03-أكتوبر-2021

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (Getty)

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سخطًا شعبيًا ورسميًا في الجزائر، ورافقت ردودَ الفعل الجزائرية القادمة من قصر المرادية، ردودُ فعل شعبية موازرية؛ قابلت تصريحات ساكن الإليزيه بالسخرية تارةً وبالتنديد والاستنكار تارات أخرى.

حفيظ درّاجي مخاطبًا ماكرون: يجب أن تعلم بأن الجزائر كانت أمّة قبل أجدادك، وكانت دولة تقرض لكم الأموال وتدفعون لها الجزية

وأصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل يومين، أحكامًا قويّة على، في لقاء جمعه بأحفاد الحركى الجزائريين (جنود حاربوا ضدّ شعبهم)، وعدد من مزدوجي الجنسية.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تردّ على ماكرون: جرائم فرنسا إبادة جماعية لا يمكن إخفاؤها

وقال ماكرون إن ما أسماه "كراهية فرنسا" لم تنبثق من المجتمع الجزائري، الذي لا يحمل أيّة ضغينة تجاه فرنسا في أعماقه ولكن هذا الحقد تولّد مع النظام السياسي العسكري الذي بُني على هذا الريع التذكاري".

كما شكّك ماكرون في وجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، واتهم الرئيس الجزائري بأنّه "عالق في نظام صعب جدًا"، واعتبر أن التاريخ الجزائري "لا يقوم على الحقائق بل على خطاب مبني على كراهية فرنسا".

في هذا السياق قال الإعلامي والمعلّق الرياضي حفيظ درّاجي، في منشور له على موقع فيسبوك مخاطبًا ماكرون "‏يجب أن تعلم بأن العداء يأتي من الشعب الجزائري لفرنسا الاستعمارية (الاستدمارية) التي قتلت ونهبت وأجرمت ولا تزال.. يجب أن تعلم بأن الجزائر كانت أمّة قبل أجدادك، وكانت دولة تقرض لكم الأموال وتدفعون لها الجزية".

واسترد دراجي قائلًا: "أنت الذي تدعي الثقافة ومعرفة تاريخ الحضارات نذكرك بأن تركيا لم تكن موجودة قبل 1924، والجزائر هي التي استنجدت بالدولة العثمانية لمواجهة أجدادك الصليبيين.. تركيا كانت خلافة إسلامية تحت لواء الدولة العثمانية، وفرنسا كانت استعمارية استيطانية مجرمة، قتلت وشردت ونهبت، ومازالت تكن العداء لشعب لن يخضع للمساومة والابتزاز".

من جهته، البروفيسور بوعزة بوضرسة، في تصريح لوسائل إعلامية، اعتبر أن "ماكرون أراد أن يوظف الصراع السياسي في ذاكرة الأمم وهذا خطأ فادح، وإلا ما علاقة تركيا بالاستعمار الفرنسي في الجزائر".

أما معروف محمد أنور، فوصف خطاب الرئيس الفرنسي بالأكاذيب التي يروّجها أعداء الامبراطورية العثمانية بالقول إنهم أيضًا كانوا مستعمرين للجزائر وهذا غير صحيح، موضحًا "لأن الأتراك مسلمون دافعوا عن الجزائر بعد استنجادهم بالأخوة عروج ضد تهديدات الأسبان.. ثلاثة قرون الجزائر لم تتعرض لغزو صليبي.. وماحدث في تلمسان أو تقرت لا يخرج عن نطاق تأديب المارقين والناكثين والقوادين.. ولا أحد طلب من الفرنسيس أن يأتي للجزائر.. دخولكم للجزائر كان انتقاميًا ومدمرًا للحضارة العربية والإسلامية في المغرب الأوسط".

 

في هذا السياق، يذهب الصحافي أسامة وحيد أنّ "السلطة السياسية التي وصفت ماكرون بذوي النوايا الطيبة، لا يمكنها أن تحرك الضغائن ضد فرنسا، ولكنها دماء الملايين من الشهداء الأبرار بالإضافة لتاريخ من جماجم الرجال التي لا زالت في متاحف باريس".

وعلّق وحيد ساخرًا: بصفتي وشخصي البسيط، كمواطن جزائري من أربعين مليون نسمة، إن ضغينتي ضدّ فرنسا استعمارًا ونطفًا وثقافة ولغة وامتدادًا، جينات ولدت معي وفي، وهي ليست بحاجة لأيّة سلطة تحركها لتتجلى موقفًا ثابتًا لا يتغير بتغير الأهواء والحكومات والحاكمين".

أسامة وحيد: ضغينتي ضدّ فرنسا ليست بحاجة لأيّة سلطة تحركها لتتجلى موقفًا ثابتًا لا يتغير

يستطرد الصحافي على صفحته بموقع فيسبوك "يتعلق بعقيدة راسخة ومن أباد أجداده ملايينًا من أجدادي، لا يتوقع مني ان أنسى أو أتجاوز أو أغفر وافتح معه علاقات ود وكأنه لا شيء حدث".

يجمع متابعون أن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تأتي بعد محاولات حثيثة من فرنسا للتعاون مع الجزائر حول كتابة تاريخ مشترك بالاعتماد على باحثين جزائريين وفرنسيين، يبدو أنها وصلت إلى طريق مسدود، حيث يعتبرون أن ما صرّح به ماكرون، جاء للضغط على الجزائر للتخلي عن فكرة مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائم الحرب والإبادة التي ارتكبتها في الجزائر، خاصّة بعد محاولته التشكيك في الأمة الجزائرية ووحدة ترابها، وتبريراته المتكرّرة بأن فرنسا ليست المستعمر الوحيد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

عاصفة دبلوماسية وشيكة بين الجزائر وباريس

ماكرون: النظام الجزائري أنهكه الحراك الشعبي