16-فبراير-2024
 (الصورة: Getty)

(الصورة: Getty)

يتهافت رجال الأعمال بشكل غير مسبوق على العقارات المعروضة على المنصة الرقمية للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، منذ تاريخ الخميس 8 شباط/فيفري 2024، مسجّلين أزيد من مليون ولوج للمنصة في ظرف أسبوع واحد، مع آلاف عمليات تأكيد التسجيلات.

تقترح الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار أمام المتعاملين الاقتصاديين أزيد من 900 عقار في مناطق مختلفة من الوطن.

وتقترح الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار أمام المتعاملين الاقتصاديين أزيد من 900 عقار بمناطق مختلفة من الوطن، سيتم رفعها تلقائيًا وبشكل تدريجي خلال المرحلة المقبلة، حسب مسؤولي الوكالة.

وينتظر رجال الأعمال الجزائريين وحاملو المشاريع الإفراج عن ملف العقار الاقتصادي الموجه للاستثمار منذ أزيد من أربع سنوات حيث كانت عملية منح العقار من قبل من صلاحية "الكالبيراف"، وهي لجنة بين ولاة الجمهورية ومسؤولي وزارة الصناعة وقطاعات أخرى، إلا أنها سجلت فشلا ذريعا في توزيع العقار بطريقة عادلة وشفافة، حيث تتواجد نتيجة لذلك آلاف القضايا الخاصة بالعقار على طاولة المحاكم.

كما تمت إحالة ملف العقار في وقت سابق لولاة الجمهورية الذين فشلوا هم أيضا في تسيير الملف بطريقة شفافة ومعقولة، الأمر الذي اضطر الحكومة لإعادة معالجة الملف بشكل كامل، من خلال استحداث نصوص قانونية جديدة لتسيير كيفيات وطرق منح وتوزيع العقار وإحالة العملية إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي أصبح لها اليوم صلاحيات كاملة في ذلك، فهل ستنجح هذه الأخيرة في تخليص الحكومة من صداع إسمه العقار الاقتصادي؟

هذه المناطق الأكثر طلبا للعقار

ويشدد عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني هشام صفر على ضرورة أن تراعي الدولة جانب التهيئة في العقارات الصناعية قبل منحها للمستثمر وذلك بهدف التعجيل في العملية الاستثمارية وتفادي تضييع الوقت.

ويوضح صفر في إفادة لـ: "التر جزائر" أن توزيع العقارات عبر مناطق مختلفة من الوطن تخضع لعدة معايير أهمها طبيعة النشاط، وكذا وفرة اليد العاملة والقرب من الموانئ وشبكات النقل السريعة، على غرار الطريق السريع شرق غرب وسكك الحديد وغيرها.

وتعد الولايات الشمالية أو بالأحرى المدن الكبرى، أكثر طلبًا للعقارات بالنسبة للناشطين في مجال الخدمات، وذلك بهدف تسهيل بيع وتوزيع منتجاتهم عكس الناشطين في المجال الصناعي، حيث يبحث هؤلاء عن العقارات الموجودة في المناطق الداخلية للابتعاد عن شبهة التسبب في التلوث البيئي، والبحث عن اليد العاملة الأقل تكلفة، إضافة إلى القرب من شبكة الطرقات السريعة كما يبحث هؤلاء في هذه المناطق عن وفرة شبكات الكهرباء والماء والهاتف ومراكز الأمن والحراسة.

أما بالنسبة للمناطق الجنوبية وتكريسا لمبدأ المساواة في التنمية وتوفير مناصب الشغل يحبذ، حسب المتحدث منح العقارات للمستثمرين الراغبين في تصدير منتجاتهم نحو أفريقيا، حيث ستكون هذه المناطق الأقرب إلى هذه الأسواق وأقل تكلفة من غيرها.

الرقمنة

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي كمال ديب، أن التسهيلات التي منحتها الدولة في مجال منح العقار الاقتصادي لاسيما الصناعي الموجه لانجاز مشاريع استثمارية يشكل قيمة مضافة في مناخ الاعمال والاقتصاد الوطني ككل.

وأوضح ديب في إفادة لـ "الترا جزائر"، أن إطلاق المنصة الرقمية للمستثمر سوف تسمح بتكريس أكبر قدر من الشفافية في معالجة طلبات الحصول على العقار الاقتصادي بعيدًا عن القيود والعراقيل البيروقراطية التي تمارسها الإدارة.

وتضع المنصة، يقول ديب، في يد المستثمر آلية أكثر وضوحًا في اختيار العقار  بعيدًا عن المساومات  والضغوطات غير القانونية الممارسة في حقّ المستثمر، اضافة الى عامل الوقت المهم في هذه العملية، حيث  ستساهم المنصة في تقليص مدة الرد على الطلبات عكس ما كان عليه الأمر سابقًا.

كما أن  الإجراءات الجديدة التي أقرتها الدولة في هذا الإطار، ستقضى على الممارسات المظلمة التي طالما أعاقت سير العملية الاقتصادية في البلاد، قائلًا: "العقار الاقتصادي والصناعي على وجه الخصوص يعد من أسس العملية الاستثمارية وتسهيل منحه يساهم في رفع قيمة الانتاج وبالتالي ارتفاع معدلات النمو في البلاد والتقليل من فاتورة الاستيراد".

ويُساهم منح العقار لرجال الاعمال في تخفيف الضغوطات التي تقع على عاتق هؤلاء  خاصة في الحالات التي يكون فيها العقار ملك للأشخاص وليس للدولة، كما يمكن للمستثمر الاستفادة من القروض البنكية برهن العقار لدى البنوك وبالتالي يمكن لهذا الاخير أن يستثمر بكل أريحية دون أية ضغوطات.

وبالمقابل يشدد ديب على ضرورة اتخاذ اجراءات أكثر صارمة لمجابهة كافة أشكال الفساد خاصّة وأن  العقار الصناعي طالما كان عرضة للمساومات سواءً بهدف الحصول عليه أو تسويته.

كما يقترح الخبير الاقتصادي تعميم الرقمنة في كل معاملات منح العقار من خلال توضيح الإجراءات والتذكير بالتعليمات الصادرة في هذا الشأن لإضفاء الشفافية والوضوح على هذه المعاملات.

ويرى ديب ضرورة توسيع منح  العقار لكل المستثمرين، دون استثناء أي الابتعاد عن سياسة التفضيل والمحسوبية، مع توسيع منح العقار ليشمل كل مناطق البلاد وعدم التركيز فقط على المناطق الشمالية بل حتى الجنوبية والصحراء الكبرى.

هذه تخوّفات رجال الأعمال

من جانبه، ثمن رئيس النادي الاقتصادي الجزائري سعيد منصور الإجراءات الجديدة التي أقرتها الدولة فيما يتعلق بمنح العقار الاقتصادي الذي يعد حجرة أساس في أيّة عملية استثمارية.

وأوضح منصور، في حديث إلى "الترا جزائر"، أن المستثمرين طالما عانوا من أزمة العقار الصناعي على وجه الخصوص،خاصة خلال الفترة الماضية، حيث كانت عملية منح العقار شبه منعدمة، وإن وجدت تمنح على أساس المحسوبية وأكثر من ذلك تمنح لسماسرة العقار، وعليه فإن المستثمرين اليوم حسب محدثنا، يستبشرون بالقرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية في هذا الإطار خاصة مع تسريع عملية منح العقار عبر المنصة الرقمية الموجهة للمستثمر.

ويأمل رئيس النادي الاقتصادي الجزائري، أن تكون العقارات الممنوحة مهيئة، وتتوفّر على الشروط الضرورية لأية عملية استثمارية على رأسها الطرقات المحيطة بالعقار والتي يجب أن تكون مجهزة، وكذا موصولة بشبكات الكهرباء والماء إضافة قنوات الصرف الصحي.

كما شدّد منصور، على ضرورة أن تكون هذه العقارات بعيدة عن التجمعات السكنية، ففي وقت سابق تسببت بعض العقارات في حدوث أزمة نتيجة وجودها في مناطق آهلة بالسكان إضافة الى انعدام شروط الامن والتسبب في نفس الوقت في التلوث البيئي.

رئيس النادي الاقتصادي الجزائري لـ "الترا جزائر": تسببت بعض العقارات في حدوث أزمة نتيجة وجودها في مناطق آهلة بالسكان

حسب رئيس النادي الاقتصادي، يجب أن تراعى طبيعة النشاط في عملية منح العقار الصناعي، لأن الاستثمار الصناعي يختلف عن قطاع الخدمات الذي يجب أن يكون بالقرب من المدن الكبرى عكس الصناعي الذي يحبذ أن يكون في مناطق الهضاب العليا على سبيل المثال والمناطق الداخلية.