فاجأ بيان لوزارة التّربية الوطنيّة الشّارع الجزائريّ بتخفيض معدّل الحصول على شهادة البكالوريا/ الأهليّة العامّة التّي تعدّ أكثر الشّهادات العلميّة استقطابًا للاهتمام الشّعبيّ في الجزائر، من 10 إلى 9 من عشرين نقطة.
القرار استقبله قطاع واسع من الجزائريّين بالسّخريّة والإشارة إلى أنه إجراء سياسيّ
وبرّر بيان الوزارة الوصيّة هذا الإجراء بإعطاء الفرصة "لبناتنا وأبنائنا التّلاميذ في النّجاح؛ بعد الجهود التّي بذلوها والضّغوط النّفسيّة التّي تعرّضوا لها، في ظلّ الحجر المنزليّ الذّي فرضه فيروس كورونا".
اقرأ/ي أيضًا: منعًا للغش في البكالوريا.. الجزائر تعطّل شبكة الإنترنت لـ 5 أيام
ولئن استبشر المعنيّون بالأمر، من مترشّحين اقترب عددهم هذا العام من 700 ألف مترشّح، وأوليائهم وعائلاتهم؛ فقد استقبله قطاع واسع من الجزائريّين بالسّخريّة والإشارة إلى أنه إجراء سياسيّ يهدف به النّظام إلى استرضاء شريحة واسعة من الشّعب، قبيل الاستفتاء على التّعديل الدّستوريّ يوم الفاتح نوفمبر الدّاخل.
يتساءل الجامعيّ إلياس لهري: "هل هناك مساعدة لمترشّحي هذا الموسم أكثر من كونهم حصلوا على عدّة شهور إضافيّة لحفظ الدّروس ومراجعتها؛ بالمقارنة مع مترشّحي المواسم السّابقة؟ فقد توقفوا عن الدّراسة منذ الشّهر الثّالث وأجروا الامتحان في الشّهر التّاسع. ثمّ إنهم لم يُمتحنوا إلا في ثلثي الدّروس المقرّرة، أي تلك التّي تناولوها مباشرةً في الأقسام".
من هنا؛ يرى محدّث "الترا جزائر" أنّ الإجراء يتعدّى نيّة الحكومة في مساعدة التّلاميذ المترشّحين إلى نيّة مساعدة نفسها بالحصول على رضاهم ورضا عائلتتهم في ظرف سياسيّ واجتماعيّ حسّاس"تريد فيه أن تستكمل شرعيتها النّاقصة بإجراءات تبدو ذات قبول شعبيّ، منها تخفيض معدّل الحصول على أكثر الشّهادات إثارةً لشغف الجزائريّين".
في السّياق، يقول الكاتب والمعماري يوسف بوذن إن الإجراء الحكوميّ يدخل في ما أسماه "احتقار المعرفة"؛ "فهو سيؤدّي إلى تمييع شهادة البكالوريا والمشهد الجامعيّ عمومًا؛ كما يكرّس كون النّجاح ليس ثمرة للجهد والاجتهاد بل هو منحة جاهزة". يضيف: "يكفي أن نلقي نظرةً على تفاعل الجزائريّين في مواقع التّواصل الاجتماعيّ لندرك أنّ التّمييع الشّعبيّ بدأ من الآن".
وكتبت الأكاديميّة مينة مرّاح أنّ الجزائر انتقلت من شعار "تروحو قاع" إلى شعار "تربحو قاع". "البكالوريا بتسع نقاط من عشرين. قرار سيفرح به الكثيرون ممّن كانوا دائمًا يشجّعون الرّداءة وينتجونها ويعيدون رسكلتها كلّما تطلّبت ظروفهم ذلك. ومن هؤلاء من كانوا حانقين على الحراك والحراكيّين، لأنّه بالنّسبة لهم يعني توقيف هذه العجلة المعطوبة التّي كانت تنتج أناسًا معطوبين ومشوّهين". تضيف: "بكالوريا مكورنة مثلما هي أيّامنا تمامًا".
وكتب النّاشط محمّد جاب الله ساخرًا: "سيكتبون لمن تحصّل على البكالوريا بتسع نقاط في خانة الملاحظات: غاضنا". أي أثار شفقتنا. وطالب المذيع مالك حرز الله بأن يُسمح للحاصل على 18 نقطةً بالتّسجيل في جامعتين؛ ماداموا سمحوا للحاصل على نصفها بالصّعود إلى الجامعة.
وفي الوقت الذّي كتب فيه الكاتب مراد غزال أنّ الحكومة كانت قادرةً على أن تعمل على إنجاح الجميع من غير أن تخبر المواطنين، حتى لا تميّع البكالوريا، كتب النّاشط الثقافيّ عبد القادر مصطفاوي: "أريد أن أسمع الزغاريد في كلّ بيت. دعوا الناس يفرحون".
تخفيض معدل النجاح وضع الحكومة في صورة سعيها لشراء السّلم الاجتماعيّ على حساب المعايير المعرفيّة
يبدو أنّ الإطراء الذّي نالته حكومة عبد العزيز جرّاد بسبب نجاحها في تنظيم شهادة الباكالوريا باختلالات ونقائص قليلة؛ بالرّغم من الظّرف الصّحيّ الصّعب؛ قد فقدته بقرار تخفيض معدّل الحصول على شهادة البكالوريا التّي تؤهّل الفائز بها للالتحاق بالجامعة؛ لأنّه وضعها في صورة الحكومة التّي تعمل على شراء السّلم الاجتماعيّ على حساب المعايير المعرفيّة والعلميّة، تمامًا كما كانت تفعل حكومات ما قبل الحراك الشّعبيّ.
اقرأ/ي أيضًا:
انقطاع الإنترنت في الجزائر.. مصداقية البكالوريا تضرب الاقتصاد
جراد: متفائل بنجاح شهادة البكالوريا وهذا موعد الدخول المدرسي