05-فبراير-2020

الرئيس الجزائري استقبل نظيره التونسي لبحث الملفّ الليبي (الأناضول)

ما أن تمّ انتخابه في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، حتّى قال الرّئيس التّونسيّ قيس سعيّد، إنّ أوّل زيارة سيقوم بها إلى الخارج ستكون إلى الجزائر. وبسبب هذه الزّيارة قام الرّئيس عبد المجيد تبّون، الأحد، بتأجيل مجلس الوزراء، في انطباع مشترك، من الرّئيسين، بأهمّية ما يجمع البلدين من علاقات ومصالح وهواجس.

شافع بوعيش: إنّ مبلغ 150 مليون دولار، كان يأخذه السّعيد بوتفليقة كمصروف جيب في صفقات مشبوهة

ظهر تطابق وجهات النّظر إلى مختلف الملفّات، منها الملفّان اللّيبي والفلسطيني، في النّدوة الصّحافيّة التّي نشّطها الرّئيسان حديثًا العهد بالرّئاسة، وفي النّدوة أعلن الرئيس الجزائري عن وديعة جزائريّة مقدّرة بـ 150 مليون دولار أمريكي، توضع في البنك المركزي التّونسي.

اقرأ/ي أيضًا: زيارة قيس سعيد.. عائلات "الحراقة" الجزائريين القابعين في سجون تونس يحتجّون

في البداية، اكتفى فيسبوكيون بتناقل خبر الوديعة، ثمّ راحت تظهر أصوات طفيفة منتقدة لها، من زاوية "أن الجزائريّين أولى بها"، قبل أن تصير الموضوع الغالب على أحاديث الجزائريّين في الوقع والمواقع. وهو ما استدعى تعليقات مضادّة تستهجن استكثار البعض وديعة بمبلغ بسيط، على دولة كانت تاريخيًّا سندًا للجزائر والجزائريّين.

في مدينة العناصر، (200 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة)، دخلتُ صباحًا إلى مقهى شعبيّ، فوقفت على نقاش مفتوح يتناول الوديعة الجزائريّة في البنك التّونسيّ. وقد غلبت عليه نبرة التّحفظ والرّفض. حيث قال شابّ كشف أنّه أخّر زواجه بسبب أنّه لا يملك بيتًا، إنّ أمثاله من المواطنين أولى بالمساعدة. وأضاف آخر: "إنّ الرّسالة التّي أراد الرّئيس إرسالها بهذا الإجراء لرؤساء العالم، هي أن تعالوا لتأخذوا أموالًا منا. حتّى يضمن تنشيط الدّيبلوماسية من جديد، ويحلّ عقدة أنه ليس منتخبًا بشكل كافٍ شعبيًّا".

صاح رجل كهلٌ ظهر أنّه يُدرّس في جامعة المدينة بما أسكت الجميع: "مالكم تتحدّثون في الأمر كما لو أنّ الرّئيس أفرغ البنوك الجزائريّة من أجل التوانسة؟ إن هي إلّا وديعة بسيطة لأجل أن يضمن البنك المركزيّ التونسي قدرته على أن يستدين من الهيئات الماليّة العالميّة. ما معنى أنّنا جيران وإخوة إذا لم نفعل ذلك؟". وأضاف الجامعي الجزائري: "ثمّة أمن قومي علينا أن نصرف عليه. تصوّروا أنّ تونس تجد نفسها مضطرّة إلى الارتماء في أحضان الإمارات والسّعوديّة، فتبيع لهما موقفها من الأزمة في ليبيا. ألا تصبح حدودنا مهدّدة بسبب ذلك؟".

فيسبوكيًّا كتب النّاشط إلياس لهري ساخرًا، أنّه على من يقول إنّ الوديعة تعني إمكانية استرجاعها "أن يضع دراهمه في جيبي". وكتبت الرّوائية فضيلة الفاروق، أنّ ثمّة تغريدة للرّئيس التونسي، لم ينتبه إليها الجزائريّون، وهم يضخّون المال للبنك التّونسي، قال فيها إنّ هناك بعض الرؤساء العرب يبذرون أموال شعوبهم. "مع ملاحظة أن تونس أفضل من الجزائر اقتصاديًّا، بفنادقها وخدماتها ومستشفياتها وصناعاتها التّقليديّة وأمور أخرى أهمّها الاجتهاد والعمل". وأضافت الفاروق: "بصحّة التّوانسة إلى أن يستيقظ الجزائريّون من نومة أهل الكهف".

من جهته قال النّاشط السّياسيّ شافع بوعيش، في تغريدة له إنّ مبلغ 150 مليون دولار، كان يأخذه السّعيد بوتفليقة كمصروف جيب في صفقات مشبوهة، "تحيا تونس الشّقيقة. تحيا الجزائر حرّة مستقلّة ومتضامنة". فيما قال الإعلاميّ عامر بوقطّاية، إنّ المشكلة ليست في وديعة تسترجع لاحقًا، "بل في عدالة مستقلّة وسلطات غير مفصولة، و1500 مليار دولار منهوبة".

وفي محاولة منها لتذكير الجزائريّين بالأفضال التّونسيّة عليهم، خلال ثورة التّحرير، كتبت الرّوائيّة جيجيقة إبراهيمي، أنّ الحكومة الفرنسيّة عرضت على تونس عام 1957، مساعدات ماليّة تقدّر بـ 2 مليار فرنك فرنسي، مقابل أن تترك مساعدة الثّوّار الجزائريّين، لكن تونس فضّلت الحرمان من المساعدات الفرنسيّة على التخلّي عن الثّورة الجزائريّة.

وقد حدثت معركة في بنزرت، تضيف تدوينة جيجيقة إبراهيمي، بين تونسيّين والجيش الفرنسي الذّي أراد اللّحاق بثوّار نوفمبر، الذّين لجئوا إلى التّراب التّونسي، لكن أهل تونس قطعوا الطريق عليه. ثمّ إنّ منطقة ساقية سيدي يوسف التّونسيّة، لم تقصفها فرنسا إلّا بسبب تحوّل تلك المنطقة إلى حاضنة لثوّار الجزائر.

يبدو أنّ الحراك الشّعبي، جعل الجزائريّين ينتبهون إلى كلّ مبلغ تصرفه الحكومة بعد أخطاء الفترة البوتفليقية

يبدو أنّ الحراك الشّعبي، جعل الجزائريّين ينتبهون إلى كلّ مبلغ تصرفه الحكومة، بعد وقوفهم على الخرابات الماليّة التّي ميّزت الفترة البوتفليقيّة، نتيجة السّكوت الشّعبي. وهو المعطى الذّي سيجد الرّئيس تبّون ومحيطه نفسه مطالبًا بأن يضعه في الحسبان مستقبلًا.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد زيارة قيس سعيد.. الجزائر تضخ 150 مليون دولار أميركي في البنك التونسي

تكريم قيس سعيّد لـ جميلة بوحيرد.. ماذا يعني للحراك الجزائري؟