22-أكتوبر-2020

حادثة إهانة المعلمة" أعادت إلى الأذهان سلوكات مرحلة الرئيس السابق (الصورة: البلاد)"

تمّ افتتاح الموسم الدّراسيّ؛ الأربعاء، على مستوى الطّور الابتدائيّ في الجهات الأربع للجزائر، على أن يلتحق الطّوران المتوسِّط والثّانوي مطلع الشّهر القادم. ومن عادة الولّاة أن يختاروا مدارس معيّنة لإعطاء إشارة الانطلاق. وهذا ما فعله والي ولاية وهران مسعود جاري الذّي عُيّن مطلع شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

 حسينة بوشيخ: لماذا يعتقد أغلب الولّاة أنّهم حرس الدّولة وصورتها البهيّة دائمًا؟ 

في ساحة المدرسة، انبرت إحدى المعلّمات للفت انتباه الوالي، بنبرة جريئة وواثقة، إلى جملة المشاكل والنّقائص التّي تعانيها مؤسّستها التّربويّة، منها انعدام خدمات النّظافة وندرة التّزوّد بالماء وقدم طاولات التّدريس التّي قالت إنّها تعود إلى العهد الاستعماريّ.

اقرأ/ي أيضًا: استمرار مظاهر الغشّ في الزّيارات الرّسميّة.. سخريّة شعبيّة

 

كان الوالي ينصت للمرأة المربّية باهتمام، فلما نسبت الطّاولات إلى العهد الفرنسيّ طالب بأن يراها. وداخل القسم رفض أن تكون الطّاولات قديمة إلى هذه الدّرجة؛ واستدار مغادرًّا؛ بينما كانت المعلّمة تواصل كلامها.

تناقلت مواقع التّواصل الاجتماعيّ هذا المشهد الذّي عُدّ إهانةً صريحة للمعلّمة ومن خلالها للطّاقم التّربويّ، فانهال قطاع واسع من الجزائريّين على الوالي بالشّجب لسلوكه ومطالبته بالاعتذار، بينما ذهب البعض إلى مطالبة الرّئاسة بإقالته.

يقول النّاشط الثّقافيّ عبد الرحمن يحياوي إنّ الوالي نسي أنّه في حرم تربويّ ويجب أن يضبط سلوكه وفق المعايير التّربويّة، "لأنّه يمثّل الدّولة ولا ينبغي أن يصدر عنه ما يدلّ على احتقار رجال ونساء التّربية في أوّل يوم للدّخول المدرسيّ. وعوضًا عن إهانته للمعلّمة كان عليه أن ينحني أمام نزاهتها وشجاعتها في نقل واقع مدرستها؛ فقد أعطته فرصة لأن يصلح ما هو فاسد".

ويواصل محدّث "الترا جزائر": "فهمنا من خلال الفيديو أنّ الرّجل تشنّج من نسبة طاولات المدرسة إلى العهد الفرنسيّ بما يوحي أنّ الجزائر المستقلّة لم تنجز شيئًا في هذا الميدان. لكن هل كان عليه أن يدحض هذا بتصرّف متعجرف يذكّر الجزائريّين بسلوك مسؤوليّ الاحتلال؟".

في السّياق، تساءلت أستاذة الإعلام والاتّصال في جامعة عنّابة حسينة بوشيخ "لماذا يعتقد أغلب الولّاة أنّهم حرس الدّولة وصورتها البهيّة دائمًا؟ لماذا يصوّرون أنفسهم أمام الكاميرات أكثر وطنيّة من الجميع والأحرص على تطبيق طقوس النّظام؟". وتخاطب حسينة بوشيخ الوالي مباشرةً: "كيف لم يهزّك حضرة الوالي أنّ معلّمة قضت ليلتها تنقّي الأقسام كي تجدها أنت نظيفة براّقة في الصّباح، وأزعجك أن تذكّرك بأنّ طاولات المدرسة العتيقة، تعبت وما عادت تتحمّل لأنّها ذكرى استعماريّة؟

وتختم بمقارنة دالّة: "بين القسم  الذّي زاره الوزير الأوّل، والقسم الذّي زاره الوالي تتلخّص مأساتنا في الجزائر منذ البداية".

هنا؛ ورد في تدوينة فيسبوكيّة للنّاشط إلياس عوامر أنّ الوالي الذّي انزعج من نسبة طاولة إلى زمن فرنسا؛ هو نفسه يشتغل في مكتب يضمّه مبنًى يعود إلى الزّمن نفسه.

وكتب الصّحافي إدير دحماني أنّ والي وهران تطاول على أستاذة معلّمة، رغم فشله هو ومصالحه في تهيئة مدرسة!. "المجد لهذه المعلّمة التّي ندّدت بفشل الوالي ومن معه ورأسها مرفوع. تحيّة لك لأنّك فضحت الفاشلين بلا خوف وبأدب ولباقة وأخلاق".

بينما خاطب الإعلامي بلال براهميّة والي وهران بالقول: "عليك بالاعتذار لعمّال قطاع التّربية، وقد أدرت  ظهرك لمعلّمة؛ ثم أرنا عرض كتفيك"؛ كنايةً عن مطالبته بالاستقالة.

الجزائريون باتوا يتحسّسون من كلّ سلوك رسميّ يذكّرهم بالمرحلة البوتفليقيّة

تؤشّر الحملة الشّعبيّة التّي مسّت والي وهران، وقبله بعض المسؤولين؛ على أنّ الجزائريّين باتوا يتحسّسون من كلّ سلوك رسميّ يذكّرهم بالمرحلة البوتفليقيّة التّي ثاروا عليها. فهل سيلتقط محيط الرّئيس عبد المجيد تبّون هذه الرّسالة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

"حراك ميمز".. ثقافة السخرية في مواجهة التعصّب السياسي

كورونا على حسابات الجزائريين.. كثير من السخرية، قليل من الجدّية