16-أكتوبر-2023
عطال

(تركيب: الترا جزائر)

صنَع لاعب المنتخب الوطني، يوسف عطال، في الساعات الماضية الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مواقفه من العدوان الصهيوني على غزة، الذي جعله محلّ تهديد بالطرد من "نيس" الفرنسية مدينة النادي الذي يلعب له.

الصحفي الرياضي ياسين بلمنور: يوسف عطال واجه هجومًا وشتمًا من بَنِي جِلدته دون أيّ تضامن من اتحاد كرة القدم

واضطرّت تهديدات رئيس بلدية "نيس"، لاعب "الخضر" إلى تقديم توضيحًا رآه البعض تراجعًا عن موقف يتبناه جميع الجزائريين، فيما تفهّم آخرون الضغوط التي يواجهها اللاعبون العرب والمسلمون في النوادي الأوروبية، وبالخصوص الفرنسية التي تبنّت موقفًا شديد الانحياز للكيان المحتل.

وشكلت القضية الفلسطينية على الدوام جزءًا من اهتمامات الجمهور الرياضي الجزائري، الذي تفاعل في كلّ مرّة مع ما يحدث بأولى القبلتين، وذلك بتبنيه نهج المقاومة، لذلك شكل الوضع الذي وقع فيه لاعب نادي نيس الفرنسي اهتمام الجزائريين على مواقع التواصل.

بانر

دعم

عبّر يوسف عطال في المباراة الودية الأخيرة، التي جمعت المنتخب الجزائري بنظيره من الرأس الأخضر عن دعم المقاومة الفلسطينية بارتداءِ وشاحٍ يحمل علَمَيْ واسمي فلسطين والجزائر رفقة زملائه في "الخضر"، وهو الموقف الذي لقي تجاوبًا كبيرًا من قِبل الجزائريين، وأيضًا من قِبل المتابعين العرب من إعلاميين وجماهير.

ونشر يوسف عطال على خاصية "ستوري" في حسابه الرسمي على موقع "إنستغرام" صورة وهو يرتدي العلم الفلسطيني، معلقًا تحتها "فلسطين حرة".

كما نشر الظهير الأيمن للمنتخب الوطني مقطع فيديو للإمام الفلسطيني محمود حسنات وهو يتلو دعاءً لينصر الله الفلسطينيين ضدّ الإسرائيليين، وهو الفيديو الذي لقي دعمًا من الجماهير الجزائرية، لكنّه لقي انتقادًا من قبل بعض الجماهير الفرنسية المتعصّبة الداعمة للاحتلال الصهيوني، وفي مقدمتهم كريستيان إستروسي عمدة مدينة نيس.

وكتب إستروسي على موقع "إكس" (تويتر سابقًا) تعليقًا على منشورات مدافع المنتخب الجزائري: "أنتظر من يوسف عطال إذا سمح لنفسه بأن يتم استغلاله أن يعتذر ويدين حركة حماس.. إذا لم يفعل ذلك لن يكون له مكان في نادينا".

رئيس بلدية نيس الفرنسية هدّد لاعب "الخضر" بالطرد من نادي المدينة في حال عدم توضحيه لمنشوراته الداعمة لفلسطين

ولقي يوسف عطال تعاطفًا واسعًا عقب تصريحات عمدة باريس، حيث تصدر وسم " #كلنا_يوسف_عطال قائمة المواضيع الأكثر تداولًا على تويتر في الجزائر.

وكتب عمرو قائلا: "فخر العرب يوسف عطال يتم تهديده من قبل عمدة مدينة نيس بالاستبعاد من فريق نيس والسبب؟ إن يوسف قرر دعم فلسطين عبر حسابه عبر إنستغرام وتجاهل اليهود، كلنا في صف أخونا العربي المسلم حتى آخر لحظة وسندعمه بسبب موقفه المشرف".

وقال يوسف التميمي "يوسف عطال مهدّدٌ بالاستبعاد من فريقه نيس بسبب وقوفه مع الشعب الفلسطيني ودعمه لهم في حساباته ..! أين الحرية التي يتحدث عنها الغرب؟" .

وأضاف: "الواجب علينا كمسلمين الوقوف معه ودعمه على هذا الموقف المشرف، شكرًا يوسف عطال على شجاعتك".

توضيح؟

دفعت الضجة التي أحدثتها منشورات يوسف عطال في المنتخب الوطني إلى تقديمه توضيحًا على حسابه في إنستغرام، يشرح فيها وجهة نظره.

وقال لاعب نادي نيس في منشوره: "أنا واعٍ أن منشوري قد صدم الكثير من الأشخاص وهو ما لم يكن قصدي وأعتذر عن ذلك".

وأضاف يوسف عطال: "أوضح موقفي دون أي لُبس، أُدِين بشدّة كل أشكال العنف، أينما كانت في العالم وأدعم كل الضحايا"، مبينًا أنه لن يساند أبدًا أي "رسالة كراهية، لأن السِلم قيمة عُليا أؤمن بها بقوة".

واتس

ورغم أن  منشور عطال لم يتضمن أي خطاب صريح بتراجعه عن دعم فلسطين ومقاومتها، إلّا أنّ ما تضمّنه من كلمات تتعلق بالاعتذار جعلت كثيرين يوجهون له انتقادات لاذعة.

وجاء في منشور للصحفي عبد الرحمان بعاليا "بخصوص يوسف عطال، عقده مع نيس ينتهي هذه الصائفة، والنادي أبلغه أنه لن يجدد له، كان عليه أن يربح نفسه، بلده والأمة المسلمة، لأن تنفيذ تهديدات عُمدة المدينة بطرده لن يُغيّر الشيء الكثير، لكنه سيظفر بما هو أغنى، مساندة قضية دينية وعقيدة بالنسبة لنا كجزائريين، ومسيرته لن تتوقف في جنوب فرنسا".

وذكر بلعاليا أن "محرز رفع العلم الفلسطيني في ملاعب إنجلترا، الدولة الداعمة الأولى للكيان ومن تشد أزره منذ القِدم، غير آبه بالتداعيات، وتأثير مساندته كبير جداً إلى اليوم، وعلى النقيض لكم في ما يحدث لصلاح عِبرة".

تفهّم

لم يسر الجميع في خط جلد عطال بعد توضيحه الذي حمل عبارات اعتذار، وتفهموا موقفه، وأعطوا تبريرات منها العقوبة التي يمكن أن يتعرض لها من قبل اتحاد الكرة الفرنسي، وحتى من السلطة القضائية الفرنسية.

ونقلت صحف فرنسية أن الاتحاد الفرنسي دخل على الخط  بشأن منشورات يوسف عطال، حيث جاء في بيان له إن "دعوات العنف"، التي صدرت عن لاعب نيس "تتعارض مع أخلاقيات أنديتنا الرياضة"، مصنفًا ذلك ضمن "خطاب الكراهية"، ومشيرًا إلى أن مجلس الأخلاقيات الوطني للاتحاد الفرنسي لكرة القدم قد درس هذه القضية.

وقال الصحفي بقنوات "بي إن سبورتس" ياسين بلمنور إن "الرُجْلَة (الرُجولة) صعبة لكن ليس على عطال"، في رد على اعتبروا منشور عطال الأخير أنه عدم رُجولة لأنه لم يثبت – حسبهم- على موقفه الأول.

وأضاف بلمنور أن "يوسف عطال يواجه هجومًا ونقدًا وشتمًا من بَنِي جِلدته دون حتى الإلمام بالقضية! ولا حتى التضامن من اتحاد كرة القدم الذي أعلن استضافته لمباريات فلسطين القادمة"، مشيرا إلى أنه  "كان واجبًا بالنسبة للعامة ومن المهنية بالنسبة لنا كصحفيين قبل مهاجمة عطال معرفة القضية والإحاطة بجوانبها وهذا أقل شيء حتى نكون منصفين".

وختم بلمنور منشوره بالقول إن "السؤال الذي يطرح الآن لماذا لم تقف الفاف مع لاعبها وهو الذي كتب ونشر خلال تواجده مع بعثة المنتخب الوطني، ويمكن للفاف حتى نشر بيان بشكل ضمني دون الخوض في الحيثيات تعبر عن وقوفها لجانب كل لاعبيها وحمايتهم، فلا يمكن ترك عطال يصارع كل هؤلاء السياسيين والمحامين لوحده وهو في حاجة للجميع في هذا الظرف".

أما "المؤثر" فاروق بوجملين المعروف باسم "ريفكا" فدافع عن عطال بالقول إنّ "يوسف ليس المسؤول عمّا كتب في "ستوري" بل وكيلُ أعماله هو من يتحكم في ذلك".

ويرى الصحفي وحيد بوسيوف أن "عطال لم يعتذر عن دعمه للشعب الفلسطيني بل للفيديو الذي أعاد نشره في ستوري حسابه "إنستغرام"، واتهم بمُعاداة السامية".

ومهما اختلفت الآراء بشأن منشورات يوسف عطال، فإنّ الجميع يتفّقُ على أنّ دعم القضية الفلسطينية والمقاومة خيارٌ شعبيٌ ورسميٌ في الجزائر، وهو ما كان وراء اختيار الاتحاد الفلسطيني الجزائر لاحتضان مبارياتها المقبلة الخاصة بتصفيات كأسي آسيا والعالم.