الرطوبة العالية في الجو غالبًا ما يكون سلبيًا على جسم  الإنسان وخاصة الأطفال وكبار السن، والخطر الأكبر يتمثل في الجفاف نتيجة التعرق الكثير، خاصة للذين  لا يحرصون على ترطيب الجسم بتناول السوائل والأغذية الغنية بالمياه كالفواكه والخضار.

وتؤثر الرطوبة بإجهاد الجسم لتبريد نفسه مما قد يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية، منها الإجهاد الحراري وهو حالة طبية خطيرة تحدث عندما لا يستطيع الجسم تنظيم درجة حرارته بشكل صحيح، وله نفس أعراض ضربة الشمس، ومشاكل الجهاز التنفسي مثل تفاقم الربو والتهاب الشعب الهوائية، ومشاكل في الجلد مثل الجفاف والذي يجعله أكثر عرضة للالتهابات، بالإضافة إلى مشاكل في النوم والتعب والإرهاق.وبشكل عام تزداد خطورة تأثيرات الرطوبة العالية على الصحة مع ارتفاع درجة الحرارة.

وأضافت الدكتورة، أن تأثيرها على الرياضيين أشد، لأنهم يمارسون نشاط بدني مجهد وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة التعرق التي تسبب اختلال نسبة الأملاح و المعادن في الجسم و بالتالي ارتفاع حدة التشنجات والتقلصات العضلية والتي يمكنها أن تكون سبب في الكسور خصوصا عند الرياضيين ذوي المستوى العالي، بالاضافة الى اعراض اخرى كالتعب والإرهاق  بسبب نقص المغنيسيوم خصوصًا، وضيق وصعوبة في   التنفس بسبب انقباض عضلات الصدر ونقص الأكسجين.

الحماية من الرطوبة

وعن أساليب الحماية من آثار الرطوبة العالية، أكدت الطبيبة على ضرورة ترطيب الجسم داخليًا و خارجيًا، وتعويض الماء الذي فقد  بالسوائل المدعمة بالأملاح والمعادن والإكثار من الفواكه والخضر التي تحافظ على تخزين المياه في الجسم مثل الخيار والطماطم، وأما الرياضيين فيجب عليهم تناول المكملات الغذائية اللازمة في حالة بذل مجهود بدني كبير وأخذ حصص تعويضية للاسترخاء والراحة بعد الحصص الرياضية، بالإضافة الى التنفس بعمق لتفادي ارتفاع تركيز ثنائي اكسيد الكربون في الدم.

صحت الدكتورة بسمة بن عثمان ذوي المناعة الضعيفة مثل الأطفال  ومرضى السكري بالنظافة الدائمة لتفادي ظهور الفطريات و الالتهابات

ونصحت الطبيبة لذوي المناعة الضعيفة مثل الأطفال  ومرضى السكري بالنظافة الدائمة لتفادي ظهور الفطريات و الالتهابات على البشرة بسبب الرطوبة.  أما فيما يخص الحالات الخاصة  كمرضى القصور الكلوي والقلب ،والحوامل، وكبار السن، ومرضى السرطان، والأطفال الخدج، فهناك بروتوكولات خاصة للحفاظ على مستويات معتدلة من الترطيب تتمثل في برامج  تغذية خاصة ومكملات غذائية.