03-نوفمبر-2023
نورين

(تركيب: الترا جزائر)

يخُوض الرياضيون الجزائريون في مختلف التخصصات خلال العامين الجاري والداخل التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، والتي يُنتظر ألّا تكون موعدًا رياضيًا فقط، وإنّما سياسيًا أيضًا، لإعلان الجماهير والعدائين واللاعبين موقفهم من العدوان الإسرائيلي تُجاه فلسطين، وبالخصوص لمّا يتعلق الأمر بمواجهة ممثلين للكيان الصهيوني.

مصارع الجيدو فتحي نورين لـ"الترا جزائر": أنا مقتنع بما قُمت وصرّحت به تضامنًا مع فلسطين والأيام أظهرت صواب موقفي

ورغم أن تصعيد الاحتلال ضدّ الفلسطينيين العُزّل لم يكن في المواعيد الرياضية السابقة بمستوى الإجرام ذاته، الذي يطبقه هذه الأيام، إلّا أنّ رياضيين جزائريين عبّروا في أكثر من مرة عن رفضهم للتطبيع مع الصهاينة، فمن هم أبرز من نجحوا في هذا الامتحان الذي سيكون أيّ مترشح له هذا العام مطالب بالسير فقط على خطى من سبقوه وتكريس مقاطعة التطبيع الرياضي مهما كان الثمن لأن الأمر يتعلق بقضية الجزائريين والمسلمين الأولى.

بانر

إقصاء

من المؤكد أن الرياضيين الجزائريين الذين يُحضِّرون اليوم لأولمبياد باريس، وبالخصوص في رياضة الجيدو يستذكرون زميلهم فتحي نورين، الذي تعرّض لعقوبة الإقصاء لمدة 10 سنوات من قبل اللجنة الأولمبية الدولية لرفضه مواجهة مصارعٍ من الكيان الصهيوني في أولمبياد طوكيو 2020، والتصريحات التي أدلى بها بشأن موقفه، بحيث لم يتسبّب كسابقيه بالمرض عند المواجهة فقط مثلما كان يقوم معظم الرياضيين الجزائريين والمسلمين عندما يجدون أنفسهم في موقف كهذا.

وأدى الإقصاء الذي تعرض إليه نورين إلى إعلانه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 اعتزال اللعب الدولي للجيدو، إلّا أنه ما زال يمارس هذه الرياضة رغم تخليه عن المنافسات، وفق ما قاله في تصريح لـ"الترا جزائر".

وأضاف نورين: "الحمد لله أخذت موقفًا مع القضية الفلسطينية، لقد كنت دائمًا مقتنعًا بما قُمت وصرّحت به، والأيام أظهرت صواب موقفي، فالحرب في غزة التي تُغلّط فيها الحقائق بيّنت أن الاتحاد الأوروبي مثلًا يُغيّر المواثيق لتغيير الحقائق، فأنا أردت بموقفي تقديم رسالة لفهم القضية الفلسطينية أكثر عالميًا ولإسماع صوت المظلومين بالأرض المقدسة."

وأكد نورين لـ"الترا جزائر" أنه لم يندم مطلقًا على موقفه الشجاع، بل "بالعكس كُلّما تمر الأيام اعتز بموقفي وأرى حكمة الله ظاهرة في القرار الذي اتخذته، كلما تحدث أحداث في غزة يعود لي شعور الافتخار بما قمت به، آملًا أن يقتدي الشباب بهذا السلوك، لأنّ الرياضة رسالة ولا بُدّ من جعلها وسيلة لإيصال صوت الشعب الفلسطيني المقهور على كل المستويات، ومنها المجال الإعلامي".

وكان نورين قد صرح عند تأكيد عقوبته أنّه "قرّرت اعتزال اللعبة بعد رفض الطعن المقدم، وبقاء عقوبتي لمدة 10 سنوات كما هي".

وأضاف: "أعلم أنّ الاتحادات الدولية دائمًا ما تتواطأ مع الإرهاب الصهيوني بخاصة الاتحاد الدولي للجودو، ولعلّ خير دليل هو بقاء عقوبتي كما هي حتى بعد التقدم بالطعن".

وأوضح "الآن أنا في مدينتي، واتجهت إلى التدريب وأشرف على تدريب نادٍ رياضي في الجزائر، وإن شاء الله، أقدّم ما لدي من خبرات للأجيال الصاعدة"، مؤكدا أنه "غير نادم، بالعكس أنا أفتخر بهذا وبهذه العقوبة، وسأستغل أي فرصة تأتيني لكشف الحقائق عن الكيان الصهيوني والدفاع عن القضية الفلسطينية بأي طريقة كانت..، بإذن الله".

ومع اشتداد التصعيد الصهيوني ضدّ الفلسطينيين هذه الأيام، كتب نورين في منشور على حسابه على فيسبوك "نحن نعاقب أو نموت على موقفنا لنجعل قضيتنا تحيا وترفع بالأجيال القادمة والصاعدة، فالموت موت الضمير والعقيدة والمبدأ كما قال المجاهدون ضد الاستعمار، نموت وتحيا الجزائر"، مرفقًا هذا المنشور بصور ومقتطفات من تصريحات سابقة له تعبر عن دعمه للقضية الفلسطينية.

ولم يُكن موقف نورين الأوّل على مستوى رياضة الجودو الجزائرية، فقبله قام مصارعون آخرون بالامتناع عن مواجهة رياضيين صهاينة في المنافسات الرياضية، ففي عام 1991، رفض المصارع مزيان دحماني، المشاركة في بطولة العالم للجودو المقامة في برشلونة، بعدما أوقعته القرعة أمام رياضي إسرائيلي، وقام المصارع ذاته بالموقف نفسه في دورة الألعاب الأولمبية المقامة في إسبانيا عام 1992، لما أوقعته القرعة في مواجهة صهيوني.

وفي عام 2003، رفض المصارع الجزائري عمر رباحي هو الآخر بمواجهة صهيوني لما وقع أمامه في قرعة بطولة العالم.

وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2011، انسحبت المصارعة مريم بن موسى من بطولة العالم، التي أقيمت في العاصمة الإيطالية روما، بعد أن أوقعتها القرعة مع الإسرائيلية شاهار ليفي تحت وزن 52 كيلوغراما.

بانر

رياضات أخرى

لا يُعدّ الجودو الرياضة الوحيدة التي عبّر فيها اللاعبون والمصارعون الجزائريين عن رفضهم لأي تطبيع رياضي رغم أهمية المنافسة في مشوارهم سواء على المستوى الشخصي أو بالمنتخب.

في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، رفض المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم الخاصة بالصم وثقيلي السمع مواجهة الفريق الصهيوني، ضمن منافسات بطولة العالم لكرة القدم الخاصة بالصم وثقيلي السمع المقامة في سويسرا، حيث غاب "الخضر" عن المباراة التي كانت مُقرّرة وقتها.

وقبل ذلك، وفي بطولة العالم للتايكوندو في أيار/ماي 2011 التي أُقميت وقتها بمدينة غونغو الكورية الجنوبية، رفض المصارع الجزائري زكريا شنوف (18 عامًا)، منازلة  مصارع صهيوني، في وزن أقل من 63 كيلوغراما، وفضّل الخروج من الدور الأول للبطولة.

وبدوره، فضّل المنتخب الوطني النسوي الجزائري لكرة الجرس الانسحاب من دورة الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة  في 2016 بريو دي جانيرو البرازيلية بعدما أوقعته القرعة في مواجهة الصهاينة.

وعام 2018، انسحبت لاعبة الشطرنج الجزائرية صبرينة لطرش من البطولة العالمية للشطرنج التي جرت في جورجيا، بعد أن أوقعتها القرعة مع صهيونية في الجولة الخامسة من المنافسات.

وهذه عينة من مواقف لرياضيين جزائريين تمسكوا بالموقف السياسي للبلاد الرافض لأيّ تطبيع مع الكيان الصهيوني، وذلك بالرغم من عدم وجود قرارٍ جزائريٍ مكتوب يأمر الرياضيين بمقاطعة أي منافسة تكون فيها المواجهة مع ممثل عن الكيان المحتل.

ضغوطات

يلتزم الرياضيون الجزائريون باتخاذ هذا الموقف (المقاطعة) رغم الضغوط والقوانين الدولية المُنحازة للاحتلال الصهيوني تحت حجة "عدم معاداة السامية"، وهو ما يعرّضهم أحيانًا لعقوبات قاسية مثلما حدث لفتحي نورين كما ذكرنا آنفا، أو كما حدث منذ أيام للاعب المنتخب الجزائري لكرة القدم يوسف عطال، الذي عاقبه الاتحاد الفرنسي بعدم اللعب لسبع مباريات مع ناديه نيس، بسبب صور وفيديوهات نشرها على حسابه في إنستغرام تدعم المقاومة الفلسطينية ضدّ الاحتلال.

والعام الماضي، أفادت تقارير إعلامية أن الدولي الجزائري أحمد توبة رفض السفر مع ناديه السابق، باشاك شهير التركي، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لمواجهة نادي مكابي نتانيا الصهيوني، كما لم يشارك في اللقاء الذي جرى بتركيا، وذلك من باب التضامن مع فلسطين، رغم تأثير ذلك على مساره الكروي وهو الذي لم يكن دائم اللعب مع ناديه.

ومهما كانت المشاكل التي كان يواجهها اللاعبون الجزائريون في المنافسات الرياضية بأوروبا أو عالميًا في السنوات الماضية، فإنها ستكون أقل مما ينتظرهم بعد أن قررت النوادي الأوروبية توسيع ضغوطاتها حتى الحجر على أراء اللاعبين الرافضين للاحتلال الصهيوني، وهو الاختبار الذي ستكون المنافسات الرياضية المقبلة موعدًا له، وفي مقدمتها الألعاب الأولمبية المقبلة بباريس عام 2024.