03-يونيو-2021

السلطة تعد بتجاوز الممارسات السابقة في الانتخابات (فاروق باتيش/Getty)

بينما لا تزال أصوات شعبية تدعوا إلى رفض المسار الانتخابي ومقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 يونيو/ حرزان المقبل في الجزائر، اختارت شخصية إعلامية وجمعوية وحزبية الانخراط والترشّح، سواءً ضمن قوائم مستقلة أو في قوائم أحزاب سياسية، رغم بوادر الرفض التي تحملها شعارات الحراك الشعبي، أو مقاطعة الأحزاب المعارضة لهذه الانتخابات، ووجود مخاوف بمقاطعة أغلبية الهيئة الناخبة لهذه التشريعيات كما في سابقتها.

برزت خلال مرحلة الترشيحات شخصيات مستقلة عن منظومة الحكم اختارت المسار الانتخابي

وفي ظلّ التجاذبات السياسية حول مسار التغيير والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي، تباينت مواقف الفاعلين السياسيين حول سبل تحقيق مطالب الحراك الشعبي الذي يتبناه الجميع، حيث برزت خلال مرحلة الترشيحات شخصيات مستقلة عن منظومة الحكم، اختارت المسار الانتخابي كآلية من آليات المساهمة في البناء المؤسّساتي، وتقديم إضافة نوعية للمؤسّسات البرلمانية عن قناعة وعزيمة في التغيير.

اقرأ/ي أيضًا: مترشّحون مقصيون.. فخّ المادة 200 في التشريعيات

 

في هذا السياق، لم يتردّد الإعلامي عجاج بلقاسم في إعلان عن ترشحه وتشكيل قائمة مستقلة في الدائرة الانتخابية ولاية تيبازة غرب العاصمة، هنا، يقول عجاج بلقاسم لـ "التر جزائر"، إن دوافع الترشّح تكمن في محاولة مساهمته في تحسين دور أداء البرلماني. 

وأضاف أن انتقاداتنا للبرلمانات السابقة وعجزها في أداء مهامها التشريعية والرقابية ما هو إلا نتيجة انسحاب النخبة والاطارات السياسية والجمعوية، مشيرًا أنه بحكم ممارسته العمل الصحافي الميداني فهو قادر على تمثيل الفئات الشعبية، والتوسط مع السلطة عبر قناة البرلمان لإبلاغ مشاغل واهتمامات قطاعات اجتماعية.

وعن طبيعة البرلمان القادم، يُضيف عجاج أنّ الرأي السائد هو أن البرلمان القادم سيكون من أسوء البرلمانات، مضيفًا أن ما لمسته من الواقع من خلال القوائم التي أعرفها أنها شخصيات تتمتّع بالكفاءة والخبرة والنزهة وقادرة على تمثيل الشعب ومساءلة الحكومة.

وبخصوص تشكيلة البرلمان القادم، يتوقع محدثنا إنه لن تكون هناك تشكيلة حزبية طاغية، مضيفًا "سيكون البرلمان مشكلًا من عدة تيارت وتوجهات، ويمكنها أن تشكل قوة ضغط على العمل الحكومي، والمساهمة في الدور التشريعي والرقابي". 

إرادة سياسية

في السياق ذاته، يشرح الأستاذ والباحث في العلوم الإسلامية يوسف مشرية، دوافع ترشّحه إلى وجود إرادة سياسية نحو الذهاب إلى التغيير المرحلي والمؤسّساتي، مضيفًا أن تجليات تلك العزيمة السياسية هي إقصاء كل من يشتبه فيه ارتباط بالمال الفاسد، كذلك تحديد العهدة البرلمانية.

وبخصوص قانون الانتخابات الجديد، يوضّح مشرية أنّه من شأنه أن يقطع الطريق أمام البزنسة وبالتالي التخلص من برلمان الرداءة والمال الفاسد والزبائنية، ويرى أن الدافع الإضافي للترشح، تكمن في رؤيته للعملية التغيير السياسي، على حدّ قوله.

الإصلاح السياسي بحاجة إلى عملية مرحلية متدرّجة، وأنه على النخب والإطارات وأصحاب الكفاءات اقتحام المجالس النيابية والمحلية والمساهمة في وضع أسس الإصلاح الوطني، إذ لا يمكن أن نقفز على سلم التغيير الذي يقتضي التضحية والمبادرة، يضيف محدّث "الترا جزائر".

أمّا بخصوص قدرة البرلمان القادم على أداءه دوره النيابي بـأكمل وجه، يقول الباحث، أنّه "إذا جرت الانتخابات في أجواء ديمقراطية وشفافة وابتعدت أذناب العصابة السابقة عن التزوير يمكن أن يحدث البرلمان القادم مفارقة في التاريخ السياسي الحديث"، معلّلًا قوله أن البرلمان القادم سيكون مُتكون من شباب جامعي، وخبرات وكفاءات ستساهم في التشريع وفق الإدارة الشعبية، وبإمكانه مرافقة الحكومة في تحقيق برنامج التنموي. 

وختم المتحدث أن الرهان الحقيقي يكمن في إعادة الثقة بين المواطن ومؤسّسات الدولة، التي عرفت قطيعة كاملة بسبب ممارسات السابقة، داعيًا الشباب إلى المشاركة الفعلية في مختلف العمليات السياسية.

تجربة لا بدّ منها

من جهته، اختار الناشط محمد تربات الانضمام إلى تشكيلة سياسية، بعد فترة من النضال الفردي والمشاركة في الحراك الشعبي، وعن دواعي ترشحه في الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث يقول إن الحياة السياسية لا تقبل الفراغ، وأنه لا بد من التعامل مع المستجدات وتحديد الأولويات، حيث تشكّل المشاركة في الانتخابات معايير تكشف عن صدق خطاب السلطة من عدمه.

وأوضح المتحدّث أن الترشح في قائمة حزب سياسي ستمكن له أن رؤية العمل النضالي الواقعي، والممارسة الواقعية للفعل السياسي، ي والاحتكاك بالفئات الشعبية وبالتالي التطوير الأداء السياسي الشخصي والجمعي، مقرًّا بأن قوائم المترشحين لم تَحمل نَفسًا جديدًا بشكلٍ شامل، على حدّ تعبيره.

وتعليقًا على ممارسات النظام السابق في التشريعيات الماضية، يرى تربات أنه لا تزال أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة محسوبة على النظام السابق متواجدة ضمن السباق البرلماني، معربًا عن أسفه عن تراجع ومقاطعات كوادر وشخصيات من الحراك الشعبي للعملية الانتخابية. 

أمّا عن البرلمان القادم قال المتحدث أن الأمر يتوقف عن نتائج الانتخابات، لكي تكون الرؤية متكاملة وواضحة، ويختم محدثنا أن العمل الرقابي مرتبط بوجود منظومة حكم ديمقراطية متكاملة من قضاء مستقل وصحافة حرة. 

 ستحدّد الأيام القادمة نوايا السلطة في الذهاب الحقيقي إلى انتخابات نزيهة وديمقراطية

وعلى العموم، ستحدّد الأيام القادمة نوايا السلطة في الذهاب الحقيقي إلى انتخابات نزيهة وديمقراطية كما تدّعي في خطابها، وهو خطاب مناسباتي غداة كل اقتراع السياسي لكي يبقى الرهان على المشاركة الشعبية أو مقاطعتها، وآداء البرلمانيين الجديد في المجلس الشعبي وتمثيلهم لصوتهم، على خلاف البرلمانات السابقة التي كانت تمثّل صوت السلطة داخل قبّة البلمان وتعبّر عن برامجها وتصادق على القوانين التي تقف ضدّ إرداته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التشريعيات الجزائرية.. ماهي فرصة أحزاب بوتفليقة في دخول البرلمان؟

بعجي: قوائم "الأفلان" في التشريعيات لن تفتح أمام الفاسدين