03-أغسطس-2023
دفتيريا

(الصورة: Getty)

أثار إعلان وزارة الصحة تسجيل حالات مؤكدة لإصابات بمرض الدفتيريا المعروف بـ"الخُناق" اهتمام الجزائريين بهذا الموضوع، بالنظر إلى أنه يصنّف ضمن الأمراض المعدية، فما هي الخطورة التي قد يشكلها هذا الداء، وما هي أدوات الوقاية منه؟

البروفيسور جنوحات: مرض الدفتيريا خطير في الغالب على الفئات التي يقلُّ عمرها عن 15 سنة

وأدى هذا الاهتمام، لأن يصبح مرض الدفتيريا ضمن المواضيع الأكثر اهتمامًا وبحثًا على الإنترنيت من قبل الجزائريين في الساعات الماضية.

إجراءات عاجلة

أعلنت وزارة الصحة الأربعاء ظهور حالات الخُناق (الدفتيريا) في ولايات الجنوب، وبالخصوص في المناطق الحدودية مع دول الساحل، مشيرة إلى "اتخاذ كافة الإجراءات بشكل عاجل من طرف السلطات الصحية المحلية من أجل تفادي انتشار المرض".

وأكدت "التكفل بجميع الحالات على مستوى الهياكل الصحية على أمثل وجه، وإنشاء خلية أزمة لمتابعة الوضعية الوبائية و تعزيز المراقبة، وإجراء تحقيقات حول الحالات، وتوفير جميع الوسائل (أدوية، مصل مضاد للدفتيريا، لقاح، أدوات أخذ العينات، و غيرها) لفرق العلاج  أو التلقيح، مع القيام بحملات توعية و تلقيح واسعة تستهدف الأحياء الأكثر تضررا بالإضافة إلى تلقيح الأشخاص ذي الصلة".

وجاء في بيان لوزارة الصحة أنه "تم تسجيل 80 حالة، من بينها 16 حالة مؤكدة"، مبينة أن "أغلبية الحالات المسجلة تعود لرعايا أجانب من دول مجاورة غير ملقحين، يعيشون بضواحي مدينة تمنراست، وقد شملت حملة التلقيح أكثر من 10100 شخص".

وطمأنت وزارة الصحة بأن "الوضع بات مستقرا في الوقت الحالي، حيث لم يتم تسجيل أي حالة منذ عدة أيام، لكن اليقظة تبقى مطلوبة".

وأفاد الدكتور عرقوبي الذي يعمل بإحدى العيادات بتمنراست لـ"الترا جزائر" أنه لم تُسجل أي حالة على مستوى العيادة التي يعمل بها، ما يعني أن الإصابات سجلت على مستوى عيادات مُحددة.

مرض قديم

أوضح رئيس الجمعية الجزائرية لعلم المناعة، البروفيسور كمال جنوحات، أن "الدفتيريا" ليس مرضًا جديدًا، كما أن الوقاية منه عبر اللقاح تعود إلى القرن الـ19، وهو يتسبب في ضيق في التنفس وحالة من الاختناق، لذلك يطلق عليه أيضا اسم "الخنّاق"، مبينًا أن "المرض في بدايته الأولى يشبه إلى حد بعيد مرض انتفاخ اللوزتين."

وأشار إلى أن السبب الوحيد للمرض هي العدوى المنتقلة من شخص آخر مصاب بالمرض، وبالخصوص من الرذاذ القادم من لعابه.

وحسب موقف منظمة الصحة العالمية، فـ"الدفتيريا عدوى تسببها بكتيريا الخُنَّاق الوتدية، وعادةً ما تبدأ علامات الدفتيريا وأعراضها بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرّض للبكتيريا المسببة لها وتتراوح حدتهما بين خفيفة ووخيمة. وغالباً ما تظهر الأعراض تدريجياً وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمى. وفي الحالات الوخيمة، تُنتج هذه البكتيريا سُمّاً (ذِيفاناً) يُحدث لَطْخة سميكة رمادية أو بيضاء اللون في مؤخرة الحلق. ويمكن لهذه اللطخة أن تسدّ مجرى الهواء فيصعب التنفس أو البلع، كما يمكن أن تسبب سُعالاً نُباحياً. وقد يتورّم العُنق لأسباب منها تضخّم العقد اللمفية".

ويعتمد التشخيص السريري للدفتيريا عادةً على وجود غشاء مائل إلى اللون الرمادي يغطي الحلق. ومع أنه يوصى بتحرّي الحالات المشتبه فيها مختبرياً لتأكيد وقوع الإصابة، إلا أنه ينبغي البدء فوراً في علاجها.

وتعالَج عدوى الدفتيريا بإعطاء المريض مضادًا لـ"ذيفان الدفتيريا" عن طريق الوريد أو بحُقنة عضلية. ويُعطى أيضاً مضادات حيوية للقضاء على البكتيريا وإنتاجها للذيفان ومنع سريان العدوى إلى الغير.

حذر دون قلق

وأشار جنوحات إلى أن الحالات المسجلة بتمنراست لا تستدعي القلق، بالنظر إلى أن الجزائر تتوفر على الإمكانات البشرية والمادية اللازمة لمواجهة هذا الداء، بما في ذلك المصل الذي يقدم للحالات المشتبه في إصابتها.

وبيّن جنوحات أن المرض يكون في الغالب خطيرًا على الفئات التي يقل عمرها عن 15 سنة، وهي المعنية بالتطعيم ضده، إذ يدخل ضمن الرزنامة الإجبارية لللقاحات التي يجب أن يطعم الأطفال بها في الجزائر، إضافة إلى دخولها ضمن اللقاحات التي تقدم في المؤسسات التربوية.

وأشار إلى أنه في الغالب يستمر مفعول اللقاح لعشر سنوات، مضيفا أنه "في الغالب بعد 20 سنة لا يستدعي التطعيم ضد الدفتيريا لأن تأثيره على الفئات العمرية غير خطير أو موجود، بما أن أغلب المواطنين كانوا قد أخذوا اللقاح، واكتسب المجتمع المناعة الجماعية."

وأكد جنوحات أن "الجزائر لم تعرف هذا المرض منذ 8 إلى 10 سنوات، وتصنف من قبل منظمة الصحة العالمية ضمن الدول الأكثر حزمًا في عملية التطعيم ضد هذا المرض، بالنظر إلى أن نسبة التلقيح وصلت حتى 95 بالمئة من مجموع السكان."

رئيس الجمعية الجزائرية لعلم المناعة: ظهور عقلية عدم تطعيم الأطفال مؤخرًا تشكّل خطرًا على الصحة العمومية

لكن جنوحات ينبه إلى أن "هذه النسبة تراجعت في السنوات الأخيرة مع ظهور عقلية جديدة تدعو إلى عدم تطعيم الأطفال، وزاد في انتشار هذا الفكر غير المبرر حدوث جائحة كورونا، الأمر الذي خفّض نسبة التلقيح والمناعة الجماعية إلى 70 بالمئة"، مستغربا في الوقت ذاته سهولة انتشار هذه الأفكار التي لم يتم تصديقها حتى في السنوات الماضية لما كانت نسبة الأمية في الجزائر مرتفعة.

وختم البروفيسور جنوحات بالقول إنه "على الجزائريين عدم القلق، لكن عليهم في الوقت ذاته الحذر من هذا الداء، كون الدفتيريا قد يؤدي إلى الموت في حال حدوث مضاعفات للمريض إن لم يكن هناك تدخل للأطباء وعدم حصول على اللقاح"، مؤكدا من جديد أن "الوقاية تبقى أهم تصدي لهذا الداء الذي استطاعت الجزائر التغلب عليه منذ سنوات."