17-نوفمبر-2022
(الصورة: Getty)

(تصوير:أنيس ميلي/أ.ف.ب)

بدأت مخاوف كثير من الفلاحين تزداد مع  اقتراب فصل الشتاء، وظهور مؤشرات أزمة جفاف جديدة باتت تهدد الموسم الفلاحي، ففي ظلّ تأخّر ونقص التساقط الأمطار مقارنة بالسنة الماضية، وهي مؤشّرات على تراجع المحصول الزراعي ومداخيل القطاع الفلاحي بشكل عام.

يحذّر خبراء من عملية الإجهاد المائي أو الاستغلال غير العقلاني للموارد المائية في المجال الفلاحي

من جانبه، وعكس سعي الحكومة إلى تمويل السكان بالمياه الشروب عبر إنشاء مزيد من محطات تحلية المياه، لم يبادر القائمون على القطاع الفلاحي والموارد المائية إلى دقّ ناقوس الخطر، والبحث عن آليات آنية وفعالة من أجل استدراك نقص تساقط الأمطار بداية هذا الموسم، وما تحمله من مخاطر على الموسم الفلاحي، في مقابل ذلك، يشدّد خبراء على حتمية وضع استراتيجية مدروسة لمواجهة أخطار شح المياه وتراجع تساقط الأمطار نتيجة التغييرات المناخية والاحتباس الحراري وارتفاع نسبة التلوث البيئي.

ما يزال الأمل قائمًا

في سياق الموضوع، ورغم إقرار بمخاطر تأخّر تساقط الأمطار، أوضح مراد، وهو مستثمر فلاحي من ولاية ميلة، أن الوضع سيزداد صعوبة لو تأخّرت أمطار لشهرين قادمين، أي ما تبقى من تشرين الثاني/نوفمبر وشهر كانون الأول/ديسمبر، واستدرك أنه مازال ينتظر تساقط الأمطار من أجل زرع البقوليات.

الوضع قد لا يُعد مقلقًا جدًا، حسب المتحدث، في انتظار أمطار شهر كانون الثاني/جانفي، والذي يَعدُ من أهم الشهور التي تعرف تساقط الأمطار في البلاد، وهو ما يفصل في موضوع المحاصيل الوفيرة من عدمها، موضحًا أن الأمطار الخريفية وعلى رغم من أهميتها مع بداية موسم الزرع والبذر، غير أن تساقطها قد يشكل خطرًا على المحاصيل الموسمية، على حدّ تعبيره.

يبرز المستثمر الفلاحي، أهمية تساقط الأمطار خلال شهري يناير/كانون الثاني فيفري/ شباط، وهو المؤشر التقديري لمعرفة نجاح الموسم الفلاحي أو العكس، وزاد محدث "التر جزائر"، أن الأمطار التي تسقط خلال شهر آذار /مارس تلعب دورًا هامًا في التحصيل الزراعي، كون الثمرة حينها تتشكل وتتم عملية البناء، حيث "أن الأمطار الربيعية تتميز بكونها خفيفة ومتوسطة، عكس أمطار المواسم الشتوية المتبقية".

وأفاد مراد أن تراجع نسبة امتلاء السدود التي تزود الأراضي الفلاحية التي تعتمد على السقي السدودي، سيكون له تأثير سلبي على الموسم الفلاحي، وختم أن تساقط الأمطار بالنسبة للفلاح مسألة شعور بالأمل والراحة النفسية والعمل والاجتهاد.

ما هي المخاطر؟

في هذا السياق، وفي ظلّ تراجع تساقط الأمطار وشح الموارد المائية، يحذّر خبراء من عملية الإجهاد المائي أو الاستغلال غير العقلاني للموارد المائية في المجال الفلاحي، مشددين على ضرورة عقلنة استعمال الموارد المائية، ووضع استراتيجية تدير الموارد المائية، وإيجاد صيغ جديدة عصرية من أجل السقي الزراعي منها استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في ري المحاصيل الزراعية بدل الاعتماد على مياه السدود والمياه الجوفية.

مياه الصرف المعالجة

يُشار أن برنامج وزارة الموارد المائية في آفاق سنة 2020، سطرت هدف إنجاز 270 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، حيث تبلغ قدرة المعالجة 1300 مليون م/3 سنويًا، أما المحطات الموجهة إلى المجال الري الزراعي فهي في حدود 25 محطة (2021).

ووفق إحصائيات عام 2020 فقد تم استعمال ما لا يقل عن 18 مليون م/3 من المياه المعالجة في ري أكثر من 11.499 هكتار من الأراضي الزراعية.

التعبئة الوطنية

من جانبه، أوضح عصام مقراني، مدير مكتب دراسات واستشارات، أن التخفيف من آثار شح الأمطار ومخاطر الجفاف على الموسم الفلاحي يتطلب دراسة شاملة حول الأحواض المائية في الجزائر، مشددًا على أهمية تعبئة الموارد البشرية، ووضع دراسات استباقية تدير مسألة الموارد المائية وفق رؤية الأمن المائي.

من الجانب التقني، قال الخبير، أإه يتعين على الحكومة ترشيد استغلال مياه السقي، عبر تشجيع وتسهيل إدراج تقنيات الري العصرية، وأنه "لابد من استغلال آبار المياه، مع وضع تقنين وتشريع خاص باستغلال الآبار قصد المتابعة والمراقبة، إضافة إلى إعادة النظر في الزراعات الواسعة التي تستهلك المياه بشكلٍ هائل، خصوصا الأشجار المثمرة التي تستهلك الكثير من المياه".

ودعا مقراني إلى صيانة شبكة المياه، والحد من عمليات الاستغلال غير القانوني فضلًا عن صيانة السدود، مشددًا على ضرورة تحسيس الفلاح بضرورة ترشيد مياه السقي التي تهدر منها مئات الآلاف من الأمتار المكعبة.

أصبح أمن المياه من بين الرهانات والتحديات العالمية في ظل التغييرات المناخية

وعلى العموم، يرتبط الأمن الغذائي ارتباطًا وثيقًا بالأمن المائي، والذي أصبح من بين الرهانات والتحديات العالمية في ظل التغييرات المناخية وانعكاساتها على الصحة والغذاء والكون، وبات المواطن والفلاح يترقبان أخبار تساقط الأمطار لما من مردود على عدة مجالات أهمها الاقتصادي والاجتماعي.