09-أغسطس-2019

ظاهرة اختطاف الأطفال تنامت في السنوات الأخيرة (ستيفانو مونتيسي/Getty)

في السنة الماضة، خرج جزائريون في عدد من المدن التي شهدت جرائم اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال إلى للشارع في مسيرات غاضبة، تطالب بالقصاص وتسليط عقوبة الإعدام في حقّ المتورّطين، مطلب يتجدد هذه المرّة بعد حادثة هزت الشارع الجزائري تتعلق بقتل الطفل ريان بودحماني بمنطقة بوزريعة بأعالي العاصمة الجزائرية.

جارها ضحّى بولدها عشية عيد الأضحى، ولولا صراخ ابنيها الصغيرين لما تفطّنت للجريمة

جريمة ضدّ البراءة

مشاهد لا تُحتمل، تناقلتها وسائل إعلامية لمسرح الجريمة، التي كان ضحيتها الطفل ريان البالغ 12سنة، بعدما تلقّى طعنات قاتلة وتمّ التنكيل بجثّته أمام شقيقه الأصغر البالغ من العمر أربع سنوات، أمّا القاتل فهو جاره ووالد أحد أصدقائه.

اقرأ/ي أيضًا: مقتل الطفل ريان.. عودة الأصوات المطالبة بالقصاص

 سردت والدته لوسائل إعلامية أن" ابنها تم استدراجه من طرف الجاني إلى بيته بالقرب من أحد الوديان المحاذية للحي القصديري بوسجور، وقام بذبحه من الوريد إلى الوريد".

وبحسب تصريحات جيران الضحية أيضًا، فإن الطفل ريان تشاجر مع ابن الجاني البالغ من العمر ثماني سنوات، وهو الأمر الذي أغضب الوالد، فأراد الانتقام منه بتنفيذ فعلته الشنيعة، لكن عملية القتل كانت بشعة جدًا، إذ قتله ثم قطعه بواسطة شاقور بمساعدة زوجته.

تذكر والدة الضحية بأن "جارها ضحّى بولدها عشية عيد الأضحى، ولولا صراخ ابنيها الصغيرين لما تفطّنت للجريمة"، داعية السلطات إلى تسليط أشدّ العقوبات على الجاني، لاستعادة حقها وحق ابنها على حدّ تعبيرها.

على مواقع التواصل الاجتماعي طالب لجزائريون، بتنفيذ عقوبة الإعدام ضدّ القاتل، معتبرين أنّها الطريقة الوحيدة للحدّ من هذه الجرائم، وأنّ عقوبة السجن لا تُعيد الاعتبار لأهالي الضحايا.

جرح لم يلتئم

أعادت قضية الطفل ريان، مسلسل الجرائم ضدّ الأطفال في السنوات القليلة الماضية، هنا، مازالت والدة الطفل أنيس التي فقدت ابنها، بعد تعرّضه للاختطاف والاغتصاب، تتجرّع مرارة المأساة، تقول في حديث إلى "الترا جزائر"، أنّه لا علاج لآلام فراق ابنها، وهو الذي عثر على جثّته في أحد المجاري المائية بولاية ميلة شرقي البلاد قبل سنتين، وأنّ الحادثة أصبحت كابوسًا مزعجًا في حياة والديه وأسرته.

تشترك الأسر الجزائرية المكلومة في أبنائها، في مطلب تطبيق القصاص وتفعيل عقوبة إعدام الجناة، وهو المطلب الذي لا يمكن تطبيقه بعد أن أقدمت الجزائر على تجميد العقوبة منذ العام 1993، هنا، يقول الناشط الحقوقي عبد الحميد بوسبولة لـ" الترا جزائر"، إنّه تجميد عقوبة الإعدام زاد من تفاقم ظاهرة القتل، موضحًا بأن الحالات حتى وإن كانت قليلة العام الحالي مقارنة بالسنوات الماضية، تظل هاجسًا لدى العائلات.

إرهاب ضدّ الطفولة

من جانبه دعا الحقوقي ياسين منصر، إلى إنشاء محاكم خاصة للنظر في قضايا اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال القصرّ، معتبرًا أن المحاكم الخاصّة بإمكانها أن تضع قوانين أخرى لمعاقبة الجناة على حدّ تعبيره.

وذكر المحامي منصر في تصريحه لـ" الترا جزائر" بأنّ النصوص القانونية التي تعاقب مقترفي اختطاف الأطفال  في الجزائر غير كافية، وبحاجة إلى مراجعة وتعديلات بما يتلاءم مع واقع الحالات والظروف والملابسات التي يتعرّض لها الضحايا، واصفًا اختطاف واغتصاب وقتل الضحايا بالفعل الإرهابي ضدّ الأطفال، ويُلفت المتحدّث إلى إمكانية وضع بديل للإعدام يتمثّل في السجن المؤبد الممنوع من التخفيف أو إجراءات العفو.

كما لفت المحامي منصر إلى بعض النقائص الموجودة في بعض مواد المشرّع الجزائري، داعيًا إلى أهميّة "الأخذ بعين الاعتبار تسمية الوقائع المرتبطة بحالات الاختطاف والاغتصاب، بهدف التوصل إلى العقوبات التي وجب تسليطها على الجناة".

أرقام مرعبة

في إحصائيات غير رسمية للسنة الماضية، بلغ عدد الأطفال الذين تعرّضوا للاختطاف والقتل، 120 حالة، من بينها قضايا هزّت العائلات الجزائرية وانتفض لها الشارع الجزائري على سبيل المثال قضية الطفلين هارون وإبراهيم في قسنطينة، وقضية شيماء في العاصمة، وهي القضايا التي دفعت بالسكان إلى الخروج في مسيرات للمطالبة بالإعدام.

من جهتها، دعت الأخصائية الاجتماعية الأستاذة في علم الاجتماع الأسري فريدة بهلول إلى " أهمية التوعية الأسرية بمدى خطورة هذه الظواهر"، مؤكّدة في تصريح إلى "الترا جزائر" أن هناك العديد من الدراسات، توصّلت إلى ضرورة إصدار قانون خاص بالطفل، يكون مقترنًا بحقوق هذه الشريحة والفئة في الوسط الأسري وفي المؤسسّات المدرسية والمحيط أيضًا". 

تعرّج الأستاذة بهلول، إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مخلّفات الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر، وارتباطها بسلوكات الشباب وحتى الكهول قائلة "طفل العشر سنوات الذي شاهد أمام عينيه كيف ذبح والده هو نفسه ذلك الرجل الذي يبلغ اليوم أربعين سنة"، متسائلة عن أسباب التغاضي عن هذه الحقائق ومواجهتها بالحلول وليس بالكتمان على حدّ تعبيرها.

جرائم قتل الأطفال بحاجة إلى صحفيين محترفين ينقلون الحقائق، ويعالجونها بطريقة تراعي القيم الإنسانية

 من الحلول المقترحة للحد من هذه القضايا، ركزت حسينة بوشيخ، المختصّة في الإعلام بجامعة عنابة في حديث إلى "الترا جزائر"، على الجانب التوعوي ودور الإعلام بمختلف أنواعه، خاصّة في مثل هذه القضايا التي تحتاج بحسب قولها إلى صحفيين محترفين ينقلون الحقائق، ويعالجونها من زوايا تراعي القيم الإنسانية، دون انتهاك لخصوصية الأفراد وكرامتهم الإنسانية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نهال.. قصة اختطاف جديدة تخيف الجزائريين

الجزائريون في "حملة فيسبوكية".. نريد مستشفى لسرطان الأطفال